Monday 12th may,2003 11183العدد الأثنين 11 ,ربيع الاول 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

واحة النعيم .. متى ستعود ؟ واحة النعيم .. متى ستعود ؟
جميل فرحان اليوسف / سكاكا الجوف

هي واحة غناء .. حباها الله نعيماً لا يتصوره عقل البشر.. نعيماً تحت الأرض، ونعيماً فوق الأرض، ونعيماً في إرادة أفراد تلك الواحة وفكرهم الإبداعي.
وفي يوم من الأيام تولى أمر الواحة حاكم لإدارة شؤونها ورعي مصالحها وليرتقي بالواحة إلى أفضل المستويات.. وبالفعل بدأت المسيرة بأمن وسلام مع جيرانهم في الواحات والبساتين الأخرى، فظلوا في رغد من العيش ورقي في كل شيء .. ولكن ذلك الحاكم سرعان ما أوقعهم فيما لم يخطر على بال أحد منهم .. ولم يجدوا أنفسهم إلا وقد نشبوا في حرب ضروس مع إحدى جاراتهم !!
وما كان منهم إلا أن هبّوا لنصرة واحتهم.. والوقوف مع حاكمهم في هذه الحرب أملاً في مستقبل آمن ونعيم متواصل.. وهبّ كل واحد منهم للقتال، ودفعوا بأبنائهم في عز شبابهم .. وظلوا في مناضلة ووفاء ..
ولم يكن الوفاء مقتصراً على أفراد الواحة فحسب، بل ان ذلك تعدى إلى الواحات المجاورة ذات القرابة والصلة الحميمة بتلك الواحة وحاكمها وأفرادها، ولم يتوان حكام تلك الواحات وملوكها وأفرادها في تقديم كل ما لديهم من أجل عزة واحتهم «الأخت العزيزة» والتمكين لسكانها الشرفاء.وهكذا داوم الجميع على بذل المال والعيال، حتى انتهت تلك الأيام العصيبة وأعلن أهل الواحة نصرهم المشرف..
وبعد أن توقفت رحى تلك الحرب، عادت الحياة للواحة ودب النشاط في عروقها.. وعاشت بكل حب مع الواحات الأخرى.. وكان حاكمها «المحبوب آنذاك» في مكانة عالية عند الجميع ..لم تكن الجارات تريد منه ولا من أعضاء واحته رد الدين ولكنه الواجب الذي حتمته عليهم الروابط القوية ..
ودارت الأيام .. وتعاقبت سنوات الأمن والسعادة، وفي ليلة ظلماء، تفاجأت الواحات .. وغابات الأرض جميعها بهجوم ملك الواحة على أقرب جاراته، وبدأ يقتل أفرادها ويأسرهم ويشردهم .. والجميع لا يصدقون ما يرون !!
ما الذي يفعله هذا الحاكم؟ ما الذنب الذي اقترفته جارته؟ وبعد مدة وجيزة تجمعت «واحات وغابات الأرض» وعقدت العزم على إخراجه من أرض جارته وإعادة حكامها وأفرادها إليها ..ومن ذلك الوقت وذاك الحاكم قد أعطى «وحوش غابات الدنيا» زمام التصرف بواحته، وجعلهم يحاصرونها ويقطعون عنها سبل النماء .. ويتعدى ذلك إلى مقايضته بخيرات الأرض مقابل العيش لأفراد واحته !!لقد انقلبت حياتهم إلى جحيم لا يطاق، جوع وعطش، أمراض وهموم وأحزان .. وقد وقفوا منبهرين متعجبين ولسان حالهم يقول: «هل هذه واحتنا؟ لماذا وصلت لهذه الدرجة؟ من السبب؟ ولماذا فعل كل هذا؟.وبالرغم من ان ذلك الحاكم يشاهد الوضع التعيس لأفراد واحته وعجزه عن إصلاح حالهم، إلا أنه ظل متمسكاً بحكم الواحة ومتحدياً ومهدداً لجيرانه الأوفياء .. وتاركاً المجال لوحوش مفترسة تنتظر أي فرصة للسيطرة على أي واحة من الواحات الغناء ونهب ثرواتها.وبالرغم من ان التجربة كانت قاسية والدرس لم يكن ليمر دون عبرة إلا أن الحاكم أمضى سنوات طويلة في التخطيط لتدمير ما تبقى من أشجار واحته ونسي أن أفراد الواحة هم أولى بالعناية والتفكير.وها هي الواحة ما زالت تدفع أثمان أخطائه .. وهذه هي جموع الضحايا الأبرياء بين أنياب الوحوش الذين كانوا أذكياء جدا وعرفوا كيف الطريق إلى استغلال أخطاء الحاكم والبدء بأكل وإسقاط الضحايا والثروات الوافرة ..فيا ترى متى سيعود لتلك الواحة مجدها .. وتاريخها الذي لن تنساه ذاكرة «العرب والمسلمين» ؟!! متى ستعود الواحة؟ متى ستعود؟ متى ستعود؟.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved