Monday 19th may,2003 11190العدد الأثنين 18 ,ربيع الاول 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

لما هو آت لما هو آت
محاذير المرحلة
د. خيرية إبراهيم السَّقاف

مع تقديري الشديد للزملاء الكتاب، والصحفيين، ورؤساء التحرير الذين يقرِّرون نشر ما يكتب الكاتبون، أو يتابع الصحفيون، إلاَّ أنَّ المرحلة تقتضي الحذر الشديد في استخدام «اللَّفظة» التي تحمل أكثر من معنى، أو توحي بأكثر من أمر، لا سيما فيما يرتبط بالدِّين وثوابته، فهي مرحلة اختلطت فيها الأمور، وذهب ضحيَّتها أمر دين الإسلام، فإن هو حورب من غير أهله، فإنَّ على أهله أن يخلِّصوه من شوائب ومثالب ما يسعى الحاقدون إليه مما يوصمونه به وذلك عن طريق وسم أفراده بما ليس فيه، أو التغرير بصغار أبنائه كي ينفذوا إليه عنهم وبالتالي يتمُّ تعميم قراراتهم وتصوُّراتهم على جميع المسلمين بناءً على ذلك، مستفيدين من المظهر الخارجي للمسلم، دون التأكد ممّا في داخله من الصدق والسلام وحب الخير.
فالملتحون مثلاً ليسوا أدلة على السلوك المارق، أو التوجُّه الخاطئ، كما أنَّ ستر المرأة وحجابها ليس الدليل على التخلف، أو محاضن الإرهاب...، إنَّ أعداء الإسلام بدأوا يستغلّون الأخطاء السلوكية التي بدرت عن «ثلَّة» ضعفت وخارت أمام تأثيرهم، وقامت بأعمال فاسدة في عقر دارنا بسبب ما تلقَّته من الشَّحن النفسي والفكري والوجداني، إلاَّ أنَّ ليس كلَّ الأفراد هم على هذه الشاكلة من الفساد، ولا يُتوَقع منهم الفساد... لذلك نحن نحتاج الآن إلى أمرين: الأول: الحذر الشديد ممَّا سيدخل في برمجة مصطلحاتنا اللُّغوية في تعاملنا اليومي، إذ بمثل ما استطاع المبشِّرون منذ مئات السنين غرس روح الخنوع في المسلمين والعرب منهم على وجه التخصيص ببعض المؤثرات اللَّفظية اللُّغوية مثل: «الشرقيون»، «المتخلفون»، «العالم الثالث»، وبمثل ما جعلوهم لا يشعرون بالرفعة والعزَّة وهم يتحدَّثون باللُّغة العربية فذهب ضعفاؤهم يعوجون ألسنتهم باللُّغات الأجنبية تعبيراً عن تقافزهم على الجهل والتخلف وعدم مواكبة التحضُّر، فإنَّهم الآن يسدِّدون إليهم في مقتل إذ يمس توجُّههم للمسلمين الجذور الثابتة في دينهم وعقيدتهم، وأوَّلها مظهرهم العام، فقد أصبحت «اللِّحية» أحد المظاهر التي تشير إلى الإرهابيين، لذلك فإنَّ هناك من يتعامل مع هذا التوجُّه في الفكر كذلك أصبح حجاب المرأة..
إنَّ الفارق كبير بين الالتزام والحفاظ على سلوك المسلم في ظاهره وباطنه، وبين استغلال الشَّكل الخارجي له لتنفيذ «نوايا» داخلية يتضافر على تشكيلها، كلُّ من تضعف نفسه، ولا يقوى إيمانه من أبناء العرب المسلمين ومنهم داخل مجتمعنا، إلى جانب من أعداء المسلمين الذين يتضافرون لهزِّ الثِّقة في الدين، وبلبلة الأذهان حول المسلمين، والنَّفاذ إلى صدروهم وتغيير ثوابتهم.
إنَّنا نحارب الإرهارب، والفساد بكلِّ قوة وصدق، وإننا أمَّة مسلمة قوامها مصداقية النَّوايا في عمارة الأرض وسلام الإنسان فيها، بإيمان مطلق بأنَّ اللَّه تعالى خلقنا لرسالة سامية نقتدي في تنفيذ سلوكها بمحمد بن عبداللَّه صلى الله عليه وسلم.
ولكنَّنا لا نرضى أحداً من كان أن يزعزع ثوابتنا الدينية أو يمس مظاهر سلوكنا العام وإن كان الأمر يمس «اللِّحى» أو «الحجاب». مع الثِّقة والاطمئنان لأن نسأل الجميع الاقتداء برسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم في أدق سلوكه ومظهره في ملبسه ومأكله بمثل ما هو في فكره وخلقه. ثمَّ أيضاً بمثل ما هو في عقابه لكلِّ فاسد يبتغي في الأرض غدراً ودماراً. إنَّنا في مرحلة حرجة علينا فيها الانتباه لكلِّ المحاذير، واتِّخاذ جميع الوسائل للتَّضافر الحي واليقظة الصادقة ضدَّ الارهاب من جهة، وضدَّ أن تمس جذور التفاهم المجتمعي على ما تعارفنا عليه من مظاهرنا السلوكية التي لا تضرُّ أحداً.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved