Friday 9th may,2003 11180العدد الجمعة 8 ,ربيع الاول 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

خطاب رامسفيلد خطاب رامسفيلد
ايوين ماكاسكيل ( * )

اعتاد العراقيون - على مدى أكثر من عقدين من حكم صدام حسين - على ما تقدمه محطات الاذاعة والتلفزيون من مواد غريبة ولكنها لم تكن أغرب من الخطاب الذي وجهه وزير الدفاع الامريكي دونالد رامسفيلد للعراق الذي استهله بقوله «مرحبا أنا دونالد رامسفيلد». أثارت نبرة حديث رامسفيلد الشخصي دهشة وحيرة ممثلي صحافة البنتاجون أنفسهم الذين اعتادوا على أسلوب أكثر خشونة من رامسفيلد ولكن الحيرة كانت أكبر بين العراقيين الذين انقطعوا عن العالم الخارجي لأكثر من عشرين عاماً وبالتالي فإنهم لم يألفوا أسلوب خطاب رامسفيلد أو الأسلوب الامريكي غير الرسمي.
كان رامسفيلد - أول مسئول امريكي بارز يزور العراق منذ الحرب - قد توقف في البصرة لتقديم الشكر للقوات البريطانية ثم واصل طريقه إلى بغداد واختار رامسفيلد - الذي حاول جاهداً تجنب إظهار نشوة النصر - توجيه حديث شعبي مباشر إلى العراقيين تم تسجيله في قصر صدام الرئاسي المطل على نهر دجلة قائلاً : «فيما يتعلق بحياتي الخاصة في امريكا أقول لكم ان لدي ثلاثة أبناء وستة أحفاد أصغرهم عمره عام واحد فقط وإننى أريد ان يتحقق لهم ما تريدونه أنتم ان يتحقق لأطفالكم وأحفادكم وهو الأمان والأمن ومجتمع عادل يتمتعون فيه بالحرية التي تتيح لهم تحقيق أحلامهم».
ربما يكون لمثل هذا النوع من الأسلوب العاطفي تأثيره لدى الجمهور الامريكي ولكن الأمر ليس كذلك في مجتمع يجتر أحزانه على قواته المسلحة وخسائره المدنية في الأرواح ويشعر بالغضب إزاء الوجود الامريكي في شوارعه.
لقد تولت محطة اذاعية وتلفزيونية امريكية خاصة بالعراق بث حديث رامسفيلد الذي انهاه بقوله «أشكر لكم حسن استماعكم» وهو الحديث الذي ربما لا يكون قد سمعه الكثيرون من العراقيين بسبب عدم القدرة على استخدام معظم أجهزة الراديو والتليفزيون حيث يعاني معظم أنحاء بغداد وبقية البلاد أثناء الليل من حالة الظلام نظراً لعدم توافر التيار الكهربائي أو توافره بشكل محدود في الوقت الذي يفضل فيه الذين تتوافر لديهم مولدات كهربائية أو أطباق أقمار صناعية مشاهدة القنوات التليفزيونية العربية والاستماع إلى الاذاعات العربية أو الايرانية.
قال رامسفيلد عبر الأثير: «إننى أشعر بالسعادة لزيارتي العراق - بلدكم - لأرى تحرركم، إن الشعب الامريكي يشارككم الفرحة بعد رحيل الطاغية» مشيرا إلى ان هناك هدفاً مشتركاً بين العراق والولايات المتحدة في إقامة عراق جديد «يتم فيه استخدام ثروة العراق لصالح الشعب العراقي وليس لحشو جيوب طاغية مستبد» .
ولم يذكر رامسفيلد في أي موضع في خطابه انه كان في العراق قبل نحو عشرين عاماً كرجل أعمال خاص يعمل بالانابة عن إدارة الرئيس رونالد ريجان ويتعامل مع صدام حسين واكتفى بالحديث في خطابه عن الذين لا يزالون مطلقي السراح من رجال النظام القديم متجاهلاً الإشارة إلى الاخفاق في العثور على صدام حسين أو أسلحة الدمار الشامل.
و قال رامسفيلد ان المواد الغذائية والمياه والكهرباء المتوافرة في أجزاء من العراق أصبحت أكثر من تلك التي كانت موجودة أيام النظام السابق وهي ملاحظات ربما يقابلها أي مستمع بالضحك في ضوء نقص الكهرباء والمياه على الأقل في معظم أنحاء جنوب العراق وتناسى رامسفيلد فيما يبدو انه يخاطب واحداً من أفضل المجتمعات تعليماً في منطقة الشرق الأوسط ويحظى المجتمع العراقي بطبقة وسطى عريضة ولم تختلف نبرة حديثه عن نبرة الحديث التي كان كان يستخدمها في الماضي الحاكم الاستعماري مع أبناء الوطن الأصليين.
أكد رامسفيلد «ان بناء مجتمع حر ليس أمراً سهلاً بل يحتاج إلى عمل شاق وتضحيات» وتحدث رامسفيلد في خطابه عمن أشار إليهم على انهم «المقاتلون الأجانب» ويعني بهم الساعين إلى زعزعة استقرار العراق وزعم انهم «يسعون إلى خطف بلدكم لخدمة أغراضهم» ان هذا الحديث يتفق - على الأقل -مع نفس الخط التآمري المألوف عن النظام القديم .

(*) «الجارديان»

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved