Saturday 7th june,2003 11209العدد السبت 7 ,ربيع الثاني 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

المنشود المنشود
قبل المعركة!!
رقية الهويريني

يكثر الجدل حول جدوى الدروس الخصوصية وأهميتها، لاسيما قبل الامتحانات! وتشتكي أغلب الأسر من صعوبة بعض المناهج كالرياضيات أو المواد العلمية واللغة الإنجليزية، لذا يتم الاستعانة بالمدرس الخاص لمعالجة الصعوبات التي يواجهها الطالب في المنهج على الرغم من توفر التعليم العالي للآباء والأمهات إلا أن التطور في بعض المناهج العلمية يجعل الوالدين لا يستطيعان مواكبة ذلك التطور!!
وقد تأتي الحاجة للمدرس الخصوصي بسبب فشل المعلم المدرسي في توصيل المعلومة للطالب نظراً لأن المعلم يفترض وجود خلفية كافية لدى الطالب عن المنهج السابق فهو يتابع حسب المنهج الحالي، بينما المعلم الخاص يبحث عن نقطة الضعف لدى الطالب في المادة فيعالجها بغض النظر عن المنهج الذي يدرسه كما في بعض مواد اللغة العربية والرياضيات واللغة الإنجليزية. ويعود ذلك إلى أن المعلم في المدرسة لديه في المتوسط من 30 إلى 40 طالباً في الفصل، مقابل طالب واحد لدى المعلم الخاص! وهذا بحد ذاته يعد سبباً لتفوقه على معلم المدرسة!! وقد تستعين الأسرة بمعلمٍ واحدٍ لجميع المواد لاسيما في المرحلة الابتدائية، بينما البعض الآخر (من الموسرين) يلجأ لمعلم خاص لكل مادة حسب التخصص. وقد تعود الاستعانة بالمدرس الخصوصي إلى ضعف التوجيه الأسري في المراحل الأولية بالتعليم ورغبة الأسرة بتوفير جو من الرعاية والعناية التي تتمثل لديها بزيادة التدليل وملازمة الأبناء بشكل دائم سواء في حل واجباتهم أو استذكار دروسهم، وحين تزداد المناهج وتتصاعد صعوبتها تخاف الأسرة من إخفاق الطالب أو تراجع مستواه الدراسي لاسيما في نهاية المرحلة الثانوية أو قبلها بقليل فتلجأ إلى وسيلةٍ مساعدة يزعم البعض أنها سهلة ومريحة وهي الاستعانة بالمدرس الخصوصي، مع أنه بالإمكان الانسحاب التدريجي من ملازمة الطفل في دراسته ومنحه فرصة الاعتماد على نفسه واثقة بقدرته وتشجيعه على ذلك، وتعاون الأسرة مع المدرسة لمعرفة جوانب الضعف ومعالجتها. وأسوأ ما تعمد إليه الأسرة هو تسليم الطالب للمدرس الخاص دون تحديد المطلوب وتوضيح الثغرات التي تحتاج إلى دعم ومساعدة، وقد يجهل الآباء تلك الثغرات أو يهملونها عند تسليم الابن للمدرس الخاص! والأجدر عند اللجوء لهذا الإجراء إشراك المعلم المدرسي لتحديد نقاط ضعف الطالب ليتمكن المعلم الخاص من دعم الطالب ومساعدته بصورة فعالة حين يدرك أن دوره تكاملي لزميله المعلم المدرسي.
ويحبذ أن يكون للمدرسة رأيٌ في وجود مدرس خصوصي من عدمه ويكون بالتعاون معها أو من خلالها، كما لابد من اختيار المعلم الذي لديه الاستعداد والمعرفة التامة بالمادة وكيفية تعليمها بالطرق التربوية المعروفة، إضافة إلى الإلمام بأساسيات علم النفس التربوي وعلم نفس النمو للتعامل مع الطالب.
وعلى الأسرة واجبات أدبية تجاه المعلم الخاص وهي تقدير مكانته العلمية وحفظ كرامته فلا تُشعِر الأسرة الابن بالتباهي أمام المعلم، حيث تعمد بعض الأسر إلى تسليم المعلم مكافأته أمام الطالب!! وقد يصل الأمر إلى قيامه هو بتسليمها لأستاذه وهذا من شأنه أن يُفقد المعلم هيبته فتسقط الحواجز بينهما مما يولد روح الاستهتار والتعالي لدى الطالب.
وعلى جانب آخر لابد أن يتحلى المعلم بصفة الأمانة والانضباط واحترام الوقت وعدم تبديده بتناول المشروبات الساخنة أو الباردة والأحاديث الجانبية، فينبغي الالتزام بالهدف الذي حضر من أجله. والمعلم الخاص يسمو بذاته حين تبدو عليه صفات التسامح والاعتدال واتخاذ اللين والحزم في موضعهما أسوة بكل معلم.
وعليه التزام أدبي وواجب تربوي تجاه تلميذه وهو التقويم الدائم للطالب بحسب المعلومات التي يزوده بها كل فترة وبشكل مستمر، كما عليه تطوير شخصية تلميذه بحيث يمثل له القدوة بالأفعال قبل الأقوال، ويكون بمثابة المربي الناصح الذي يعمل على تنمية مدارك ابنه، ويفتح طاقاته وينشط إبداعاته ويسعى لأن يفجر مواهبه بعد تفهم إمكانياته وزرع الثقة في نفسه، وعلينا إدراك أن وجود المعلم الخاص هو استثناء وليس قاعدة ويمكن اللجوء له للوصول إلى بعض الأهداف التعليمية التي لم تحققها المدرسة بشرط ألا يكون بشكلٍ دائم بل محدود وعند الحاجة القصوى فحسب، والأفضل من ذلك كله عقد الدروس الخصوصية في المدارس بعد انتهاء الدوام المدرسي المعتاد وحث الأبناء على حضورها، ومنح المعلمين مكافآت مناسبة بشرط أن يكون عدد الطلاب قليلاً ومتجانساً ليتسنى للمعلم توصيل المعلومة بحسب مستوى الطلاب من حيث البطء في تلقي وفهم المعلومة والتجاوب مع إمكانيات الطالب المحدودة حسب الوقت المقرر لكل مادة فتعليم الصبي مع الصبي ألقن، وهو عنه آخذ وبه هو آنس. هذا عدا أن تعليم الطلاب مع بعضهم يشحذ لديهم روح المنافسة، مما يعطي نتائج أفضل من وجود معلم خاص يأتي للمنزل، ويستنفد الأسرة اقتصادياً!! ويجعل الطالب اتكالياً. فيكون مثل من يبني جداراً، ويهدم صرحاً!!

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved