Thursday 1st may,2003 11172العدد الخميس 29 ,صفر 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

وداعاً أبو بنيان وداعاً أبو بنيان
أبو طلال عبدالكريم الشلالي

يكفي.. ليس لأن كلمة موت تغني عن كل الكلمات وليس لأن حروفها لا تنتظر مقدمة أو تعريفاً بل يكفي لأن القلم لم يعرف من أين يبدأ وأين ينتهي لذا نكتفي بيكفي.
اما أنا فلا أزيد على ما قاله الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز بسم الله الرحمن الرحيم {كٍلٍَ نّفًسُ ذّائٌقّةٍ المّوًتٌ} والآيات الدالة على ذلك كثيرة.. وأعوذ بالله من الشيطان الرجيم ان اكون من الكافرين او الجاهلين.
ولا أزيد على ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم «أكثروا من ذكر هادم اللذات».. والاحاديث الدالة على ذلك كثيرة ايضاً.. ولا أزيد على قول الشاعر كعب بن زهير:


كل ابن اثنى وان طالت سلامته
يوماً على آلة حدباء محمول

لأنه حق وحقيقة ثابتة.. ونهاية لا مناص منها ولا مهرب.. يخطف من حانت ساعته ولو كان في حضن امه او في برج مشيد.. لا رشوة معه فهو لا يعرف المحاباة أو الموالاة.. لا يميز أو يفرق بين صغير أو كبير.. ثري أو فقير.. أمير أو حقير.. لا يطرق الباب يأتي بلا استئذان.. كان لصباح الخميس الموافق 1424/1/17 في الساعة التاسعة والنصف صباحاً وقعاً آخر غير متوقع فقد كان ثقيلاً بثوانيه ودقائقه كثيبا حزينا باخباره.. فقد كنت متأهبا لزيارته ولكن زيارة سبقتني اليه فقد زاره صديقاً غير مرغوب فيه.
يا صديقنا وجارنا آلمني خبر وصول الزائر ل«سعود بنيان العتر» الذي يعمل في وزارة الكهرباء مديراً لأمنها الصناعي دون موعد مسبق ولا إعلان ليس في منزله الكائن بحي اليمامة جنوب الرياض بل ذهب اليه في مستشفى الشميسي ودخل مع البوابة الرئيسية للمبنى وانطلق يجوب الممرات باحثاً عن الغرفة رقم ثلاثة في الدور الثالث ليخطف سعود منا ومن زوجته وابنائه وبناته وكل من يحبه بل من دنيانا. لم يمهل جرحه الذي ما زال ينزف دما كي يلتئم حيث انه للتو خارج من غرفة العمليات بعد توسيع القالون الذي لم ينفع معه المنظار.. لم يمهله ليصلي بعد ان يهدأ البنج.. خطفه دون ان نودعه ودون ان يودعنا.. خطفه وترك شرخاً كبيراً في قلوبنا.. وفراغاً في شوارعنا.. خطفه وترك عموده الذي يتكئ عليه في المسجد يبكي شوقاً اليه.. خطفه قبل ان يسدد ديونه.. رحل وما زالت بقاياه ندية طرية.. صوت لا زال يرن في اذني غضا بالقرآن عذباً شجياً.. هذا مصحف.. وتلك سجادة تشكي للمحراب فقد صاحبها..
لا ادري هل اعزي اهلك فيك ام اعزي نفسي على فراقك واني لفراقك لمحزون. كنت لي نعم الصديق والرفيق والأخ الذي يعينني على طاعة الله فلست وحدي من يشهد بذلك وانما كل من عرف شخصك اتضحت له نواياك الطيبة وحسن معاملتك وخلقك ولا نزكي على الله احداً. اسأل الله ان يجمعني واياك بجنة عرضها السماوات والارض وان يلهم اهلك وذويك الصبر والسلوان وفي النهاية لا اقول إلا {إنَّا لٌلَّهٌ وّإنَّا إلّيًهٌ رّاجٌعٍونّ}.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved