Saturday 3rd may,2003 11174العدد السبت 2 ,ربيع الاول 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

المنشود المنشود
كمامات الفجر!!
رقية الهويريني

في خلسة من الفجر... النهار يتأهب للظهور..
أبو ياسر وزوجته وابنهما الصغير على عتبات مستشفى (اليمامة) بالرياض
ومن يتجشم الذهاب للمستشفى في ذلك الوقت سوى المضطر؟!!
نوبة ربو حادة اضطرت والدي ياسر للإسراع به إلى المستشفى لاستنشاق البخار في قسم الطوارئ.. تفاجأ الوالدان بخبر غريب من الممرضة وهو عدم وجود (كمامات) بالمستشفى! لذا فإنه يلزمهما احضار كمامة للاستفادة من البخار.
خرج الأب هلعاً يبحث عن صيدلية لأخرى عن كمامة تنقذ بعد الله حياة طفله! وفي هذه الأثناء صدح أذان الفجر معلنا أوان رحيل الليل ومجيء النهار، ووقف الأب على عتبات صيدلية مغلقة (لأداء الصلاة).
وما أخالك تجهل شعور الوالد عيناه يرسلهما تلقاء الصيدلية أما قلبه فكأنما أنبت له جناحين فهو يخفق طائراً نحو المستشفى تارة وبين أضلاعه تارة أخرى!!
يمر الوقت بطيئاً على أم ياسر، والطفل يستجدي أنفاسه! فما يجد غير أحضان والدته تضمه تارة وتشفق عليه من الاختناق تارة أخرى فتضعه على السرير، وتهرول نحو الباب وما تلبث ان تعود لاحتضان طفلها.
بتثاقل يعود الصيادلة إلى مخازن أدويتهم التي جمعت فيها سيناريوهات التجميل بجانب الأدوية وحفائض الأطفال ولكنها تخلو عادة من الكمامات! هكذا تم إبلاغ أبي ياسر بيد أنه استمر في البحث دون جدوى! فقفل عائداً إلى المستشفى بعد رحلة البحث الشاقة الفاشلة وفي طريق العودة قادته عاطفته لإحدى الصيدليات القريبة من المستشفى التي كانت مغلقة قبل الفجر فوجد لديها كماً هائلاً من الكمامات بمختلف المقاسات، وحين تساءل -وهو في عجلة من أمره- عن سبب وجودها في هذه الصيدلية بالذات أبلغه البائع أنه - في الآونة الأخيرة- ازداد الطلب عليها لذا قام بتوفيرها «رحمة» بالمحتاجين إليها من المرضى!!
نقد أبوياسر البائع المبلغ وتسلم (الكمامات) والشمس تملأ الأرض نوراً وأملاً على نقيض قلب أم ياسر الذي أصبح فارغاً ولسانها ذاكراً وهي ترنو إلى ابنها وهو شاخص ببصره تسترجع مناغاته حين كان صغيرا، وعباراته الشائقة وهو يلثغ بحروفها يتضوع صحة وإشراقا يملأ البيت حبوراً كما تمتلئ الآن عينا والدته دمعا فتكفكفه وتستغفر ربها على ضعفها وتشكو له قلة حيلتها.. وبينما أنفاس الطفل تأبى مغادرة صدره الصغير وهو يتفصد عرقاً ويزداد شحوباً!! يصل الأب مصطحباً الكمامة فتقوم الممرضة بتوصيلها وتضعها على أنف وفم الصغير حينها بدأت الحياة تتدفق في جسده بعد ان كاد يفقدها والأم تنخرط في بكاء مؤلم وزوجها بقربها يدرك شعور زوجته وحرقتها فهذا طفلهم الوحيد والأخير الذي نجا من مشاكل حمل وولادة متكرر لوالدته فاكتفوا بالله واليا رائفا بضعفهم وبهذا الطفل مؤنساً لوحدتهم.
وفي اللحظات التي بدأ الصغير بها يستعيد أنفاسه يدخل طفل - مع والدته- يعاني من أزمة ربو حادة فتتلقى والدته التعليمات بقسوة من الممرضة حول ضرورة احضار كمامة ليستفيد ابنها من العلاج حيث أنها غير متوافرة في قسم الطوارئ فيسقط بيدها هل تترك صغيرها وتذهب لشراء كمامة أم تأخذه معها إلى أقرب مستوصف أهلي حيث تتوافر العناية الفائقة لاسيما عند حالات الطوارئ!!! وأثناء جدالها واستجدائها الممرضة يدس أبوياسر يده في جيبه ليخرج كمامة جديدة كان قد اشتراها (تحسباً) للنوبة القادمة إلا أنه رأى أن يسلمها لأم الطفل ويرجو منها أن تدعو لابنهم المريض ان يشفيه الله ويحفظه ولايعود بحاجة للكمامة ولا بحاجة لمراجعة مستشفى اليمامة بضعف إمكانياته وسوء خدماته وصلف ممرضاته!!!.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved