Tuesday 6th may,2003 11177العدد الثلاثاء 5 ,ربيع الاول 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

وصفتها بأنها أسمى من ذلك وصفتها بأنها أسمى من ذلك
الحياة الزوجية ليست «أعطني حقوقي أعطك حقوقك»
أمل راشد / عنيزة

في مرحلة الشباب يبدأ كل شخص برسم صورة (النموذج) لشريك الحياة وذلك على حد سواء في الشاب والفتاة وقد تكون هذه الصورة متجاوزة إلى ما فوق المثاليات أو تقل إلى درجة التطابق التام بين الشخصين.. أو ان يرسم المرء من تجاربه الشخصية -مما رأى وشاهد من المجتمع المحيط به- أسلوب التعامل الذي سيحتذيه وان لم يكن قائماً على أسس ومبادئ علمية واجتماعية صحية كلها أفكار وأفكار تغرق صاحبها في بحر الخيال.. حتى يصطدم بموج الواقع ومن هنا تبدأ مشاكله الاجتماعية والنفسية من بداية مشواره الأسري واسمحوا لي ان أقول لمثل هؤلاء ان التخطيط للمستقبل لا يجب ان يصل إلى مرحلة الخيال وإلى مستوى ما فوق المثاليات، نعم كلنا نسعى إلى الكمال لكن لن نصل إليه أبداً، فالمرء منا تركيبة من العيوب والميزات تختلف في نسبتها بين الأفراد واختيار شريك الحياة إنما يكون مبنياً على قواعد أساسية، هذه القواعد لها شروطها ومواصفاتها من الصلابة والقوة والأصالة بحيث تنساب حولها جميع الأمور الثانوية سهلة يسيرة. وتتمثل هذه القواعد أولاً في الدين والخلق وما يندرج تحتهما من صفات راقية. وثانيا في التوازن بين شخصية الزوجين وهذا التوازن لا يخضع إلى شهادات ولا إلى ماديات -إلا ان تكون الفوارق كبيرة فقد يؤثر ولو تأثيرا طفيفاً- إنما المعيار الأول المحقق للتوازن المطلوب فهو التقارب في المستوى الفكري والعقلي والاجتماعي والمستوى الثقافي فمن ناحية الثقافي فلا يقاس بمدارس أو شهادات فالثقافة في متناول الجميع، وأما الاجتماعي فيحسن فيه تقارب العادات والتقاليد والبيئة، وأما العقلي والفكري فهذه هبات من الله سبحانه فاوتها بين عباده.. وأما الأمور الثانوية المنسابة حول الأصول والقواعد فأعني بها مجموعة الاهتمامات والهوايات، فليس من الضرورة تطابقها أو حتى تقاربها.. ولكن الأهم ان يقدر كل طرف اهتمامات الآخر ولا يحبطها ولا يلغيها ثم ينتظر منه أن يعزز هواياته ويبرزها فهذا يعد من الأنانية وبما ان حديثي امتد إلى التفاصيل الدقيقة فسأحاول تبنيدها ولتكن بدايتي في عرض صورة «المرأة النموذج» التي يصبو إليها أي رجل ان أهم مايبتغيه الرجل هو أن يكون السيد في بيته فيريد من زوجته ان تعيره كل احترام وتقدير وان تعتز به وترفع من شأنه، وتنهل من معينه وأفكاره، وتستجيب لطلباته وأوامره كما يريد منها المشاركة في الآراء والأفكار وتمتد هذه المشاركة إلى الانفعالات النفسية في الأفراح والأتراح.. ثم التعاون في قطع درب الحياة ومواجهة مصاعبها يريدها بشوشة ودودة حنونة، متجملة متزينة متعطرة، مبتسمة ووردة مبتهجة ويريدها ان تستقبله بعد هم الأعمال اليومي بكلمة لينة ومظهر جميل وان يكون هو محور اهتمامها وتفكيرها يريدها ان تلتمس له الأعذار ان أخطأ وتتغاضى عن بعض العيوب ويريدها حليمة صبورة قليلة الشكوى كثيرة الحمد وبالمقابل من ذلك فهو يكره المرأة المتسلطة وكذا السلبية الضعيفة المنقادة كما يكره شديدة الغيرة كثيرة الظنون سليطة اللسان جافة الطبع.. ويكره ان تستغله المرأة كسائق لها تقوده كيفما شاءت.. ومتى احتوت المرأة على أكبر قدر من صفات المرأة النموذج صارت أقرب إلى المرأة المثالية الحنونة الودودة العاقلة.. التي تستحق كل احترام واعجاب وتقدير عن سائر النساء. ثم دعني أخي القارئ انتقل إلى ماذا تريد «المرأة النموذج» مقابل ما قدمته لخلق أجواء سعيدة في أسرتها «فالمرأة»؟!! المرأة خليط من العقل والفكر والعاطفة والمواهب والهوايات وكل جزء منها يحتاج إلى رعاية وعناية واهتمام من الرجل على اختلاف نسبها من امرأة لأخرى «المرأة النموذج» تريد صاحب دين وخلق ومبدأ ومروءة وأصالة وشهامة ذو شخصية قوية تتلذذ باحترامه وطاعته ويشاركها بفكره وشخصيته في تربية أبنائها وتنشئتهم تنشئة صالحة متوازنة «المرأة النموذج» تريد منه الدفء والعطف والحنان إذا ما رماها زمانها في خضم المتاعب والمشاكل والمشاغل.. تريده ان يقدر ما تقوم به من مجهود لاسعاده ولبناء أسرته.. ويشكر لها ذلك بنفسه الطيبة ونظرته الحانية وكلمته الرنانة.. وبين خضم المشاغل اليومية المستمرة يصنعون معا فواصل عطرة يتهامس كل منهما بأعذب العبارات وأرق الكلمات التي تنسكب من الوجدان.. مرة هي المبادرة ومرة هو. «المرأة النموذج» لا تريد ان يلغي الرجل شخصيتها وتفكيرها، تريد ان يأخذ منها كما تأخذ منه، ويعطيها كما تعطيه ويواسيها كما تواسيه ويشاركها كما تشاركه، ويتجمل لها كما تتجمل له.. وكل واحد بطريقته مع حفظ مكانة الرجل فمهما يكن هو القوام والمسؤول الأول في بيته «المرأة النموذج» تغار على زوجها وما هذه الغيرة إلا دليل على الحب وحري بالزوج ان يستمتع بغيرتها ويجعلها تدغدغ مشاعره وأحاسيسه لتجددها وتنعشها بشرط أن لا تتجاوز هذه الغيرة مرحلة الشك! فتنقلب الحياة إلى جحيم وبالمقابل لاتريد المرأة زوجها ان يكون متبلداً منزوع الغيرة فإن كان ستجمد الحياة بينهما فلابد ان يحسسها بغيرته وأن ذلك ما كان إلا حبا فيها.. ويبين لها أنها له وهو لها ولا يريد شيئا يقطع هذه السعادة بينهما..
وهذا مما يثلج المرأة ويعرفها مكانتها عند زوجها. «المرأة النموذج» ليست جشعة لكنها تكره الرجل البخيل.. فالبخل ما يدخل على شيء إلا شانه.. فإن كان يريدها امرأة أنيقة تتجمل له في بيته وتشرفه خارجه.. فلينفق عليها بالمعقول دون اسراف أو مخيلة. «المرأة النموذج» لم تأخذها أيها الرجل من مكان مهجور بل لها أهلها وأقاربها وزميلاتها وعلاقاتها والزواج بالنسبة لها ليس انعزالاً عن عالمها السابق وإلا كأننا حكمنا عليها بالموت وهنا لابد من الموازنة فتضع المرأة نصب عينيها ان علاقاتها السابقة سوف تقل ولن تنقطع لأنها أصبحت امرأة مسؤولة علاوة على ارتباطها بعلاقات جديدة من طرف زوجها عليها احترامها.. وهي لا تريد من زوجها إلا مساعدتها على الصلة والتزاور بالحد المعقول فزيارة أو زيارتان في الشهر لن تضيره.. بل هي خدمة لأهله وقضاء حاجة واشتراك في مثوبة الصلة ولا يعني ذلك انقياداً وضعفا منه أمامها.. فالرجل الضعيف الشخصية السلبي المنقاد هو رجل ساقط من عين المرأة لا يستحق الاحترام ولا الطاعة ولا الحب ولا حتى العيش معه.. ومثل هذا لن يكون تاجا على رأسها تعتز وتفتخر به.. ولن يكون أهلا لأن تحتمي بحماه وتأخذ من قوته لضعفها ويكون أمنا لخوفها. إخوتي.. وأخواتي.. ما زلت أصارع أفكاري المتسابقة هارعة بالخروج لتبث لكم أحاديث عذبة شجية في هذا الموضوع وأنا أكبح جماحها فلو أني كتبت بقدر (فكري).... لأفنيت المحابر والمداد. وأخيرا أشيد بالجميع ان كل ما كتبناه ليس قانونا يطبق بحذافيره ولا أوامر تخضع لعقوبات وجزاء.. لابد ان يتعامل الكل ببساطة وعفوية وهدوء ومرونة وراحة.. الحياة الزوجية أبسط من ان تكون جافة قائمة على عبارة أعطني حقوقي أعطك حقوقك بل هي أسمى من ذلك وأرقى.. هي أرواح تغرد.. وعواطف تحلق.. وأفكار تلتقي.. هي عطر.. هي نور.. هي بلسم.. هي هالات الحياة المضيئة... بين ركامها ومشاكلها وبين مشاغلها... وبين كرها وفرها.. هي شوق وإحساس.. وهي حلم لكل الناس.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved