Tuesday 6th may,2003 11177العدد الثلاثاء 5 ,ربيع الاول 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

تفاعلاً مع ما يريده المجتمع من التربويين تفاعلاً مع ما يريده المجتمع من التربويين
التربية في المقام الأول

قال الشاعر:


قم للمعلم وفه التبجيلا
كاد المعلم ان يكون رسولا

بهذا البيت الجميل والمعبر سأبدأ حديثي، فاذا كان العلم هو جسر عبور رقي الامم فان الاخلاق هي المقياس الحقيقي لتقدمها، وكما ان على المعلم واجبات ومسئوليات يضطلع بها فان له حقوق، ويأتي في مقدمتها احترامه وتقديره حتى ان الشاعر من فرط تقديره له امر الطالب بالوقوف احتراماً لهذا الرجل الذي حمل على عاتقه امانة، واية امانة، انها امانة نقل العلوم والمعارف الى مستحقيها من الطلبة، وكم يأسى القلب عندما يسمع ان طالباً تطاول على معلم فضلاً عن الاساءة اليه، وان كانت ولله الحمد لا تشكل ظاهرة بقدر ما تشكل سلوكاً شاذاً وحالات فردية لا تعكس اخلاق الطلبة في هذا البلد المبارك، والذين عرفوا بحبهم للعلم واحترامهم للمعلمين، فاذا كان هناك ثمة تساؤل يجول في خاطرك فهو لماذا؟ فلكل قاعدة شواذ لاسيما وان القاعدة اتسعت لتستوعب ملايين الطلبة والطالبات وهذا يجب ان يوضع بعين الاعتبار وبالتالي عدم اعتبارها ظاهرة حيث التطور المضطرد والسريع في هذا المجال وازدياد الطلبة تباعاً، اذ يجب ان لا تقاس حالة او اثنتان او عشر او عشرون على انها ظاهرة، ولكن يجب التوقف هنا والتفكير ملياًً ، وطرق هذا الجانب والذي بلا ريب يؤرق المجتمع والتربويين على حد سواء، ولست في صدد ابراز المسببات من تطور سريع في مجال التقنية والاتصالات لتقذف هذه الاجهزة ما في جوفها بعد ان اختلطت مصارينها ببعضها البعض، اسودها بأحمرها، بأصفرها من سموم ليلقف الطالب هذا الغث، والطالب في نهاية الامر يتأثر بهذه المسببات سلباً او ايجاباً، بقدر ما ارغب في طرح بعض وجهات النظر سائلاًً المولى عز وجل ان ينفع بها، اذ ان اتساع الهوة بين الطالب ووعيه يشكل هاجساً وطنياً أمنياً بكل المقاييس، فهؤلاء هم رجال المستقبل، وبقدر ما تشكل هذه الحالات الشاذة آنفة الذكر قصوراً في الوعي بقدر ما تتطلب من جهد وجرعات مكثفة اساسها الاخلاق والتمسك بالشريعة السمحة وتنفيذ تعاليمها بدقة، فمتى ما كان الالتزام بهذه التعاليم هدفاً متى ما استقام العود وسلم من الاعوجاج وافرازاته السلبية، ليس على الطالب فحسب، بل على المجتمع بأسره، وكما ان المسؤولية والتي اصبحت اشبه بالكرة تقذف من ملعب الى آخر، تقع على المدرسة كما هي رغبة ولي الامر في تمريرها ليتنصل من المسئولية ويلقي باللائمة على المدرسة في اعوجاج سلوك ابنه، فان ولي الامر يقع عليه جزء بل والجزء الاكبر من المسؤولية، فاذا لم يستطع ولي الامر كبح جماح هذه التصرفات الصبيانية والسلوكيات الغريبة على مجتمعنا والتي لا اعلم كيف تسللت في جنح الظلام لتجنح بالطالب وسلوكه المفضي الى تصرف يسيء اليه والى اهله ومجتمعه فان ولي الامر والحالة هذه يجب ان لا يتدخل في دور المدرسة ورؤيتها في تأديب ابنه طالما لم يستطع هو ذلك، وان لا يهرع الى التحامل والتجني قبل التريث والتروي اذ يتعين عليه استقاء المعلومات الدقيقة والموثقة من الاطراف مجتمعة، وكان آباؤنا في السابق يقولون الكلمة المشهورة «لكم اللحم ولنا العظم» لادراكهم مدى أهمية التربية، فالتربية قبل العلم، بل العامل الفاعل والمساعد في تهيئة المناخ وجسر الطالب لنهله العلوم والمعارف. فاذا لم يجتاز هذا الجسر فانه حتماً سيسقط ويسقط الآخرين معه في احباطات متلازمة وتأنيب للضمير متواتر للمعلم ولولي الامر كذلك، جراء اخفاقهم في تقويم سلوك الطالب.
ومن نافلة القول ان التركيز على النشء وتحديداً المراحل الاولية بغرس القيم والمثل العليا والتحلي بالاخلاق الحميدة بلا ريب سيكون له اكثر الاثر في تعميق هذه الاطر وتأصيلها في ذهن الطالب انطلاقاً من مبدأ الترغيب كسياق الامثلة وابتكار اساليب تتجاوز النمطية من التلقين الى التفعيل والتشويق وتمرير المعلومة بصيغة المرغب والحث على الاستقامة والاتزان بأسلوب يتناغم ويتناسب مع عمر الطالب وطاقته الاستيعابية في التفاعل والتمازج مع هذه الاهداف النبيلة، قال الشاعر:


ملأى السنابل تنحني بتواضع
والفارغات رؤوسهن شوامخ

بيد ان جزءاً من المسئولية يقع ايضاً على المدرسة، فدور المرشدين والموجهين التربويين هي معالجة هذه الحالات، وفي تقديري بأن المعالجة تكمن في عدم خنق وارهاق الطلبة بالتعليمات دون اعطائهم الحق الاعتباري في ابداء رأيهم او تظلمهم بشكل او بآخر، وهذا دور المرشد، فلو تم منح المرشد صلاحيات محددة وان لا يكون مرتبطاً بادارة المدرسة بمعنى ان يكون مستقلاً ومرتبطاً بجهة في الوزارة مباشرة ما سيكون له الاثر الايجابي فمن غير المعقول ان تكون المدرسة وادارتها هي الخصم والحكم في نفس الوقت ما يشعر الطالب بالغبن في هذه الناحية، ومن ثم تمرير هذا الايحاء الى ولي الامر والذي بطبيعة الحال يتعاطف مع فلذة كبده ليتسع الشق، وهنا يكمن دور المرشد في تضييقه والاستعانة كذلك بخبراء الصحة النفسية بهذا الخصوص ليكون حلقة وصل بين الطالب والمدرسة وولي الامر وتفعيل التواصل مع اولياء الامور من الاهمية بمكان، فوسائل الاتصال الآن ميسرة اذ يستطيع المرشد في ثوانٍ معدودة الوصول الى ولي امر الطالب، وهذا في رأيي من اهم الاسباب المؤدية باذن الله الى المعالجة وفق رؤى متكاملة في هذا الصدد ومنح الطالب ايضاً الفرصة وسماع رأيه بكل حيادية وتجرد، من هنا فإننا سنضع المبضع على الجرح ويبقى الجراح ودوره الرئيسي في هذه العملية وهو المرشد بطبيعة الحال، فمتى ما كان الجراح بارعاً فان العملية باذن الله ستكلل بالنجاح، وخير من يقوم بهذه العمليات الحرجة والدقيقة في نظري هم خريجو تخصصات علم النفس، وعلم الاجتماع، لانهم درسوا الحالات عن كثب من خلال نهلهم هذه العلوم والتي توليها الدول جل اهتمامها لما لها من مساس مباشر في امن المجتمع وامانه وانشاء جيل يملك من الاخلاق ما يساهم في انشاء قاعدة صلبة تتكسر عليها المحاولات المستميتة من اعداء الامة لاصابة الاخلاق في مقتل وتساهم باذن الله في قرب الطالب من المدرسة ووسائل اعلامنا تتسم بالاتزان وتعمل جاهدة في نشر الفكر والثقافة والتصدي لهذه الافرازات الدخيلة على مجتمعنا ودورها في تحقيق التوازن وخصوصاًً في هذه النواحي ما يساهم باذن الله في بلوغ الاهداف، واذا كانت المسئولية كما شبهتها بالكرة وهي حائرة بين ملعبين فان وسائل الاعلام هي الحكم والحكم يحرص دائماً على خروج المباراة نظيفة بمعزل عن الكروت الصفراء والحمراء، لتخرج المباراة نظيفة وخالية من الكروت، وان سألتني من سيأخذ الكأس فاني سأجيبك؟ بان الكرة في ملعب الطلبة، فمتى ما التزموا في تنفيذ خطة المدرب بكل دقة وطبقوها باتقان والمتمثلة بالالتزام بالاخلاق الحميدة - ولا شيء غير الاخلاق - فان الكأس بلا شك سيكون من نصيبهم، وكما ان هذا سيسعدنا فانه سيسعد معالي الوزير ورجاله المخلصين وفقهم الله وسدد خطاهم انه على كل شيء قدير.
حمد عبدالرحمن المانع
شركة اليمني للسيارات
ص. ب 3694 الرياض 11481

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved