Tuesday 27th may,2003 11198العدد الثلاثاء 26 ,ربيع الاول 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

محللون إسرائيليون بارزون يحملون على سياسة شارون محللون إسرائيليون بارزون يحملون على سياسة شارون
العمليات الحالية أسقطت وهم القادة العسكريين بأن حسم الانتفاضة عسكرياً بات وشيكاً

* القاهرة - مكتب الجزيرة - عمر شوقي:
«مرة أخرى يقف الجمهور في إسرائيل عاجزاً وقد أعيته، موجة انتحارية جديدة يقول القائد العام للشرطة انها لم تبلغ ذروتها بعد» - بهذه الكلمات افتتحت صحيفة اسرائيل توداي افتتاحيتها الاسبوعية الاخيرة الجيش لتعكس الاجواء العامة في إسرائيل حيال ارتفاع وتيرة العمليات الاستشهادية، وشهدت الصحف ووسائل الاعلام الاسرائيلية حشداً من المقالات التي وجهت انتقادات مباشرة لرئيس الوزراء الاسرائيلي ارئيل شارون وسياسته المبهمة «او» المأزق الذي يعيشه حتى ان ألوف بن المعلق السياسي في صحيفة هآرتس سأل شارون في مقالة: قل لنا إلى أين المسير؟؟!!
وسخر ابرز كتبة الاعمدة في «يديعوت أحرونوت»، ناحوم برنياع، من اعلان شارون «انه لن ييأس»، وكتب ان اليأس بدا جليا على محياه «فموجة العمليات الحالية تكشف عجزه عن تقديم الاجوبة، الخيارات العسكرية استنفدت جميعها تقريباً وامامه احد خيارين إما ان يتبنى عمليات اكثر تطرفاً لا يؤمن بنجاعتها او ان يفعل ما نفعله نحن جميعاً، العضّ على النواجذ وتلقي الضربات وامتصاصها».
ويلوم الكاتب رئيس حكومته على عدم التمهيد لاستقبال حكومة أبو مازن عبر اجراء تغييرات ملموسة في سياسة الاحتلال وكان شارون قد اهتم هو والرئيس الفلسطيني عرفات، كل بطريقته، ان تكون حكومة ابو مازن عاجزة عن العمل.
ويتطرق برنياع الى تواتر التهديدات الاسرائيلية بإبعاد الرئيس عرفات من وطنه ويكتب انه بمقدور شارون ان يتخذ قراراً كهذا في حكومته اليمينية «لكنه لا يرغب بذلك لأنه لن يبقى من تتهمه اسرائيل بالمسؤولية عن العمليات التفجيرية»، ويتابع ان الوقت قد حان ليقرر شارون خريطة الطريق الحقيقية لاسرائيل: هل تريد البقاء كدولة احتلال الى الابد أم تهتم بالديمقراطية وضمان الغالبية اليهودية... على شارون ان يواجه المعضلة: هل يكون رئيساً وقائداً لدولته أم لا؟
وينضم المعلق السياسي البارز في صحيفة معاريف، بن كسبيت، الى زميله في التهكم من شارون ويكتب انه في غياب عرفات عن المنطقة سيجد المسؤولون الإسرائيليون صعوبة في ايجاد مشجب يعلقون عليه مبرراتهم لتردي الاوضاع.
وتحت عنوان شارون محاصر كتب كسبيت ان السؤال الملح الان ما العمل، اما الاجابة فليست واضحة: «الارهاب يحاصر شارون منذ سبعة اشهر لم يغادر خلالها البلاد.. والموجة الارهابية الحالية تؤكد انه من غير الممكن قتل الارهاب والقضاء عليه»، ويتساءل عن جدوى الاجراءات الاسرائيلية «والتقليعة» الجديدة - القديمة المتمثلة بترحيل عائلات الانتحاريين، ويختتم قائلاً ان حمام الدماء لن يتوقف بل سيتصاعد «شارون يدرك انه لا يملك حلا يسيرا» وان من سينتصر في هذه المعركة هو من سيصمد في النهاية.
لكن السؤال يبقى: «كم عدد الذين سيبقون على قيد الحياة حتى يحظوا برؤية النهاية»، ورأى المحلل السياسي في «هآرتس»، الوف بن، ان الاحباط الذي يكتنف المسؤولين الاسرائيليين جراء العجز في اجهاض العمليات الانتحارية دفع بهم الى «إحياء الدعوات» لابعاد الرئيس الفلسطيني وجعل وزراء اليمين يتسابقون في استنباط المعادلات الخلاقة لإخفاء هذا «الشيطان» من رام الله.
وينهي: اليوم يلتقي شارون السفير الأمريكي في تل ابيب العائد للتو من واشنطن ليبحثا معا في السؤال الذي تكرر مرات عديدة: الى اين ننطلق من هنا، الى اين المسير؟
وكانت العمليات الاستشهادية، التي هزت المستوطنة اليهودية في الخليل والقدس مطلع الاسبوع، أعادت الى اذهان الاسرائيليين الواقع الذي ظنوا انه بات من صفحات الماضي فيما اعترفت تعليقات صحافية بعجز جيش الاحتلال، على رغم اطلاق يده في إفراغ نيران غضبه على الشعب الفلسطيني الاعزل، عن وقف الانتفاضة وبفشل حكومة اريئيل شارون في فرض التصور الاسرائيلي للتسوية السلمية، الى ذلك اشار معلقون بارزون الى ان رئيس الحكومة الاسرائيلية الذي أرجأ زيارته الى واشنطن متذرعاً بتدهور الاوضاع الامنية إنما أراد من خطوة كهذه تفادي اي ضغط أمريكي لتقديم تسهيلات للفلسطينيين حتى إن كانت شكلية.
وكتب عقيبا الدار في هآرتس ان العمليات التفجيرية في الخليل والقدس وعشرات الانذارات المتوافرة لدى اجهزة الامن الاسرائيلية بصدد مزيد من العمليات «وضعت حداً للوهم بأن انتفاضة الاقصى انتهت بانتصار اسرائيلي، كما ان النبوءات بنهاية رئيس السلطة الفلسطيني ياسر عرفات كانت سابقة لأوانها»، وسخر المعلق من مسؤولي الاستخبارات»الذين تنبأوا باطاحة ياسر عرفات اسوة بصدام حسين، وأضحوا اليوم يتحدثون عن انه «ما زال قوياً» ويقف وراء العمليات ويبذل كل جهد مستطاع لإفشال رئيس الوزراء الفلسطيني محمود عباس ابو مازن.
واضاف الدار ان شارون وجد نفسه، كما من سبقه، امام معضلة كيفية الرد بحزم على العمليات التفجيرية من دون تصعيد الاوضاع والتعرض لانتقادات أمريكية ولذا حرص على عدم إظهار اسرائيل كمن أفشلت ابو مازن واكتفى بالقول إنه سيحارب الارهاب في كل مكان وبكل وسيلة ويواصل في الآن ذاته جهود اقامة قناة حوار مع ابو مازن وحكومته.
وتناول المعلق في «معاريف» ابراهام تيروش قرار شارون إرجاء زيارته الى العاصمة الأمريكية والتقاء الرئيس جورج بوش ورأى ان الدافع الاساسي يعود الى سياسة شارون القائمة على تأجيل تنفيذ اي استحقاق في خريطة الطريق الدولية بشأن حل النزاع الفلسطيني - الاسرائيلي و«بالنسبة لشارون فإن القاعدة تقول إن ما يمكن عمله بعد شهر ينبغي عدم التسرع لتنفيذه اليوم وهكذا قد يتعزز الامل بعدم تنفيذه على الاطلاق.
وزاد ان شارون، وعلى رغم ادراكه ان زيارته واشنطن في وقت تتعرض اسرائيل لعمليات تفجيرية تصب في مصلحته وانها فرصة لاقناع حلفائه بأن ابو مازن فشل في تحقيق المرجو منه، فضّل البقاء في البلاد وعدم المجازفة التي قد تتمثل في مطالبته باتخاذ تدابير انسانية مثل ازالة حواجز في الاراضي الفلسطينية، ليس اكثر لخشيته ان تتطور الامور وتتم مطالبته بحزم بتفكيك البؤر الاستيطانية ثم تجميد النشاط الاستيطاني، وختم ان شارون رأى انه من الافضل عدم الالتزام بشيء امام الرئيس الأمريكي «طالما ان السكين ليست مسلطة على رقبته» ومواصلة «إغراق العالم» بأنه مستعد لتقديم «تنازلات مؤلمة وبادرات حسن نية واخلاء مستوطنات واقامة دولة فلسطينية وفي الوقت نفسه تفادي كل ذلك حتى نهاية ولايته عام2007».
ونقلت صحيفة «يديعوت» «عن وزراء كبار في حكومة شارون، فضلوا عدم ذكر اسمائهم، انتقادهم شارون على قراره إرجاء زيارته «والغاء الزيارة، فضلا عن كونه خضوعا للارهاب فإنه تفويت فرصة سياسية نادرة للتوصل الى تفاهمات مع الادارة الامريكية حول سبل تطبيق خريطة الطريق بما يلائم اسرائيل»، على ما قال احد الوزراء للصحيفة، مضيفا انه كان بمقدور شارون أن يحظى بتأييد الادارة الأمريكية لمواقفه حيال تعاظم موجة الارهاب «وفي مثل ظروف كهذه لن يمارس الأمريكيون اي ضغط عليه».
وتحت عنوان «فقدان السيطرة» كتب المعلق العسكري في الصحيفة، اليكس فيشمان، يقول ان اجهزة المخابرات الاسرائيلية أخفقت في السيطرة على «الفوضى» التي تعم المناطق الفلسطينية وان اجهزة الامن وجيش الاحتلال لا تملك حلولا باستثناء اعادة فرض الاغلاق الكامل والشامل على هذه المناطق بانتظار انخفاض وتيرة النيران، وتابع ان القيادة السياسية في اسرائيل التي تراقب التطور على الساحة الفلسطينية و«القيادة الفلسطينية ذات الرأسين» لا تفعل شيئاً لرغبتها في الابقاء على «الجمود السياسي» وسط التظاهر بإسماع صوتها برغبتها في احراز تقدم في العملية السلمية، «ويختتم المعلق متشائما من احتمال تغيير الاوضاع» حيال الانطباع بأن الادارة الأمريكية أيضاً لا تتمسك بخريطة الطريق لعلمها انها لا تساهم مباشرة في المعركة الانتخابية للرئيس بوش «وهكذا ومن دون تدخل أمريكي صريح في المنطقة لتحييد عرفات ومن دون ضغوط أمريكية مصرية على سورية لوقف نشاط حماس المضر للحكومة الفلسطينية المنتخبة سنبقى عالقين في الجمود الحاصل ونواصل القيام بما قمنا به (الجيش الاسرائيلي) في العامين ونصف العام الماضيين».

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved