Wednesday 14th may,2003 11185العدد الاربعاء 13 ,ربيع الاول 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

علماء السلف مع علماء الخلف في نداء واحد للشباب علماء السلف مع علماء الخلف في نداء واحد للشباب
إياكم والاجتماعات السرية فهي تأسيس ضلالة
لو كانت هذه الاجتماعات خيراً فِلمَ لا تكون علانية

لم تكن الاجتماعات السرية التي يعقدها بعض الشباب تحت شعارات وعواطف ملتهبة غائبة عن أهل العلم قديما وحديثاً بل هي حاضرة اشد الحضور لكن هناك من يحرص على تغييب أقوال أهل العلم فيها لحاجة في نفسه؛ وبعيدا عن التطويل في الشرح ننقل للقراء الكرام مبحثاً نفيساً كتبه فضيلة الشيخ الدكتور عبدالسلام بن برجس العبدالكريم في كتابه «الأمر بلزوم جماعة المسلمين والتحذير من مفارقتهم» يتحدث عن هذه الانواع من الاجتماعات؛ فقد قال:
أخرج اللالكائي في «السنَّة» عن الأوزاعي قال: قال عمر بن عبدالعزيز رحمه الله ورضي عنه :
«إذا رأيت قوما يتناجون في دينهم بشيء دون العامَّة؛ فاعلم أنهم على تأسيس ضلالة».
لقد تنَبَّه سلفنا الصالح قديما إلى خطر الاجتماعات السرِّيَّة، وما تُفضي إليه من شر مستطير على المجتمعين أنفسهم وعلى عامَّة المسلمين؛ فحذروا منها، وحاربوها، إذْ هي نواة الضلالة.
فإنَّ الضلالة أولُ ما تخرج في الأمة تكون سِرّاً بين أشخاص جليسهم الشيطان، يزيِّن لهم سوء أعمالهم، ويلهمهم أنَّ الصواب معهم دون غيرهم، وأن غيرهم عدوٌّ لما وصلوا إليه مما يعتقدون أنه الحق.
فإذا رسختْ هذه الأمور في أفئدتهم، وأصبحت من المسلَّمات التي لا تقبل الجدل؛ انطلقوا والشيطان في ركبهم يبثُّون الباطل في صورة حق ويُضِلُّون شباب الأمَّة وعامَّتها، بما يلبسون عليهم من المتشابهات، فيستفحل أمرهم، ويعظم خطرهم، ويكثر التابعون لهم، مما يجعل ردّهم إلى الحق صعبا، ورجوعهم إلى جماعة المسلمين متعذّراً جدا، وغالب نهايتهم التي هي سنَّة الله في الكون تكون على السيف.
وتأمَّل كثيراً قول عمر بن عبدالعزيز رحمه الله تعالى هذا ترى أنَّ أساس الفساد هو: التجمُّع السريُّ، بعيداً عن أنظار جماعة المسلمين وإمامهم.
فليعرف المسلم أهل الباطل بهذه السِّمة.
وليعلم أن هذه التجمُّعات فخٌّ نصبه إبليس يصطاد به المساكين، وأنَّ أصحاب هذه التجمُّعات لو كان ما عندهم حقا، لما احتاجوا إلى التخفِّي عن أعيُن الأمة، والتستُّر على ما عندهم، بل لأذاعوه؛ فإن كانوا على صواب وافقتهم الأمة، وإنْ كانوا على خطأ قوَّمتهم الأمة، فلم يسترسلوا في باطلهم.
وكُنْ على حذر شديد من أولئك الذين يحتجون على تجمُّعاتهم السرِّيَّة بفعل النبي صلى الله عليه وسلم حينما دعا في مكة سِرّاً أوَّل أمره.
فإنَّ هذه الحجة باطلة، إذْ رسول الله صلى الله عليه وسلم أُمِرَ بالصدع بالدين: {فّاصًدّعً بٌمّا تٍؤًمّرٍ وّأّعًرٌضً عّنٌ المٍشًرٌكٌينّ}.
فصدع النبي صلى الله عليه وسلم بالدعوة في مكة بين المشركين، وأصابه ما أصابه من أذى فصبر، وأصاب أصحابه ما أصابهم من أذى فصبروا.
فالأمر بالصَّدع فيه النهي عن السِّريَّة.
وقد أخرج ابن أبي عاصم في «السنّة» بإسناد جيد عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:
جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أوصني.
قال: «اعبد الله ولا تُشرك به شيئاً، وأقم الصلاة، وآتِ الزكاة، وصُم رمضان، وحُجَّ البيت واعتمر، واسمع وأطع، وعليك بالعلانية وإياك والسِّر».
فلا يقولنَّ رجلٌ اليوم تأييداً للعمل السري في الدعوة: إن جماعة المسلمين الآن في جاهلية كالجاهلية الأولى؛ إلاَّ وهو منطوٍ على التَّكفير، قد تَمَيَّزَ غيظاً على هذه الأمَّة، فعميت بصيرته عمَّا فيها من خير وصلاح واستقامة حال، فغدا متألِّماً ممَّا هي فيه من نعمة، فأجلب على تفريقها بهذه المقولة وأشباهها.
وما علم أن الله له بالمرصاد: {وّأّنَّ اللهّ لا يّهًدٌي كّيًدّ الخّائٌنٌينّ}.
فما أبطل قياسه هذا وما أشبهه بقياس إبليس حينما قال فيما حكى الله عنه : { قّالّ أّنّا خّيًرِ مٌَنًهٍ خّلّقًتّنٌي مٌن نَّارُ وّخّلّقًتّهٍ مٌن طٌينُ}.
وبطلان هذا بحمد الله مُسلَّمٌ عند كل ذي عقل ودين وقلب سليم.
فلا تنطلي بعدئذٍ حكايات أهل السِّرِّيَّات الباطلة من أن جماعة المسلمين اليوم في جاهلية كالجاهلية الأولى، تبريراً لباطلهم، ونصرة لأهوائهم: {وّمّا تٍخًفٌي صٍدٍورٍهٍمً أّكًبّرٍ }.
أعاذنا الله عز وجل وسائر المسلمين من شرورهم.
فالحذر الحذر من التجمعات السرية على أيِّ صفةٍ كانت، حتى لو كان شعارها: العلم الشرعي، والدعوة إلى الله تعالى، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
فمنذ أن صدع النبي صلى الله عليه وسلم بالدعوة إلى يومنا هذا ودين الله قائم، والخليفة المسلمُ قائم، فلا حاجة إلى السرية ولا ضرورة، بل هي إثم مبين، وحوب كبير، وفتنة مُضِلَّة.
كتب عبدالملك بن مروان الى الحجاج: صِفْ لي الفتنة حتى كأني أراها رأي العين.
فكتب إليه: (لو كنت شاعراً لوصفتها لك في شعري، ولكني أصفها لك بمبلغ رأيي وعلمي: الفتنة تَلْقَحُ بالنَّجْوى، وتَنْتُجُ بالشكوى)، ذكره ابن عبدالبر في «بهجة المجالس».

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved