Friday 2nd may,2003 11173العدد الجمعة 1 ,ربيع الاول 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الدعوة بين المظهرية والفوضوية الدعوة بين المظهرية والفوضوية
نورة بنت عبدالله الدامغ ( * )

الدعوة إلى الله أحسن كلمة تقال في الأرض وتصعد في مقدمة الكلم الطيب إلى السماء مع العمل الصالح الذي يصدق الكلمة ومع الاستسلام لله الذي تتوارى فيه الذات، قال الله تعالى: {وّمّنً أّحًسّنٍ قّوًلاْ مٌَمَّن دّعّا إلّى اللّهٌ وّعّمٌلّ صّالٌحْا وّقّالّ إنَّنٌي مٌنّ المٍسًلٌمٌينّ (33)} [فصلت: 33] ... والمسلم بعد ذلك مكلف بالدعوة قال تعالى: {قٍلً إنٌَي لّن يٍجٌيرّنٌي مٌنّ اللهٌ أّحّدِ وّلّنً أّجٌدّ مٌن دٍونٌهٌ مٍلًتّحّدْا (22) إلاَّ بّلاغْا مٌَنّ اللهٌ وّرٌسّالاتٌهٌ...} [الجن: 22 ـ 23] ... إذاً ليست تطوعاً يتقدم به صاحب الدعوة إنما هو التكليف الذي لا مفر من أدائه، فالله من ورائه.. ذكر ذلك سيد حسين العفاني في كتاب صلاح الأمة في علو الهمة..
وأحسب أن المسلمة لابد لها من استناد عميق في دعوتها بعد كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم إلى حكمة وعلم شرعي مؤصل بعلماء ربانيين تستند فيه ومعه إلى المشاورة والمناقشة بالحسنى واتباع للحق حيث كان، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «استرشدوا العاقل ترشدوا ولا تعصوه فتندموا» رواه الترمذي..
والفطنة من الذكاء وطول الخبرة والاستقلال بالرأي مع الشجاعة والصراحة في إبداء الرأي من أهم صفات أهل الشورى إذا استقاموا على دين الله حتى ولو كان ذلك من صغار السن لكن لابد والحال كذلك من انتشار قدوات صالحات في مجتمعاتنا يحملن هم الدعوة والتبليغ قد ألزمن أنفسهن بأركان رئيسية للدعوة والقدوة أصولها ثلاثة على رأي فضيلة الشيخ صالح بن حميد حفظه الله : الصلاح أولاً الذي عماده الإيمان والعبادة والإخلاص.. حسن الخلق ثانياً وجذوره بالصدق والصبر مع الرحمة والتواضع والرفق.. أما الأصل الثالث فهو موافقة القول العمل.. وكم هو حري بأخواتنا الفاضلات الانتباه لهذه الشروط في القدوة والأخذ بها لنصل إلى ذروة العطاء وثمرة القطاف النجاح بالدارين..
ومما يؤلم النفس أن هناك وسائل تهدم هذا الكيان الدعوي في النفس تدريجياً وتخبو بالتالي جذوة الحماس.. انتشار فوضوية ومظهرية داخل هذا الصرح في كيان بعض المنتميات للعمل الدعوي.. وهما عاملات إن سلم العمل الدعوي من لحوقهما كتب له إن شاء الله الثبات والمصداقية مع النفس والناس من أروع صور الإخلاص بالعمل.. وحتى يصبح جديراً بالتمكين والاستمرار وإعطاء نتائج واسعة مثمرة لابد من علو الهمة والطموح البناء مع الجد والصبر والعلم، وامتثال صدق السلف في عملهم.. هذا عمر بن الخطاب يخرج إلى الشام ومعه أبو عبيدة فأتوا إلى مخاضة وعمر على ناقة فنزل عنها وخلع خفيه فوضعهما على عاتقه وأخذ بزمام ناقته فخاض بها المخاضة، فقال أبو عبيدة: يا أمير المؤمنين!! أأنت تفعل هذا؟! تخلع خفيك وتضعهما على عاتقك، وتأخذ بزمام ناقتك وتخوض بها المخاضة؟؟!! ما يسرني أن أهل البلد استشرفوك!؟.
فقال عمر: أوه!!! لو يقول ذا غيرك أبا عبيدة جعلته نكالاً لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، إنا كنا أذل قوم فأعزنا الله بالإسلام فمهما نطلب العز بغير ما أعزنا الله به أذلنا الله.. درس عظيم من صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم درس بالثقة بالنفس وهو أساس بناء الشخصية المسلمة.. إنك أيتها الداعية قائدة تعلمين وتربين وتؤثرين.. إن العزة تنبع من داخل الإسلام لا من خارجه فاتركي هذه المظهرية القاتلة التي تدمر العزة في نفسك والثقة بالله وبحكمه، قال الرسول صلى الله عليه وسلم في رواية للبخاري ومسلم وأحمد في مسنده: «قد كان فيما مضى قبلكم من الأمم أناس محدثون فإن يك في أمتي أحد منهم فهو عمر بن الخطاب».. قال تلك المقولة أبو عبيدة ولا يخفاكم من هو أبو عبيدة إنه أمين هذه الأمة ما قالها عن هوى أو حظ نفس.. أراد مصلحة الأمة انه رجل قائد يريد عمر بن الخطاب عزيزاً مكرماً أمام الروم والناس والجند لكن عمر لم يرد إلا رضوان الله تعالى إنه لم ينظر إلا لمصلحة الأمة وهو جزء منها..
اقلعي أختاه عن تتبع صيحات الناعقين فهذا الجمال الشكلي لن يغنيك من الله شيئا.. إن كان جمال روحك قد دفن.. ولنحذر أن تقودنا المباحات إلى احتقار من لم ينعم عليه.. ولا تكون همومنا محصورة بزينة وخلافها.. فالهم الأكبر هو انتزاع حب هذه الروح لزينة الحياة الدنيا وأخذها بالترويض لتتعلق بحب رب العباد وشرعه وحكمه.. الله أكبر..كم ممن استقاموا على شرع الله غرته هذه المظهرية.. وأخذت جوانب حياته تدريجياً تمتلئ بها حتى تصل غمارها إلى القلب ولا حول ولا قوة إلا بالله.. وما هي إلا سنوات قليلة حتى نرى تلك النفس وقد اشرأبت بحب الدنيا.. ويبقى طريق الإصلاح عليلاً.. والأطم من ذلك وأنكى الذين ابتلوا بفوضوية في حياتهم وما أحرانا أن نعالج فوضوية أعمالنا قبل فوات الأوان.. وموت الهمم وقتل الطموح وإعاقة بعد ذلك يحمل صاحبها بدل أن يحمل هموم الأمة ويعالج شؤونها.
الآن نرى صوراً لهذه الفوضوية أثرت في حياة بعض الناس.. فكم من عابد خبا نجمه بفوضويته، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل»..
الآن نرى صوراً لهذه الفوضوية أثرت في حياة بعض الناس.. فكم من عابد خبا نجمه بفوضويته، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل».. وكم من مسؤول بيت ضيع من يعول بسبب فوضويته، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «خياركم خياركم لأهله وأنا خيركم لأهله».. وتارة أخرى مع الناس يضيع حقوقهم ويتجاهل مسؤوليته معهم تتراكم عليه الأعمال فيفرط ويضيع ثم ينفرط طريق الإصلاح قال الرسول صلى الله عليه وسلم «ألا أخبركم بأقربكم مني منزلاً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً وأبعدكم مني منزلاً يوم القيامة الثرثارون والمتفيهقون والمتشدقون»..

( * ) عنيزة

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved