Wednesday 14th may,2003 11185العدد الاربعاء 13 ,ربيع الاول 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

تساؤلات في الطب النفسي تساؤلات في الطب النفسي
الفصام والهذيان والاضطراب الوجداني تنتج بسبب خلل في المستقبلات والناقلات العصية!!
الاكتئاب يعني إحساساً سلبياً مصحوباً بشعور بالحزن والألم!!
د. أحمد جاد

  * ما هو المرض النفسي؟
يمكن القول: إن هناك مجموعتين من الأمراض النفسية، النوع الأول هو الذي لا يكون للمريض أي دخل فيه ويكون ناتجاً عن اضطراب في المستقبلات والناقلات العصبية بالمخ، وأمثلته: الفصام، الاضطراب الوجداني، الهذيان.
وفي الغالبية العظمى قد لا تظهر أعراض هذا النوع إلا بعد بلوغ عمر 17 سنة أو 25 سنة وتكون أسبابه وراثية على الأغلب حيث يكون أحد الأقارب من الدرجة الأولى أصيب بمثل ذلك المرض.
وتكون أهم أعراضه هو تخيل أشياء غير موجودة، الكلام غير المفهوم، سماع أصوات وهمية تتحدث معه، الإتيان بتصرفات غريبة. والنقطة المهمة هنا هو أن المريض يكون مقتنعاً تماماً بأن ما يسمعه من أصوات حقيقية وأن هناك من يتربص به وقد يرفض تماماً أي علاج.
أما المجموعة الأخرى من الاضطرابات فتشمل كل ما يؤدي إلى خلل في توازن الشخص النفسي ويجعله يعاني من قلق أو اكتئاب، ملل، وضيقة في الصدر، وساوس مستمرة لا يستطيع التخلص منها مثل تكرار غسل اليدين للتأكد من نظافتهما وتكرار التأكد من غلق الأبواب، الإحساس بالعصبية الشديدة.
وقد يظن البعض أن هذه الأمراض تحدث بطريقة عادية ولمعظم الناس، وهذا صحيح ولكن إذا أدت هذه الأعراض إلى خلل في الحياة الاجتماعية والوظيفية يقل إنتاج الشخص في عمله ويكثر تغيبه وتتدهور حياته الزوجية والعائلية وتكثر الخلافات والمشاكل فهذا يعني وجود اضطراب نفسي يجب علاجه.
* هل يمكن عمل فحوصات طبية تبين ما إذا كان الشخص مصاباً باضطراب نفسي؟
بالرغم من التقدم العلمي الكبير في مجال الطب النفسي والتوصل إلى معرفة الكثير عن اضطرابات الناقلات العصبية بالمخ التي تؤدي إلى الأمراض النفسية إلا أن هذه الاضطرابات لا يمكن الكشف عنها عن طريق أي نوع من الفحوصات المعملية أو حتى عن طريق أشعة المخ المقطعية. ومن ناحية أخرى فإنه من الممكن وبسهولة الكشف عنها عن طريق الفحص الإكلينيكي الذي يتكون من الأسئلة الطبية التي يوجهها الطبيب النفسي وكذلك الاختبارات السيكولوجية التي تشخص المرض.
* متى يجب استشارة الطبيب النفسي؟
الاستشارة تكون عندما يشعر الشخص بأن شيئاً ما تغير في نفسه وفي مشاعره، وفي علاقته بالآخرين، فلو كان إنسان مفرط النشاط مرحاً يحب الناس والاجتماعات ويصبح قليل الحركة، حزيناً ومنعزلاً عن الناس، أو لو كان هادئاً ثم يصبح عصبياً لا يتحمل أية مضايقات، أو لو كان نومه طبيعياً وعميقا خالياً من الأحلام المزعجة فيصبح نومه قليلاً وصعباً وتكثر فيه الكوابيس.
ولكن كل هذه الأعراض تحدث بصورة عرضية لأي إنسان نتيجة لظروف وضغوط معينة في حياته، وهذا يعتبر طبيعيا. أما إذا استمر ذلك التغيير لمدة طويلة تزيد على ثلاثة أسابيع متتالية وأثر بصورة سلبية على حياة الشخص الاجتماعية والمهنية فإن كل هذا يستلزم استشارة الطبيب النفسي.
- لدى ملل وضيقة صدر، لم يعد باستطاعتي العمل مثل السابق.
- أنام قليلاً، فاقد الشهية للطعام، أصبحت أبكي لأقل الأسباب.
- لا أستطيع تحمل الأولاد، أضربهم لأي سبب، لا أتحمل زوجي.
- في العمل الجميع يقول: إنني متغير، ما عدت أضحك وأتكلم مثلما كنت أفعل.
تلك الكلمات نسمعها تقريباً يومياً في العيادات النفسية من المرضى وهم لا يدركون أن كل هذه الأعراض قد تعني أنهم يشعرون بمرض الاكتئاب وأنه من الأمراض النفسية المنتشرة، وهو يظهر بصور مختلفة وأنهم لو حصلوا على العلاج المناسب فإن حياتهم ستتغير جذرياً لأنهم سيتخلصون من جميع الأعراض المؤلمة التي تؤرقهم في حياتهم وتجعل تصرفاتهم غريبة حتى على أنفسهم.
* ما هي الكآبة وما هو الاكتئاب؟ وما هي أسبابهما؟
الكآبة هي نوع من الإحساس السلبي الذي يجعل الشخص يشعر بالحزن والألم والمعاناة النفسية الداخلية، ويؤدي هذا الإحساس إلى أن يعرض الشخص عن الأكل ويصاب بالأرق وقلة النوم، وبالتدرج مع زيادة حدة هذا الإحساس يقل النشاط والحيوية والرغبة الجنسية وتزداد العصبية وتقل قدرة الشخص على تحمل المنغصات، وتصبح حياته صعبة. وقد تظهر الكآبة على صورة مشاكل عضوية جسمانية بأن يشكو الشخص من آلام في الرأس أو مختلف أعضاء الجسم، وضعف التركيز والذاكرة ويقل التحصيل الدراسي أو العطاء في العمل. ومع استمرار هذه المعاناة يتولد الإحساس باليأس والنفور من الحياة .
والاكتئاب يصيب الصغار وهم قد لا يدركون ذلك وقد لا يستطيعون التعبير عنه وهو يظهر على صورة حركة زائدة بدون هدف، تأخر في الدراسة، عودة التبول غير الارادي. وأسباب الكآبة متعددة ويمكن تقسيمها بصورة مبسطة إلى أسباب أولية وأخرى ثانوية.
الأسباب الأولية لا يكون للظروف المحيطة بالمريض دخل فيها. ولكن تنتج أساساً من اضطراب في بعض الناقلات العصبية بالمخ، ربما بصورة اقل من السابقة وتكون درجة الاكتئاب في هذه الحالة أقل بكثير. وكلتا الحالتين يمكن علاجهما بنجاح كبير بنسبة تصل لأكثر من 70%.
* هل الأدوية النفسية المستخدمة في علاج الاكتئاب تؤدي إلى التعود والإدمان؟
من المؤكد أن مضادات الاكتئاب لا تؤدي إلى الإدمان، ومن الممكن توقيفها في أي لحظة بدون أي مشاكل، والجدير بالذكر أن تلك الأدوية تعالج أعراضاً مرضية وأنه عندما يوقف استعمالها، فإن تلك الأعراض تعود إلى الظهور مرة أخرى، فيعتقد المريض أن التوقف عن أخذ الأدوية النفسية أدت إلى ظهور تلك الأعراض وهذا بالطبع غير صحيح.
* لماذا يصر الأطباء النفسيون على إعطاء عقاقير للعلاج برغم مالها من آثار جانبية؟
إن الطبيب النفسي لا يصر على إعطاء أي عقاقير ولكنه يشخص المرض ويقترح العلاج المناسب له، وهو يقدر أن العلاج بالجلسات النفسية مفيد ولكنه قد لا يعطي النتيجة المرجوة، وأيضاً قد لا يفيد في بعض الحالات. إذن فهو يقترح الحلول المتاحة ويناقش مع المريض الآثار الجانبية التي يمكن أن تنتج عنها. فإذا كانت الأدوية النفسية تعطي فائدة تزيد بكثير عن الآثار الجانبية الناتجة عنها، فهذا يكون عاملاً مهماً في وصف العلاج. ومن المعروف أنه ليس هناك علاج مثالي في جميع مجالات الطب ولكن المهم هو أن تكون الآثار الجانبية المحتملة وقتية وتزول مع إيقاف العلاج أو حتى بعد بدايته بقليل.
* هل يعود مريض الفصام إلى حالته الطبيعية مع العلاج؟
للإجابة على هذا التساؤل يجب تحديد ما هي الحالة المعتادة التي كان عليها المريض قبل إصابته بمرض الفصام، وكيف كانت شخصيته وقدراته الاجتماعية والوظيفية والتشخيصية، وعلى هذا الأساس نقيس فاعلية العلاج بعد اختفاء أعراض الهلوسة بشكل يكاد يكون كاملاً، ولكن المريض وعائلته يأملون أكثر من ذلك، وهم محقون، فهم يأملون أن يمارس المريض حياته الوظيفية أو الدراسية أو العائلية مثل السابق وأن يكون اجتماعياً بشوشاً.
وما نقوله هو أن العلاجات الحديثة لمرضى الفصام مثل كلوزابين وأولانزابين ورسبيريدون وسيرتاندول قد أعطت أملاً كبيراً ليس فقط في تحسن الأعراض النفسية لمرضى الفصام ولكن أيضاً في عودتهم إلى ممارسة حياتهم الاجتماعية بصفة تكاد تكون طبيعية تماماً خصوصاً مع ندرة الآثار الجانبية التي كانت موجودة مع العلاجات السابقة وهي تتكون من تخشب عام في حركات الجسم واللعثمة في الكلام والبطء في الحركة والخمول الزائد.
* هل الأطباء النفسيون يمرضون نفسياً بسبب اختلاطهم المستمر بالمرضى النفسيين؟
هذه الفكرة شائعة لدى معظم الناس وأحياناً تعضدها بعض التقارير والأبحاث العلمية التي تفيد بأن أكثر نسبة طلاق تحدث بين الأطباء النفسيين بالقياس لبقية الأطباء وأن أعلى نسبة انتحار تحدث للتخصصات النفسية بالقياس للتخصصات الأخرى وبالطبع فإن هذه الأفكار غير دقيقة ولا تعبر عن الواقع.
وقد أفادت التقارير أن تعرض الطبيب النفسي لضغوط العمل وكثرة ساعات العمل والتغيب عن المنزل يؤدي إلى استعماله للأدوية المهدئة والممنوعة وبالتالي تعرضه لأمراض نفسية أكثر من غيره.
لم يثبت أي شيء يؤكد هذه الأفكار وقد تبين مثلاً أن أكبر نسبة طلاق تحدث في السلك الدبلوماسي وأن أطباء التخدير يتعرضون لضغوط أشد وهم أكثر عرضة للشد العصبي.
إن الطبيب النفسي إنسان قبل كل شيء وهو بالتأكيد يقلق ويكتئب ويفرح ويحزن مثل الجميع ولكنه ليس أكثر من المعتاد في الإصابة بما يصيب الآخرين.
* الرياضيون والمنشطات؟
تطالعنا وسائل الإعلام من حين لآخر بخبر إلغاء رقم قياسي سجله أحد الرياضيين المعروفين وذلك بسبب تعاطيه لمواد منشطة,ونسأل أنفسنا هل يوجد شيء معين على هيئة دواء أو مادة كيميائية تزيد من حيوية ونشاط الإنسان؟ هل على مستوى الفرد العادي يمكن أن نقول: إن الشاي والقهوة لهما تأثير على قدرة الفرد على العطاء الحركي؟ كيف تؤثر هذه المواد على الجسم؟ وهل هذا يؤثر سلبياً على الإنسان على المدى الطويل؟
الإجابة تأتي لنا من علوم الطب والأطباء المتخصصين.وهم يخبروننا بأن الإنسان على مر العصور كان يلجأ لاستعمال مواد مختلفة حتى يزيد من قدراته الذهنية والعضلية أو حتى الجنسية، الأمثلة على هذه المواد هي الكافيين والإستركنين والأرسنيك والنيكوتين وكذلك الأمفيتامينات.
ولم يتم استعمال هذه المواد دفعة واحدة بل توالى استخدامها على مر الزمن. وتختلف فاعلية هذه المواد على نشاط الإنسان، فمثلاً الكافيين المتوفر في القهوة ينبه الجهاز العصبي ويساعد على التركيز وقلة النوم عند بعض الناس ولكنه لا يسبب نفس تأثير الأمفيتامينات في التنبيه القوي لقدرات الجسم وإمكانياته على المدى القصير لذلك فالكافيين غير محظور طبياً.
وعند بدء اكتشاف تلك المواد طبياً، كان الغرض هو علاج الإنسان من بعض الأمراض التي تتسبب في ضعف عام له أو كآبة وكان الغرض إعادة قدراته لحالتها الطبيعية وليس إيهامه بقدرات غير عادية لديه.
ومع استعمال هذه المواد تبين أن الإنسان يتعود عليها ولا يستطيع الاستغناء عنها مع مرور الوقت. وتبين أيضاً أنها لم تعد مفيدة لجسمه بل بالعكس تضره لذلك منع استخدامها طبياً إلا في حالات خاصة جداً وتحت إشراف طبيب.

*استشاري الطب النفسي
مستشفى المملكة/ العيادات الاستشارية

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved