Sunday 8th june,2003 11210العدد الأحد 8 ,ربيع الثاني 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

نوافذ نوافذ
لا أعتقد
أميمة الخميس

لا أعتقد أن الوجدان العربي في العشرين سنة الماضية، يكره ويبغض شخصية بقدر كرهه لهيئة ومنظر «شارون» الدموي وهو يدحرج كرشه أمامه كأنه أحد المخلوقات الشيطانية المنبثقة عن الجحيم.
وهيئته وهو يقف فوق أرض عربية في شرم الشيخ ويصافح رؤساء عرباً لأشد قسوة ومرارة.
ولكن هل تعرفون ما أشد قسوة من هذا المنظر، هو منظر أمة وقد هدمت ساحاتها ومنازلها ودروبها الحروب، ومنظر وجه طفل يتقشر بحريق القنابل بينما تتخاطف فلاشات التصوير أمنه ليصبح خبرا عالمياً.
مشهد الجثث والحرائق والجبهة الخارجية والجبهة الداخلية وشيطان الحرب يعربد بين البيوت.
هل تعلمون ما أشد بشاعة من منظر شارون؟ منظر خطيب سياسي يعتلي منبراً ويبدأ في تصدير الكذب والتضليل والوعود والشعارات والضجيج محاولا أن يخدع الشارع العربي البسيط المتورط بلقمته الصعبة.
هل تعلمون ما أبشع من هيئة شارون المرعبة أن تنشغل الأمة بلغة الحرب لغة الدمار والتخريب والتهديم وتظل في حالة تحفز واستفزاز لنفير الحرب، الذي يجيش المشاعر والأفئدة بلا طائل يحولها عن لغة العمار إلى منحدرات الخراب لتنشغل بإطعام آلة الحرب الجهنمية، وتختطف الأموال من ميزانية المدرسة ومن صندوق المستشفى ومن لقمة الصغير وتحولها إلى رصاص وقنابل.
وبالأكيد الأبشع من هيئة شارون هو الحلم العربي الخائب الذي استمر يجرجر الشعوب فوق دروب الخيبات وحين كانت طائرات العدو تدك رؤوسهم بالقنابل كانت الإذاعات العربية تدك آذانهم بالاستهانة والكذب والفجيعة.
المتأمل تاريخياً لحال هذه الأمة العربية في الخمسين سنة الماضية يجد أنها لم تلتفت يوما واحدا لأحوالها الداخلية، ظلت في حالة تجيش دائمة تخرج من استعمار إلى آخر ومن ظلم إلى أخيه، وحينما كانت الأمم الأخرى تستعمل وقود الحرب ونيرانها لتأجيج الهمة والروح الوطنية وتبني آلة الحضارة مثل اليابان وألمانيا، وكنا نحن نسلم أنفسنا بيسر وطواعية لمهرجي اللغو والكلام والشعارات والمزايدات والضجيج.
منظر شارون بشع ومقزز ولكنه ليست البشاعة الوحيدة في هذا العالم المنشغل بلغة الحرب ودهاليز السياسة أعتقد بأن الأيدي المشغولة بقرع طبول الحرب ويجب أن تبدأ بالاهتمام بزرع غرسه وبإضاءة مصباح وبحفر بئر في يباس الحلم العربي وليكن منظر شارون بشعاً ولكن نتغصصه لأن هناك ما هو أبشع منه.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved