Wednesday 14th may,2003 11185العدد الاربعاء 13 ,ربيع الاول 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الجهلة يقودون الشباب إلى خراب الأمة الجهلة يقودون الشباب إلى خراب الأمة
سليمان بن علي الضالع ( * )

منذ ان بعث الله محمدا عليه الصلاة والسلام والدين الاسلامي يتعرض لنكبات وويلات وبلايا وفي صدر الامة وقعت فتن ومحن وتبع ذلك سقوط دولة اموية وعباسية وعثمانية وامثالها وتوالت على امة الاسلام ازمات حادة وصاحب ذلك خوف وجوع ونقص في الاموال والانفس والثمرات. وعلى الرغم من هذا الخلل وذلك التضعضع لم يكن يخالج المسلمين شك في عقيدتهم ومبادئها السمحة ولم يحرف الدستور او يزاد او ينقص في الشريعة. لقد كتب الله البقاء لهذا الدين العظيم طيلة القرون الماضية بالرغم من هذا الضعف وتعاقب الحروب التي شنها اعداء الاسلام عليه ولم تؤثر عليهم الهزائم العسكرية ولم تنسهم دينهم ولم تدفعهم الى التطلع الى ما عند اعدائهم من افكار ومبادئ مخالفة لما هم عليه من عقيدة صحيحة {فّمّا وّهّنٍوا لٌمّا أّصّابّهٍمً فٌي سّبٌيلٌ الله وّمّا ضّعٍفٍوا وّمّا اسًتّكّانٍوا وّاللَّهٍ يٍحٌبٍَ الصَّابٌرٌينّ} وايقنوا أن المصائب والنكبات ماهي الا من سنن الله في الابتلاء والتمحيص {وّلٌيٍمّحٌَصّ اللهٍ الذٌينّ آمّنٍوا وّيّمًحّقّ الكّافٌرٌينّ} . لقد رأى المسلمون في التتار همجا وفي الصليبية كفرا وشركا فما استجابوا لدعوات المبطلين وما سلكوا طريق المغضوب عليهم والضالين ومن شايعهم ممن تلبسوا بلباس الدين وهم ابعد الأبعدين.
اما الواقع المعاصر فقد عرف العدو بمختلف فئاته وجنسياته سر قوة المسلمين ومصدر عزتهم فعمل عمله في الغزو الفكري وكرس جهده في قلب المفاهيم وافساد التصورات فاختل الحال والميزان فوجد في المسلمين من يشك في صلاحية هذا الدين عقيدة وشريعة والعياذ بالله يعتقد الخير والسعادة في غير دين الله وحكم رسوله صلى الله عليه وسلم.
ووجد آخرون اتخذوا الدين وسيلة لتحقيق اهدافهم ومآربهم فأساؤوا اليه وهم يعلمون. نعم لقد عرف عدونا سر الصنعة فاندس بين صفوف الامة جاعلا نصب عينيه هدم هذا الدين وتقويض اركانه وجره الى معترك النداءات والشعارات والنزعات القومية واستغل هذا العدو حماس بعض الشباب المسلم وفراغه الفكري فساقه الى خراب امته. لقد ملأ العدو عقول هؤلاء بأفكار هدامة وشبهات مضللة خالفت منهج السلف الصالح في العقيدة والمعتقد حيث انبرى هؤلاء الشباب بما اوتوا من قوة وبما اعتقدوه من باطل بطبع الكتيبات وتحرير المقالات فكتبوا النصائح وألبسوها لباس الدين واستشهدوا في بطونها بآيات من القرآن الكريم وبأحاديث السنة النبوية بعدها، حرفوها عن مقصدها وكان الهدف واضحا وهو التشتيت والتفريق وزعزعة الامة حتى تفرقت الامة مللا ونحلا غلب في بعضها هوى وساد في اخرى شهوة حتى وجدت جماعات تقول بمسألة التكفير ليس فقط للحكام المسلمين بل وللمحكومين من العلماء والدعاة والمصلحين. وهذا المبدأ والفكر تبنته قديما فرقة الخوارج حيث نشط هؤلاء الذين تفرعوا من هذه الفرقة الضالة في الوقت الحاضر جاعلين من التقية شعارا لهم في تحقيق مآربهم ولاشك ان هذه الفرقة وأمثالها التي تتبنى مسألة التكفير خارجة عن الكتاب والسنة لسببين: احدهما: ضحالة العلم وقلة التفقه في الدين. والآخر انهم لم يتفقهوا في القواعد الشرعية التي هي اساس الدعوة الاسلامية الصحيحة حيث يعتبر كل من خرج عنها قد شاق الله ورسوله {وّمّن يٍشّاقٌقٌ الرَّسٍولّ مٌنً بّعًدٌ مّا تّبّيَّنّ لّهٍ الهٍدّى" وّيّتَّبٌعً غّيًرّ سّبٌيلٌ المٍؤًمٌنٌينّ نٍوّلٌَهٌ مّا تّوّلَّى" وّنٍصًلٌهٌ جّهّنَّمّ وّسّاءّتً مّصٌيرْا} فاتباع غير سبيل المؤمنين اضافة الى مشاقة الرسول صلى الله عليه وسلم يجعل فكر المتبع يتوافق مع أفكار وسلوك بعض هذه الفرق المنحرفة عن دين الله وشرعه القويم اذن لابد للانسان المسلم ان يكون نهجه منهجا سويا سليما من الاعتقادات الباطلة والافكار الهدامة التي صدرها ائمة هذه الفرق الضالة.
وفي المقابل نقول بالنجاة والفوز والفلاح للفرقة الناجية وهي التي تكون على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه لأنه كما تبين لنا من سيرتهم انهم أخلص الناس لله عز وجل في العبادة وأفقه في الكتاب والسنة الى غير ذلك من الخصال الحميدة التي تخلقوا بها فاذا اردنا ان نعرف ونفهم عقيدتنا فعلينا اتباع منهج السلف الصالح متخذينهم قدوة في كافة جوانب حياتنا ولهذا ضلت طوائف قديمة وحديثة حينما لم يتلفتوا ويتعرفوا الى ما جاء في الكتاب والسنة من تعاليم واحكام وجهلوا ما كان عليه سلفهم الصالح في القول والعمل واما اولئك الذين شذوا عن الطريق وانحرفوا عن سبيل الله وتبعوا حزب الشيطان وهووا في مكان سحيق من جراء جهلهم وتلقفهم أفكاراً دخيلة وخاطئة من أئمة هذه الفرق المنحرفة فإنهم لن ينجحوا في مسعاهم مهما بلغوا من الدهاء والتخطيط وامتلاك الثروة لان هذا الدين تكفل الله بحمايته {لا يّأًتٌيهٌ البّاطٌلٍ مٌنً بّيًنٌ يّدّيًهٌ وّلا مٌنً خّلًفٌهٌ تّنزٌيلِ مٌَنً حّكٌيمُ حّمٌيدُ } .
اذن فلن يكن مستغربا ان يعمد اصحاب هذه الفرق المنحرفة الى زعزعة الامن في بلاد الحرمين الشريفين وذلك حسدا وحقدا من عند انفسهم واطفاء لغلواء الصدور وذلك لما تنعم به هذه البلاد الطيبة من الامن والامان ورغد العيش وتحكيم شرع الله وما يتمتع به قادتها من النضج واحتواء العمل الاسلامي في كافة البقاع والاصقاع.
ان الذي يحز في النفس ويبعث على الحزن ان يعمد بعض شباب هذه البلاد الى تنفيذ ما يريده اعداء الدين بحجة انها اعمال جهادية وذلك بعد ان ملئت عقولهم بأفكار سيئة وشبهات مضللة تلقفوها من هذه الجماعات التي تحمل فكر التكفير للمسلمين حكاما ومحكومين.
ان الواجب على المسلم ان يكون على درجة عالية من الوعي والادراك وان يميز بين الضار والنافع وان يتسلح بسلاح العلم والايمان وان يضبط نفسه ومن تحت يده بآداب وتوجيهات القرآن والسنة النبوية وان يتنبه الى ما يريده اعداؤه وعليه ان يتخلص من سخافة الافكار وزبالة الاذهان. فكلما كان الانسان بدينه اعرف كان من الله اخوف، وسار على النهج السليم في العلم والعمل به ان شاء الله تعالى. ويجب على الشاب المسلم ان يكون على وعي تام بتلك المخططات الاجرامية التي يحيكها اعداء الله ورسوله وألا يجعل من نفسه اداة لتنفيذ هذه المخططات الهادفة الى تدمير الدين والخلق، وانطلاقا من الواجب فإنني رأيت اتباع بعض الامور وذلك لحماية ناشئتنا ومجتمعنا من المؤثرات المخلة بالعقيدة، وهي في اعتقادي ضرورية في الوقت الحاضر:
اولا: اعداد الدراسات والبحوث اللازمة والخاصة ببيان خطر الافكار الواردة لنا من عناصر خارجية وسبل الوقاية منها.
ثانيا: متابعة النشء ومعرفة اتجاهاتهم وتوعيتهم وبيان انهم هم المستهدفون من قبل اعداء الدين بصفتهم رجال المستقبل وعماد الامة وهذه المتابعة تكون من قبل كل راع على رعيته بحمايتهم من قرناء السوء واصحاب هذه الافكار الداخلة.
ثالثا: الايعاز للعلماء والمفكرين ورجال التربية في المدارس والجامعات بالتطرق لهذا الموضوع بين حين وآخر عبر المحاضرات والندوات.
رابعا: ادخال هذا الموضوع وتدريسه منذ المرحلة المتوسطة وبيان معتقدات الفرق المنحرفة بشكل مبسط ومقبول.
خامسا: قيام وزارة الشؤون الاسلامية بالتعميم على ائمة المساجد وخطباء الجوامع بالتحدث عن ذلك سواء في خطبة الجمعة او من خلال الحديث اليومي في المسجد من حين لآخر.
سادسا: حماية المجتمع من هذه النشرات والكتيبات التي ترد اليه والتي لم تكن قد فسح لها ولو كانت قديمة وهذه مسؤولية الجهات الرقابية.
سابعا: وضع قيود للسفر الى بلاد يعتقد انه يوجد بها انحراف فكري او تدريب ارهابي.
ثامنا: بيان فضل علماء الامة المحققين واحترامهم والثقة بهم ومعاقبة من يسيئون اليهم مع وضع عقوبات رادعة للحد من هذه الاساءة.
تاسعا: الايعاز الى العلماء الذين يقومون بتدريس مواد العقيدة ونحوها في المساجد بالتحدث عن هذا الموضوع وسبل حماية المجتمع منها.
عاشرا: بيان حقيقة مذهب السلف الصالح في المعتقد والاسماء والاحكام وغيرها من خلال الدلالة على الكتب التي تتحدث عن ذلك.
والله اسأل ان يديم علينا نعمة الامن والامان وأن يوفق ولاة امورنا الى ما فيه خير البلاد والعباد.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

( * ) مساعد مدير عام فرع وزارة الشؤون الإسلامية

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved