Tuesday 6th may,2003 11177العدد الثلاثاء 5 ,ربيع الاول 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

في ما يسمى حدوث العنف والقتل في مجتمعنا في ما يسمى حدوث العنف والقتل في مجتمعنا
لسنا كغيرنا لكننا نهتم بالأمر
الحلقة الأولى
يوسف بن محمد العتيق

تمهيد
استيقظ المواطن السعودي - وشقيقه المقيم - في الآونة الأخيرة على مجموعة من الأحداث المؤسفة التي نشرتها وسائل الإعلام المحلية وقامت بنقلها وسائل الإعلام العربية والعالمية وهي أحداث وأخبار ومواقف لا يختلف اثنان في كونها مقلقة بل ومقلقة جداً، وهي تدور في فلك القتل العمد بشقيه «الإرهابي او العدواني الشخصي» او الانتحار والمشاجرات العنيفة التي يكون فيها السلاح الأبيض أو السلاح الناري حاضرا بين الخصوم مع كل أسف.
وهذه الأخبار التي حدثت في فترة متقاربة وقصيرة بالنسبة لبلد مثل المملكة العربية السعودية الذي لم يتعود على سماع مثل هذه الأخبار إلا في حالات قليلة وفي أوقات متبانية هي في دول أخرى تعد من قبيل الحوادث اليومية المعتادة إن لم تكن من الطبيعية غير المستغربة!!.
حقيقة وبكل أمانة حين اتصفح هذه الأخبار من خلال الصحف أو شبكة الإنترنت وبقية وسائل الإعلام أو أتحدث فيها مع الزملاء أجد الامتعاض والحزن واضحاً لدى الجميع مع عدم القرابة بين من حصلت لهم هذه المآسي وبين من يسمع الخبر أو يقرأه لكنه المجتمع المسلم الواحد والجميع مهتم لسماع هذه الأخبار وواثق بالله ثم بأن المسؤول ورجل الأمن يجعل حل مثل هذه النوازل في أول أولياته.
ليس كذباً أو مبالغة أو مجاملة لرجال الأمن حين يقول أحدنا: أن هذه الأخبار غريبة على مجتمعنا السعودي الذي لم يتعود على سماع هذه الأخبار إلا بشكل حولي بين الحادثة وأختها مدة ليست بالقصيرة.
ورجل الأمن السعودي لا شك أنه تعاطى مع هذه القضايا بالدرجة المناسبة التي تستحقها دون تهوين من شأنها وكذلك دون إعطاء الخطأ أكبر من حجمه.
الحوادث وجدت ويجب التعامل معها
لكن وبعد أن وجدت وحدثت هذه الأمور المقلقة وبغض النصر عن حجمها «كماً وكيفاً» لا بد من وقفة تأمل في هذه المشكلة التي يجب ان تحظى باهتمام الجميع كل بحسب مسؤوليته وموقعه.
كما أنه ليس عيبا أن يهتم المختصون بمثل هذه الأمور ويدرسوها بشفافية عالية، وهل نحن مجتمع معصوم حتى نظن - أو يظن بنا - السلامة من هذه المظاهر التي أصبحت عالمة في ضوء حوادث يمر بها العالم جعلت رسالة الصخب واللجيج وعلو الأصوات والقلق تعلو على كل رسالة.
لا يوجد في القاموس حالات فردية
وفي البدء وقبل كل شيء لا بد من التذكير بأن المقولة التي تذكر أحياناً أن مثل هذه الحوادث والمصائب «حالات فردية» يجب أن تلغى من القاموس لأن النظر الى أن أي سلوك منحرف إذا نظر له على أنه حالة فردية دون النظر في العلاج تتطور وتنمو الحالة الفردية حتى تصبح في يوم من الأيام «حالة جماعية» لا سمح الله.
وأنا أعلم وأجزم أن كل قارئ لهذا الكلام يتفق معي على أن هذه الأخبار مقلقة لنا جميعا وأنه يجب الحل والنظر فيها بعين الحزم والمبادرة بالعلاج.
لذا كان الموضوع الأهم هنا هو تشخيص العلاج وذكر الحل - أو الحلول - التي من شأنها تصحيح واقع المجتمع.
دون تهويل أو تقليل
ولعل من المؤسف والمؤسف جداً أن يأتي كاتب هنا أو هناك فيهذي بما يؤذي أو يهرف بما لا يعرف فيعلق على بعض الأحداث بأكبر من حجمها فينتقد بطرق تدل على نفسيه أقل ما يقال عنها أنها حاقدة تتصيد الأخطاء ومن خلال رؤيتك للناقد وأسلوبه تستطيع ان تعرف هل هو ناقد أم حاقد.
كما انني لا ادعو لأن يكون النقد مدبجا بالثناء والمدح بل ادعو للنقد الصادق الذي يفيد ويوجه ولا يكون فيه حظ للشيطان والعدو.
نعم نحن لا ننكر ان هناك حوادث تقلق الجميع الجامع بينها القتل وترويع الآمنين من مواطنين ومقيمين، لكننا في الوقت نفسه نعلم يقينا ان كل مواطن محب غيور لارض الحرمين واثق من ان ما حدث هو جزء مما يحدث في سائر العالم، وانه لو عملت النسب المئوية لكانت بلادنا من أقل دور العالم في الجريمة بدون أدنى شك، ومن أجل هذا لما طفت بعض هذه المظاهر على السطح هب الجميع قيادة ورجال أمن ورجالات أمن ورجالات التعليم والإعلام لدراسة هذه الظواهر ومن ثم مناقشتها بطرق موضوعية وعلمية لأن هذا المنهج هو النهج الأمثل في تجاوز كل نازلة تصيب الوطن والمواطن.
قبل الحلول تذكروا
وقبل ان ألج في هذا الموضوع المهم اجدني ملزما بذكر بعض الجوانب المهمة ذات الصلة بموضوعنا.
الباحث عن الحق ومن يحترم نفسه، ولا يريد أن يكون مطية لأهواء الآخرين يجب عليه ان ينظر الى هذه الأمور بمنظار الشرع، ثم بمنظار من ولاه الله - سبحانه وتعالى - المسؤولية، لأنه الأقرب للحدث وهو المسؤول الأول عنه، وعليه تكبير بعض وسائل الإعلام لمثل هذه الحوادث معروفة دوافعه، ومعروفة مقاصده ونحن نقول لها: من حقكم أن تنقلوا هذه الأخبار للعالم فوطننا محط أنظار الجميع «لكن!!» أليس من حق المواطن في كل الوطن العربي أن يعرف أخباراً هي أهم وأكبر وأعظم أثراً من هذه الحوادث وبخاصة ان «الأخبار الأقرب لكم» عالمية الأثر، وأخبارنا محلية الصنع، فهل نستطيع الجمع بين هذا وذاك؟!.
لا تزر وازرة وزر أخرى!!
* وعلى ذلك فكل من له صلة أو قرابة بمن وقع في ما يخالف الشرع فهو لا يسأل إلا عن نفسه وكلنا يعرف أن بعض أبناء الأنبياء لم يسيروا على طريق آبائهم فالهداية من الله، وكل فرد يوم القيامة لا يحاسب إلا على عمله.
ويعجبني هنا الموقف الكبير لصاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود وزير الداخلية السعودي حينما استقبل والد المواطن السعودي الذي اختطف الطائرة وأعطاه كلمات في غاية الروعة وكان من جملة ما قال: إننا نرغب أن يقوم أحد اشقائه في مكانه في العمل العسكري، لا شك ان مثل هذه المواقف تزيد المواطن حبا وصدقا وولاء لبلده.
لا بد من التكاتف
التكاتف وقت الفتن والمصائب هو الواجب الشرعي أولاً ثم الوطني، ولو ان كل مواطن حصن نفسه ووطنها بالوقوف في وجه كل فكر وافد او منطق اعوج لكان الأفكار المنحرفة لا تتجاوز عقول أصحابها.
وقال صلى الله عليه وسلم «يد الله على الجماعة».
ولا بد أن تكون الجماعة تحت لواء ولي الأمر الذي يجري الله سبحانه وتعالى الأحكام الشرعية على يديه، وهو الأداة التي تصل من خلالها الحقوق لأصحابها، فهو ولي الأمر الذي له حق البيعة والسمع والطاعة في غير معصية الله، وعليه الواجبات التي فرضها الله عليه.
نشر الشائعات وتفزيع الآمن
أين موقعه في الشرع؟
وهنا سؤال «أكرر» سؤال لأن الرأي الأخير في هذا الموضوع عند علماء الشرع ومن يبحث في الجوانب الأمنية، وهذا السؤال هو: في مثل هذه المواقف وعند حصول هذه القصص، ما حكم من يروي كل ما يسمع وينشر الكلام الصحيح كما ينشر الشائعات والأغاليط؟
وهم لا يعرفون شيئاً اسمه التثبت او التروي والتأكد؟
هل هؤلاء سالمون من الحرج والإثم الشرعي؟
وفي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال: «كفى بالمرء كذبا ان يحدث بكل ما سمع» وفي رواية «كفى بالمرء إثما ان يحدث بكل ما سمع» فالحديث وضح أن من يروي كل ما سمع داخل في دائرة الكذب، فهل يدخل في هذا المجال من يروي الشائعات ويقلق الجميع بأخباره؟!.
السؤال مطروح لأهل العلم والفقه.
السكوت ولزوم البيوت
وعلى ذكر نشر الشائعات وما يجري وقت الفتن من بعض الناس بقصد او بدون قصد حفظ لنا تاريخنا موقفا لطيفا وطريفا جرت فصوله في آواخر القرن الخامس الهجري، حيث وجه أهل بلدة سؤالاً لأحد العلماء عن الواجب عليهم فعله عند حلول الفتن، فأجاب هذا العالم وهو الحسن البغدادي بجواب أصبح كتاباً، والجميل ان المؤلف جعل كتابه هذا تحت عنوان «الرسالة المغنية في السكوت ولزوم البيوت» وكأنه أراد أن يقول إن من لم يكن قريبا من الحدث فالواجب عليه ان يلتزم الصمت والبيت ولا يشغل نفسه والآخرين بنقل حدث او حديث قد تكون العاقبة سيئة.
لكن لو قلت لبعض من في عصرنا ممن يروي الكلام دون وجه حق او مسؤولية لو قلت له بأهمية ضبط اللسان، ماذا سيقول لك وعنك؟!.
الجميع مسؤول!!
في زحمة توزيع وتقسيم البعض لمن يتحمل المسؤولية في هذا ما بين حكومة أو مناهج تعليم او فكر متطرف وافد أو أولياء الأمور حاول قدر المستطاع ان تعرف ما الذي تعمله ليكون كل فكر وسلوك منحرف بعيد عنك وليكن هذا شغلك الشاغل، فلو كل فرد في المجتمع فكر في نفسه أكثر من تفكيره في من يتحمل المسؤولية لكان وضع مجتمعنا افضل بكثير، وقريب من هذا ان نشغل انفسنا في جدل عقيم ولا قيمة له، مثل: هل هذه الحوادث ظاهرة او نادرة او قليلة او كثيرة، الواجب التفكير في الدراسة والتأمل في كيفية تقديم أنسب الطرق لمجتمعنا.

للتواصل:
فاكس: 2092858

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved