Thursday 5th june,2003 11207العدد الخميس 5 ,ربيع الثاني 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

لمن يتبع التوحديون لمن يتبع التوحديون
مضاوي موسى العتيبي(*)

إعاقة التوحد إعاقة بلا حدود إعاقة نمائية متداخلة ومتشعبة ومعقدة وتظهر أعراضها الأساسية خلال الثلاث سنوات الأولى من عمر الطفل.
والتوحد إعاقة سلوكية وهذا يعني وجود خلل في الأنماط السلوكية وهذا الخلل يتضح في الأنماط التالية:
- خلل في علاقات الطفل بمحيطه الاجتماعي.
- فشل الطفل في تطوير قدرات التواصل بشكل طبيعي.
- اهتمامات الطفل وأنشطة تكون محدودة ومكررة وليست إبداعية.
ولذلك يتضح لنا ان مرحلة التدخل المبكر للطفل التوحدي مهمة جدا وهي مسؤولية الجميع وإذا لم يوفر لهم المجتمع المراكز والفصول التي تؤهله لتخطي هذه المرحلة فهنا يقع الحمل على عاتق الوالدين فالسؤال فقط في كيفية التعامل مع هذه المرحلة من خلال استشارة المراكز المتخصصة في تدريب وتأهيل الطفل التوحدي.
وما يؤسفني ان القوائم تزداد يوماً بعد يومٍ وفي الآونة الأخيرة أصبح ما يسجل على قائمة الانتظار من الأطفال التوحديين في حالات طفولة مبكرة بأعمار تتراوح ما بين سنتين وثلاث سنوات فأصبحت الإعاقة تكتشف في وقت مبكر وهذا قد يكون في صالح الأطفال والأهل وهذا جيد في تخطي مرحلة كبيرة من التشخيص تخبط فيها أهالي سابقون...
ولكن نرجع مرة أخرى للمرارة والألم لعدم توفر أماكن ترعى هذه الفئة من الأطفال في مرحلة التدخل المبكر والتي يكون التدخل فيها مرحلة هامة في حياة الطفل...!!
تحدثنا كثيراً ولكن لم نجد الحل، وكمختصة اجتماعية أشاهد وأسمع وأعاني مما يعاني منه الأهالي ليس في الرياض فقط ولكن في جميع أنحاء المملكة.. أقترح ان يجتمع الآباء في كل منطقة ويعملوا دراسة لحصر عدد الأطفال ومن خلاله يناشدون الجهة المختصة في منطقتهم وكبداية يفتح فصل أو فصلين حتى يتطور إلى مركز ومراكز...!
قد تسألون كيف فالمسألة ليست بسيطة ولا سهلة؟؟ ولكن إذا تضافرت جهود الآباء لأنهم أصحاب المشكلة ومن يعاني منها ستصبح العملية سهلة ومتعبة في نفس الوقت. فالطفل التوحدي تعليمه وتدريبه صعب ويحتاج لعدة عوامل أهمها المعلم والمعلمة المتخصصان والمدربان على كيفية التعامل مع هذه الإعاقة.. أيضا المكان الذي يستوعب الأطفال والتجهيزات التي يحتاجونها.
سنبدأ في البداية وبصراحة إلى الآن والطفل التوحدي متخبط لا يعرف أي وزارة ترعاه فمرة يقال وزارة الصحة ومرة وزارة العمل ومرة وزارة التربية والتعليم ممثلة في إدارة التربية الخاصة.. وكل من هؤلاء القطاعات يرمي حمل هذا (التوحدي) على عاتق الآخر ولنكن واقعيين أكثر.. أن التوحدي هو يتبع جميع هذه الوزارات فوزارة الصحة هي من تشخصه وتتابع حالته الصحية، فالتوحدي يحتاج لتشخيص معين وليس كل طبيب قادر على ذلك كما ان التوحديين يحتاجون لرعاية طيبة مستمرة في مرحلة الطفولة للنشاط الزائد أو عدم التركيز أو قلة النوم وأيضا التوترات المصاحبة لتلك المرحلة وفي مرحلة البلوغ يحتاجون لمتابعة.
لأن هناك حالات تصاب بالصرع والتشنجات وتحتاج إلى متابعة مستمرة أيضا في مراحل أخرى يحتاج إلى مهدئات وفيتامينات لتركيز ومشاكل النوم وغير ذلك..
وهذه الأدوية مسؤولة عنها وزارة الصحة وهي تصرف بمبالغ باهظة وأحياناً لا توجد الوصفات الطبية في المملكة مما يضطر الأهالي آسفين للاعتماد على أنفهسم والذهاب لإحضار الدواء من خارج المملكة وليس كل أسرة قادرة على ذلك!؟
أيضاً وزارة العمل لا بد ان تعرف ان التوحدي هو معاق ومن فئة ذوي الاحتياجات الخاصة، لا بد ان يعطى حقه في التدريب وفي الإعانة وفي كل ما يتعلق بالمعوقين ولا نعرف لماذا يستثنى التوحدي من بعض هذه الخدمات؟ وقد تابعت مع أسرة ما زالوا يبحثون عن إعانة من الوزارة هي من حق طفلهم التوحدي ولم يحصلوا عليها ونحن نعرف أن الدولة ترصد ميزانية لهؤلاء الفئات فأين الخدمة التي تقدم لهذه الفئة؟ نريد خدمة واحدة فقط.
أيضاً وزارة التربية ممثلة في إدارة التربية الخاصة هي مسؤولة عن توفير أماكن التوحديين في معاهد التربية الفكرية.. قد تقولون نعم نحن افتتحنا فصولاً للتربية الفكرية للأولاد وفتحت فصول كثيرة وأخيراً فصول في قسم البنات في معهد التربية الفكرية للبنات.
فأقول هنا وأرد بواقع ما يعانيه الأهالي ان الخدمات التي ينبغي ان تقدم للطالب التوحدي لم تقدم كما ينبغي له في هذه الفصول وفي الفترة الأخيرة أصبح همهم الأول هو استيعاب عدد كبير من هؤلاء الأطفال وركزوا على الكم ولم يركزوا على الكيف!! قد تقولون كيف الكيف؟ لأقول لكم من الطرق التي تساعد هؤلاء التوحديين في تخطي مراحل كثيرة في حياتهم دون حدوث انتكاسات في الطريقة التربوية السليمة لأن تعليمه يختلف تماما ويحتاج إلى مهارة لدى المعلم والمعلمة لكيفية التعامل مع الطالب ولذلك يجب ان نعرف ان تعليمه ليس بطريقة عشوائية أو بطريقة ابداعية وإنما تتبع بطريقة تربوية خاصة لا بد ان يعتني في كل مرحلة من مراحل تعليمه وإلا انتكست حالته للأسواء وذهب ما تعلمه سدى.
هذه الفصول لم يرض عنها كثير من أولياء الأمور لماذا؟ لأنهم لم يجدوا التعليم المناسب لأطفالهم ولذلك يترددون كثيراً في ان ينظم أولادهم فيها.
ونحن نعرف أنه يصاحب هؤلاء الطلاب بعض الانتكاسات النفسية والنشاط الزائد والتوترات الشديدة كإيذاء الذات والآخرين خاصة في مرحلة البلوغ يصاب الأولاد بالصرع. كل هذه الأشياء لا بد ان تؤخذ بعين الاعتبار سواء من المعلم أو مشرف التوحد وهنا دور المعلم والاخصائي الاجتماعي توضيح هذه الانتكاسات وأثرها على الطالب للأهل ومعالجتها ومتابعتها طبيا ونفسيا وتربويا فالجهود هنا لا بد ان تتضافر... ولا نترك ذلك على الأهل فقط. وما يتضح ان أقسام التوحد بالتربية الفكرية لا تأخذ حالات التوحد الشديد ولا حالات التدخل المبكر وتعتمد على سن معين وحالات متوسطة في التوحد أو بسيطة!؟ والسؤال هنا أين تذهب هذه المراحل وهذه الحالات إذا لم تقدم لهم خدمة متكاملة منذ بداية التدخل المبكر إلى سن العشرين وما فوق والحالات الشديدة إذا دربت وتلقت متابعة طيبة وتربوية ستنجح وهناك حالات كثيرة لتوحد شديد تلقت تدريباً وهي الآن نماذج رائعة يستفاد منهم.
ليس معنى كلامي هذا التقليل من شأن وزارة التربية والتعليم ... لا فجهدهم يشكرون عليها لكن ما نطالب به كمختصين وكأولياء أمور لأطفال التوحد هو عمل لجان متخصصة لهذه الفئة كل تركيزها وشغلها هذه الفئة حتى لو قدمت خدمات قليلة فهي بالتالي تخدم بطريقة علمية سليمة واضحة ولا بد ان يساهم في هذه اللجان أولياء أمور التوحديين فهم أصحاب خبرة لا نعرفها نحن المتخصصين (فالإحساس بالألم ليس كمن يتكلم عنه).
أرجع مرة أخرى لاقتراحي للأهالي وأقول لهم لن ينصفكم أحد ما لم تتصفوا أنفسكم لا أحد يحس بمعاناتكم أكثر منكم فهنا لا بد ان تجتمعوا وتطالبوا بوضع فصول في مراكز المعاقين كبداية ثم تنطلقوا منها إلى مراكز توحد..
وهناك الكثير من الآباء والأمهات المتحمسين لذلك ويريدون أحدا يساندهم ويتبنى موضوعهم. وأنا أقول نحن في بلد العطاء ونظل نناشد القادرين على تبني مثل هذه المراكز وهم كثيرون ولكن يريدون من يبحث عنهم ويقدم لهم الفكرة ولنا في أميرتنا الجوهرة بنت فيصل آل سعود الأسوة الحسنة حيث تبنت فكرة الأميرة سميرة الفيصل والتي لها طفل توحدي واحتارت أين تذهب به فتبنت الأميرة الجوهرة افتتاح مركز والدة الأمير فيصل بن فهد للتوحد بالرياض ويعد من أفضل مركز للتوحد في المملكة ولله الحمد وأيضاً الأسبقية كانت رائعة في تبني الجمعية الفيصلية النسوية بجدة افتتاح مركز جدة للتوحد والذي يقدم أفضل الخدمات لأطفال التوحد منذ أكثر من عشر سنوات.
ولا ننسى الدكتورة سميرة السعد وهي أم طفلة توحدية عانت واجتهدت أثمرت بافتتاح مركز الكويت للتوحد ولم تعتمد على الآخرين.
ولا بد أن نكون يداً واحدة من أجل أولادنا التوحديين فنحن من سيصفهم حتى لا تكون قضيتهم فعلا منسية..

(*) إخصائية اجتماعية ومسؤولة اللجنة الإعلامية بمركز والدة الأمير فيصل بن فهد للتوحد بالرياض

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved