Saturday 31th may,2003 11202العدد السبت 30 ,ربيع الاول 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

أي جهاد هذا أي جهاد هذا
«الفقيه» والجالسون خلف الشاشات!

أجرت قناة الجزيرة ليلة الثلاثاء الموافق الحادي عشر من ربيع الأول لهذا العام الثاني عشر من مايو اتصالا هاتفياً بالدكتور سعد فقيه المنشق السعودي وذلك بعيد وقوع الانفجارات التي هزت العاصمة السعودية وكان مما قاله ان التيارات الجهادية ترى ان امريكا وحلفاءها لا تفرق بين المدنيين والعسكريين وبالتالي فهي أي التيارات الجهادية لن تفرق بين المدنيين والعسكريين هذا ما فهمته من فحوى الحديث الذي ادلى به الفقيه لقناة الجزيرة وقد عجبت كثيراً من هذا التنظير والحقيقة انني لم اكن انتظر من الفقيه ان يدين هذه الأعمال فهذا امر لا اتصوره ولكن ان يذهب الى ابعد من محاكاة امريكا فهذا امر عجيب فأمريكا على الأقل تقول انها لا تستهدف المدنيين وإنما يقعون ضحايا بسبب قربهم من مواقع عسكرية وغير ذلك من التبريرات التي يشك الجميع في صحتها.. المهم ان امريكا تترفع عن ان تعترف بأنها تستهدف مدنيين ثم انني اسأل من يروجون لهذا التوجه متى كان المسلمون يحاكون غيرهم في الأعمال غير الإنسانية.
إننا طيلة القرون الماضية ونحن نتغنى بإنسانية الإسلام وأخلاقياته العظيمة في الحرب وفي السلم ونتذكر دائماً وصية عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - للجند والتي لم تغفل وصيته حتى الاشجار بل حفظت طهارة أماكن العبادة لغير المسلمين وما فيها من الرهبان فضلاً عن النساء والأطفال وحينما قدم المسلمون دينهم بهذا الثوب كانوا يعلمون يقيناً ان غيرهم لا يتحلى بتلك الأخلاق وكانوا يؤمنون بأن هذه هي ميزة الإسلام على غيره واليوم يأتي أناس يريدون رفع راية الجهاد بأخلاقيات لم يجرؤ على ارتكابها غير المسلمين على الاقل في الظاهر وان كانوا يفعلون ذلك تحت اجنحة الظلام وأياً كان صنيع امريكا وحلفائها فلسنا معنيين بمحاكاتهم وأقول لهؤلاء لماذا تكفرون او تفسقون او تعيبون على الذين يحاكون غير المسلمين في المظاهر او الحريات او السياسات وتستبيحون المحاكاة في قتل المدنيين ام اننا نلجأ الى التأول اذا كان ينسجم مع الحماس الذي يحرك اقدامنا وأيدينا بينما يعطل عقولنا وافئدتنا عن التأمل والنظر..؟! ثم هل يجوز لأناس يقبعون خلف مكاتبهم لينظروا ويمرحوا عبر وسائل الإعلام نيابة عن المجاهدين او الذين يجلسون أمام شاشات أجهزة الكمبيوتر ليصفقوا لمن يقومون بتفجيرات اقول هل يجوز لهم ان يتخلفوا عن الجهاد وهم يرون وجوبه وحتميته في هذا الوقت؟! ألم يعلموا ان منطلقهم هذا يجعلهم من القاعدين والمتخلفين عن الغزو وانهم لا عذر لهم بنص القرآن وان من لم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق ام انهم يكتفون بالتشجيع والتصفيق أما الضحية فهم شباب ربما لم يأخذوا حظهم من الثبات والرسوخ بقدر ما اخذوا من الحماس انني لم اشأ الخوض في قضايا شرعية حساسة فهذه ينبغي ان ينظر لها اهل الذكر وان يتحدث فيها العارفون ولكني لم اتمالك نفسي أمام تقويض بداهيات الرجل المسلم الذي يعتز ويفخر دائماً باخلاقياته العظيمة التي لا تهزها الرياح العاتية ولا تؤثر فيها الضربات المؤلمة ثم انه يسوؤني ان يحار المسلم البسيط ورجل الشارع فضلا عن غير المسلم في فهم ابجديات دين الإسلام نظراً للخلط الذي تتمخض عن الأهواء والآراء ولست اعني الخلاف السائغ في الاحكام الشرعية ولكن الذي اعني ذلك التأول الذي يطال مبادئ الإسلام وسماته العامة مما يجعل وجه الإسلام وتقاسيمه تتغير بمزاجية مفرطة بحسب التيار السائد ان اقل ما ينبغي ان نفعله ان نحافظ على رونق الإسلام من التشويه وكم عانت الأمة من حملات التشويه بالدين الإسلامي من المستشرقين وغيرهم وها هي اليوم ترى من يشوه الإسلام من داخل الصف ربما بحسن النية ولكن الخطأ هو خطأ وان حسنت النيات.

محمد بن سليمان الشويمان

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved