|
|
يختلف -منهجياً - علماء العلوم الطبيعية من علماء العلوم الإنسانية حين التعامل مع «الاستثنائي» من الظواهر الطبيعية أو الإنسانية. فمنهجية العلوم الطبيعية على العكس منها في العلوم الإنسانية لا يؤثر فيها حدوث ما ليس مألوفاً حدوثه من الظواهر، حيث إن نتيجة واحد مضافاً إلى واحد على سبيل المثال. دائماً ما تكون «اثنين» في العلوم الطبيعية وليس هناك من استثناء لهذه القاعدة السرمدية، في المقابل فللاستثنائي مما يقع من الظواهر الإنسانية تأثير سلبي في العلوم الإنسانية نتيجة لما يبذله علماء الانسانيات من جهود في سبيل التغاضي عما يقع في محيطهم الإنساني من استثناءات وتناقضات أملاً في العثور - ذات يوم محال - على قانون مقنن للسلوك الإنساني تماماً على غرار نتيجة قاعدة (1+1). ولا شك في أن لهذا التباين المنهجي بين العلوم الطبيعية والإنسانية أسباباً وأسباباً من ضمنها حقيقة أن العلوم الطبيعية تتعامل مع ظواهر متسقة ومتساوقة.. ظواهر منتظمة في الحدوث.. متواترة في الأسباب وفي النتائج، وذلك على العكس مما يقع في الحياة الاجتماعية من الظواهر التي تختلط فيها متغيراتها المؤثرة الفاعلة بنظيرها المؤثر فيها والمفعول بها، وتتشابك فيها صيغها الكمية والكيفية مما يفقدها في النهاية الثبات والتراتبية في الأسباب وفي النتائج. وكل هذا بالطبع لكون الإنسان هو وحدة الدراسة للعلوم الإنسانية ولهذا السبب ذاته حاول العلم ان يجد حلاً لهذه النقيصة المنهجية المتجذرة في العلوم الإنسانية فلم يجد بدا من الاتفاق على أن النادر من وقائع الحياة الإنسانية لا حكم له، بمعنى أنه من الواجب عدم الالتفات منهجياً إلى ما وقوعه استثنائي مناف للمنتظم من الحوادث الإنسانية في الاجتماع والسياسة والاقتصاد وخلافها. |
![]()
[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة] |