تبرير العدوان الإسرائيلي

لن يفيد السلام أن يتم تصنيف المجازر ضد الأطفال والنساء والشيوخ، مثلما تفعل إسرائيل بصفة يومية، على أنها دفاع عن النفس بينما يجري وضع الدفاع عن الأرض والعرض في باب الارهاب.
ففي معرض تعليقها على المجزرة التي ارتكبتها إسرائيل الخميس في غزة ألمحت واشنطن إلى أن لاسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها لكنه استدركت بالقول إنها تحث إسرائيل على اتخاذ كل الاحتياطات للحيلولة دون مقتل المدنيين.
وجاءت المجزرة الاسرائيلية بعد ساعات من تسلم الفلسطينيين وإسرائيل خارطة الطريق الأمر الذي اعتبره الكثيرون بمثابة رد إسرائيلي على خطة السلام هذه التي تنص من بين أمور عديدة على إقامة دولة فلسطينية بحلول عام 2005م.
ويكفي أن تسمع إسرائيل مثل هذا الكلام حول «الدفاع عن النفس» لتزداد تشدداً وقمعاً وابتعاداً عن السلام.. ويتخذ مثل هذا الطرح للمشكلة وضعاً خطيراً وخصوصاً عندما يكون صادراً من دولة مثل الولايات المتحدة تتصدر مبادرة خارطة الطريق التي أسهمت في إعدادها أطراف أخرى.
لكن بين كل هذه الأطراف يبقى للولايات المتحدة وزنها الكبير والمؤثر ولهذا فإن تصريحاتها ستصبُّ مباشرة في خانة دعم إسرائيل التي ستستغلها على الفور.
وفي ظل السعي الجديد نحو السلام على ضوء «خارطة الطريق» فالمتوقع هو أن إسرائيل ستسعى لنسف هذه الخطة من أساسها طالما انها تتضمن إقامة دولة فلسطينية ووقف بناء المستعمرات اليهودية.. خصوصاً وأن جُلَّ التأييد الذي تحظى به حكومة شارون يعتمد على تمسكها بالمستعمرات ومواقفها المتصلبة من إقامة الدولة الفلسطينية.
ويعني غياب الضغط الأمريكي على إسرائيل أن واشنطن تسهم مباشرة في تدهور الأوضاع حيث تتشجع إسرائيل وتزيد من وتيرة القمع وعندما يهبُّ الفلسطينيون للدفاع عن أنفسهم فستنصبُّ عليهم اللعنات من العواصم المؤيدة لاسرائيل.
ومع استفحال التدهور بسبب هذه الأخطاء يتم إطلاق الاتهامات بالارهاب في كل صوب في حملات يدعمها استعراض القوة العسكرية وتهديد الذين يحاربون إسرائيل المعتدية، ومن ثم يُصار إلى ترتيبات جديدة الأمر الثابت فيها هو الحفاظ على إسرائيل على ما هي عليه.. معتدية ومتطاولة ومحتلة لأراضي الغير، ورافضة لكل سلام لا يتضمن حفاظها على ما سرقته وما اغتصبته من أراضٍ عربية.