Friday 2nd may,2003 11173العدد الجمعة 1 ,ربيع الاول 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

بعد تعهد أبو مازن بتنفيذ خارطة الطريق بعد تعهد أبو مازن بتنفيذ خارطة الطريق
التحديات تتواصل أمام الحكومة الفلسطينية الجديدة

* القاهرة - مكتب الجزيرة - عمر شوقي:
يبدو ان الولادة المتعسرة والصعبة التي واجهها تشكيل الحكومة الفلسطينية الجديدة، والتي امتدت حتى اللحظات الأخيرة لن تكون الازمة الاولى التي ستواجة الحكومة الفلسطينية الجديدة ولكنها ستواجه عدداً من التحديات الداخلية والخارجية الاخرى والتي تتلخص في عدد من الامور ابرزها التحديات الخارجية: من ابرز التحديات الخارجية التي ستواجهها الحكومة الفلسطينية الجديدة تطبيق خارطة الطريق الامريكية حيث أثبتت التجربة الفلسطينية الطويلة مع الإدارات الأمريكية المتعاقبة، انها لا تقوم بمجهودات فعالة خاصة إذا كان الأمر يتعلق بالضغط على إسرائيل.
ولقد كانت مجمل التحولات التي جرت في النظام السياسي الفلسطيني، بما في ذلك استحداث منصب رئيس وزراء أحد الاستحقاقات المقدمة لثقة الإدارة الأمريكية بطرح خطة الطريق، ورغم الموافقة الفلسطينية علي الخطة، ومطالباتها بطرحها بدون أي تغيير وتعديل لقطع الطريق أمام المطالب الإسرائيلية بإدخال أربعة عشر تعديلا جوهريا، من شأن الأخذ بها تغيير جوهري في الخطة فإن المسألة الرئيسية التي تواجه الحكومة الفلسطينية الجديدة هي ليست في طرح الخطة لأن طرح خطة الخريطة شيء وتنفيذها شيء آخر، ومن هنا فإن المطالبة بعدم قبول تعديلات عليها مع آليات للتنفيذ وجداول زمنية محددة، مع وجود رقابة دولية، أمر يتطلب تنفيذه وجود موازين قوى ضاغطة إلى جانب الفلسطينيين على إسرائيل لقبول الخطة أولا بدون إدخال تعديلات عليها، وفرض آليات للتنفيذ ثانيا.ولما كانت بعض المؤشرات توحي بأن الإدارة الأمريكية تبدي استعدادا للمضي قدما بطرح الخطة لإظهار نفسها في المنطقة بأنها لا تمارس المعايير المزدوجة تجاه قضايا المنطقة، فإن هذا الهامش يبدو محصورا في مدى زمني ضيق لا يتجاوز العدة اشهر أي لغاية شهر نوفمبر القادم بدء الحملة الانتخابية الرئاسية، حيث ستنشغل الإدارة الأمريكية بهاجس التجديد لها، وهنا يتحول فيها الضغط إلى أيدي القوى الداعمة لشارون وحكومته حيث لها النفوذ الأكبر وقوة الضغط الفاعلة لقدرتها على التأثير على مصادر التمويل والأصوات اللازمة للإدارة في حملتها الانتخابية.
وعليه فان الحكومة الفلسطينية وأمام استحقاق عبورها للمرحلة الأولى من تطبيق خطة الطريق والتي تتسم بأحادية الجانب والالتزامات على الجانب الفلسطيني لجهة تحقيق الأمن بنسبة مائة في المائة، فإنها ما أن تصل للمرحلة الثانية التي يتطلب فيها التزامات إسرائيلية تكون الإدارة الأمريكية قد دخلت في مرحلة الاستحقاقات الانتخابية الرئاسية والحاجة للتمويل والصوت الصهيوني، مما يعني أن الوضع مرشح للجمود والمراوحة في المكان، إلى انتهاء الانتخابات الأمريكية، وتسلم الإدارة الجديدة لمهامها سواء كانت الحالية أم أخرى ديمقراطية، وهذا يعني الجمود لغاية شهر ابريل عام 2005.
الدور الأوروبي
رغم الانقسام الأوروبي الحاد تجاه الموقف من الأزمة العراقية وأسلوب معالجتها، فإن الموقف الأوروبي يبدو موحدا والى حد كبير تجاه الحل على الصعيد الفلسطيني وقد كان الموقف البريطاني رغم انحيازه إلى جانب الإدارة الأمريكية في حربها على العراق فإنه حاول من خلال التأكيد على الحل السياسي على الجبهة الفلسطينية الإسرائيلية إيجاد الجسر الذي يربط بين الموقفين الأمريكي والأوروبي، لكن وبعد انتهاء الحرب وبروز قضايا خلافية أخرى تتصل بإعادة الأعمار في العراق والامتيازات النفطية وغيرها من المصالح التي تحاول الإدارة الأمريكية الانفراد بها والضغوط من قبل اللوبي اليهودي على الإدارة الأمريكية لاستبعاد أي دور أوروبي بعد إطلاق خارطة الطريق، فإن الدور الأوروبي يبدو انه لن يكون حاسما ومقررا في مسار التأثير على تطبيق خارطة الطريق، وهو الدور الذي يعول عليه الفلسطينيون للموازنة مع الدور الأمريكي المنحاز بالكامل لإسرائيل. وبالتالي فإن المراهنة من قبل الحكومة الفلسطينية على دور أوروبي فاعل ومؤثر لجهة التأثير على مسار تطبيق خارطة الطريق سيواجه بعدم الرغبة والاستعداد الأمريكي لقبول هذا الدور أولا، ولعدم قدرة أصحابه على الضغط الفاعل على الإدارة الأمريكية ثانيا، وعدم قبول الجانب الإسرائيلي وهو المهم لهذا الدور إلا في حدود معينة لا تخرج عن نطاق دور الشاهد.
التحديات الإسرائيلية:
الحكومة الإسرائيلية الحالية بقيادة شارون من حيث التركيب والبرنامج، وما هو معلن وممارس وظاهر في سياستها يوحي بقدر كبير من الوضوح الذي لا لبس فيه بأنها ليست على استعداد للمضي قدما بأي حل سياسي إلا في حدود انطباق هذا التحرك للحل التاريخي القائم على فرض حكم ذاتي للسكان وليس على الأرض للفلسطينيين وفي حدود مناطق سكانية منعزلة، تعيد إلى الذاكرة نظام الابارتهايد السابق في جنوب أفريقيا، ورغم الاستعداد اللفظي من قبل شارون وبعض أركان حكومته للتطبيق المشروط لخارطة الطريق وفقا لفهمهم وللتعديلات المقترحة من جانبهم، فإن المرونة التي يبديها شارون الآن، تأخذ بعين الاعتبار عامل الوقت، والحذر من الاصطدام مع إدارة خارجة من حرب منتصرة يصعب الضغط عليها داخليا، لذلك فإن شارون وأركان حكومته، وما أبدوه من تدخل سافر أثناء أزمة تشكيل الحكومة الفلسطينية سواء بمواصلة سياسية الاغتيالات والتوغلات العسكرية والإغلاق الشامل وغيرها من الممارسات، إضافة إلى إطلاق التصريحات التي تبدي فيها استعدادها للتعاطي مع رئيس الوزراء المكلف واستبعاد الرئيس عرفات وعزله، وبما يوحي بأنها تقف إلى جانب طرف ضد الآخر.غير إن تجاوز مسألة التشكيل الحكومي الفلسطيني الذي مع إطالة فترته الزمنية أتاح لإسرائيل الفرصة لكسب الوقت وتأجيل الضغوط التي قد تسلط عليها للقبول بإطلاق خارطة الطريق من جهة، ولإعادة تقييم الأوضاع ما بعد الحرب على العراق وكيفية التعامل مع الوضع الناشئ في المنطقة في ضوء الادعاءات السابقة بأن العراق كان يشكل تهديدا استراتيجيا لها.لذلك فإن الاستحقاق الأولي الذي يواجه حكومة شارون بقبول خارطة الطريق من الممكن تحمله حتى لو أدى الأمر إلى تغيير خارطة التحالفات فيها وخروج القوى المتطرفة منها أمثال ليبرمان وأيتام، ودخول حزب العمل للحكم كبديل عنهم وقد بدأت تعطى مؤشرات من قبل كلا الطرفين شارون وميتسناع بالاستعداد للتحالف على قاعدة تطبيق خارطة الطريق.
غير ان هذا القبول والتعاطي سيبقى محصورا في إطار المرحلة الأولى من تطبيق الخطة، والتي لا تحمل استحقاقات إسرائيلية كبيرة بل على العكس إن إسرائيل تطلب تنفيذا أحادي الجانب والتزامات فلسطينية لا يقابلها التزامات إسرائيلية، وهي في هذا الإطار أي الحكومة الإسرائيلية ستحاول إطالة أمد هذه المدة بأكبر قدر ممكن من الوقت لاستنفاد الوقت أمام الإدارة الأمريكية ووصولها أمام الاستحقاقات الانتخابية، علاوة على أنها لن تتوقف عن ما تسميه المطاردة الساخنة أي العمليات العسكرية داخل المناطق الفلسطينية، مما يضع الحكومة الفلسطينية أمام تحديات من نوع آخر وهو عدم قدرتها على ضبط الأمن بالمفهوم الذي تريده إسرائيل وترغب به كمتطلب أساسي للانتقال لتطبيق المرحلة الثانية من خطة الطريق، وبالتالي يصبح شأن خطة الطريق ومصيرها مع مرحلة الجمود ليس بأفضل حالا من مصير تقرير ميتشل ومشروع تينت.
أما أبرز التحديات الداخلية التي تواجه الحكومة الفلسطينية المقبلة فهي مسألة الصراع بين الرئاسة الفلسطينية ورئاسة الوزراء وهو الصراع الذي نشب وبقوة أثناء التشكيل الوزاري وكان اختباراً للقوى، والطريقة التي حسم فيها الصراع عبر تسوية تدخلت فيها أطراف دولية وإقليمية وعربية، توحي بأن مؤسسة الرئاسة مازالت تتمتع بنفوذ قوي ومؤثر في المؤسسة الفلسطينية، وان الرهان على تهميشها وعزلها لا يبدو هدفا واقعيا وقريب المنال والتحقق. وبالتالي فإن التعايش لاحقا بين المؤسستين لا يبدو انه سيتواصل على طريق مفروش بالورود، بل انه سيصطدم مجددا بالرغبة عند الطرفين بتأكيد الذات والصلاحية، رغم إن الصلاحيات التي أعطاها التغيير الدستوري في النظام الأساسي تبدو واضحة في بعض الجوانب، وعائمة ومطاطة في جوانب أخرى. بالإضافة الي التحديات مع التيار الديني الأصولي والذي سيواصل سياسته بفرض الأمر الواقع من خلال استفادته من مواصلة الاعتداءات الإسرائيلية وسياسة التوغلات والاعتداءات اليومية على المواطنين واغتيال الكوادر والنشطاء منهم، مما يعطيهم المبرر الأخلاقي والسياسي تحت شعار الدفاع عن المواطنين والنفس ضد الاعتداءات الإسرائيلية من إنهاء حالة ازدواجية السلطة وفرض الأمر الواقع، ومحاصرة والضغط على السلطة وتقييد يديها من محاولة اللجوء للحل الأمني معها وخاصة في قطاع غزة.
وخاصة ان الحل الأمني بمعزل عن بنية قانونية تستند إلى استقلال القضاء وسيادة القانون سيقود إلى نوع من الاقتتال الداخلي وهو الهدف الذي سعت له إسرائيل دائما، من اجل إنهاء وإنهاك كافة الأطراف الفلسطينية.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved