Thursday 29th may,2003 11200العدد الخميس 28 ,ربيع الاول 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

أنت أنت
حاضنات التغيير
م. عبدالمحسن بن عبدالله الماضي

منذ أحداث سبتمبر 2001م، ورياح التغيير تهب بعنف.. هذا التغيير مطلوب حكومياً وشعبياً رغم اختطاف معناه.. وجعله رديفاً للاستجابة لمطالب أمريكا في ذهن كثيرين.
الرغبة الحكومية والشعبية للتغيير لن تكون سهلة.. فسوف تواجه مشاكل.. أهمها عدم وجود حاضنات مؤسسية تدعم علمياً، وفكرياً، وتنفيذياً ذلك التوجه الوطني الملح في التغيير.. خصوصاً في مناحي بناء مؤسسات المجتمع المدني والتدريب والأبحاث الفكرية وتوجيه الرأي العام.
إن أقرب وصف لحالة التغيير في المجتمعات.. هو وصف حالة التغيير أو إعادة الهيكلة في الشركات.. وإذا علمنا أنه لإعادة هيكلة منشأة اقتصادية عملاقة.. يتم التحضير لذلك بالقيام بأبحاث ودراسات تناسب حجم تلك المنشأة.. لتساءلنا ماذا أعددنا لإعادة هيكلة مجتمع نام.. يحقق أكبر نسبة تزايد في العالم.. ويعيش في وطن شاسع.. وتكتنز أرضه أكبر مخزون للطاقة في العالم.. ويتربع على موقع جغرافي يتحكم في مفاصل التقاء ثلاث قارات.. ويقود عقديا أكثر من ألف مليون مسلم.. وهو الآن على خط المواجهة الأول مع أمريكا والغرب.. ويمر بمرحلة انتقالية تفرض عليه العبور بين مطرقة أمريكا الأكيدة خارجياً.. وسندان المواجهة الشعبية المحتملة داخلياً؟
مشروع التغيير له محاور عظيمة هائلة الحجم والتأثير.. بعضها اكتسب قدسية اجتماعية حتى صار جزءاً من الحياة والمعتقد.
مشروع التغيير يحتاج إلى مساندة تتجاوز القدرة على التمويل فقط.. إلى القدرة على التفكير والتخطيط.. وتأهيل الكوادر المشرفة على التنفيذ.
ويكون من أهم الواجبات المنوطة بها:
1- رصد حالة التفكير في المجتمع السعودي ودراستها.. والمشاركة في تنمية التفكير لدى كافة شرائح المجتمع السعودي.
2- حضانة الفكر.. ورعاية مصادره.
3- إجراء الدراسات المؤسسة لقيام مؤسسات المجتمع المدني السعودي.
4- تنظيم الأصوات الفكرية، وتوجيهها لتتكامل مع بعضها لخدمة التنمية السعودية.
5- تنظيم برامج التدريب الموجهة للفئات المستهدفة.
6- رصد الرأي العام ووصفه وقياسه دوريا، وتوجيهه.
7- قيادة التغيير.
هذه الواجبات تحتاج إلى مساندة تحضيرية تأسيسية في مجالات عدة، منها في مجال البحث والتفكير مثلا:
أ- قيام مؤسسات بحث ودراسة ونشر تسد هذه الثغرة الهائلة في مشروع «التغيير» الذي يعني إعادة هيكلة المجتمع وبالتالي تحديد مسار مستقبله.
مؤسسة البحث والدراسة، والنشر لابد أن تنجز الدراسات والأبحاث والترجمات الخاصة بأنظمة المجتمع المدني.. والتعريف بتجارب ماليزيا وكوريا الجنوبية وغيرهما من المجتمعات التي سبقتنا في تكوين مؤسسات المجتمع المدني.
ب- في المجتمع السعودي علماء ومفكرون.. لهم قراءاتهم واستقراءاتهم لأحوال وسلوكيات وفكر المجتمع السعودي.. علمهم ضروري جداً في تنمية أي مجتمع.. لكننا محرومون منهم.. بسبب خوفهم من فئة الرأي الآخر.. أو عدم وجود مؤسسات تبحث عما لديهم وتريده وتستثمره.. أو انسداد الطرق بينهم وبين جهات التأثير وأصحاب القرار.. فضلاً عن أن الحاضنات المفترضة لهم.. مثل الجامعات والأقسام الثقافية في بعض الجهات الحكومية.. أخفقت في التعامل معهم.. هؤلاء لابد من جمعهم في نظام حاضن، ليستفيد منهم الوطن.. ويكونوا نواة لمؤسسة فكرية تشارك وتسهم في التخطيط للتغيير.
ج- لا يوجد في العالمين العربي والإسلامي مؤسسات فكرية متكاملة.. تعنى بدراسة الفكر ومنتجاته.. والدراسات التي صدرت عربياً أو إسلامياً هي دراسات واجتهادات فردية.
نحن في حاجة إلى دراسة الفكر والتفكير السعودي مجتمعياً، ورسمياً. إن قيام مؤسسة تعنى بالفكر السعودي يمكن أن تكون نواة لمؤسسة الفكرالإسلامي.. تشارك في بنائه إن لم تعمل على قيادته.
مؤسسة الفكر السعودي.. فكرة عاجلة وملحة جداً.. فهي ستكون المصدر المهم «وربما» الوحيد الذي يرسم مسارات التغيير التي سيمر بها مجتمعنا.. وإلا سوف نضطر إلى اقتفاء المسارات المرسومة للشعوب الأخرى في المنطقة.. أو يرسم لنا مسار ويفرض علينا المشي فيه.. وهذا سوف يحدث ردة فعل شعبية رافضة.. بدلاً من كونها حالياً في اغلبها مرحبة.
حان الوقت للتغيير المدروس المتحرك المحفز على المسير.. وربط رغبة التغيير بخطة مكتوبة وجدول زمني محدد.. فليس من الصالح ترك تحولات المجتمع للصدف والظروف وتدخلات المغامرين.
كلمة أخيرة.. هذه المقالة امتداد لمقالة الأسبوع الماضي.. وقد ذكر لي بعض الأصدقاء أن التغيير معنى سلبي.. ويقترحون استخدام كلمة التطوير بدلاً منها.. ما رأيكم؟

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved