|
|
إن العاقل المتبصر يعلم ما يحمله الدين الإسلامي من قيم ومبادىء سامية تكفل للناس حقوقهم وواجباتهم على أساس من العدل والمساواة والإحسان والرحمة وصلة الرحم ونبذ كل ما هو مخالف لهذه القيم من الظلم وإهدار الحقوق والجور وإلحاق الأذى بالآخرين وغير ذلك من الأعمال التي تتنافى مع قيم وتعاليم الدين الإسلامي. إن الدين الإسلامي دين تيسير لا تنفير، ففي الحديث الشريف: «يسروا ولا تعسروا.. بشروا ولا تنفروا» فنبينا وقدوتنا محمد صلى الله عليه وسلم كان يحث على التيسير والسماحة والرحمة والعطف، بل إن رحمته شملت الحيوان حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «في كل كبد رطبة أجر» وكان يقول «بعثت ميسراً لا معسراً». إن الأمن هاجس البشرية جمعاء منذ القدم، فلا وجود أو طعم للحياة بدون توفر الأمن على النفس والعرض والأهل والبيت والممتلكات. ولذا فإن الأمن من أكبر النعم التي يجب المحافظة عليها وعدم السماح بانتهاكها، فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم «من بات آمناً في سربه ووجد قوت يومه كأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها». لقد انطلق نور الإسلام وانطلقت معه نعمة الأمن والتآخي والتراحم وأخمدت نار الفتنة والتناحر والفرقة التي عانت منها الجزيرة العربية وأصبحنا ولله الحمد بهذا الدين إخوانا وأصبح الجميع يتنقل ويبيت على جنبات الطرق أو في العراء وهو آمن على نفسه وعرضه، بل إن التاجر عندما يرفع الأذان للصلاة يضع قطعة من قماش على بضاعته ويذهب لأداء الصلاة وهو آمن على ممتلكاته، وهذا على عكس ما يحصل في الدول الأكثر تقدماً حيث إنها لا تنعم بنعمة الأمن، فالدراسات والإحصائيات تبين حجم وتعاظم مشكلة الأمن في تلك البلاد وهي الأكثر حزماً ونشاطاً في الإجراءات الأمنية ومع هذا فأعداد القتلى بدوافع السرقة مرتفعة وسرقة المحلات التجارية والسيارات والمنازل تشكل هاجساً أمنيا في تلك الدول بالرغم من لجوء الأفراد وأصحاب المحلات إلى استخدام آخر ما توصلت له التقنية لحماية ممتلكاتهم، بل إنه وجد في العديد من الدول المتطورة خطر محدق لمن يتواجد في وسط المدينة ليلاً.. فلقد حصل في إحدى مدن الولايات الأمريكية أنه انقطع التيار الكهربائي ذات ليلة فدبت الفوضى وعمت أرجاء المدينة عمليات النهب والسلب.إن ما حدث من تفجيرات في مدينة الرياض هو أمر غريب ومستهجن ودخيل على مجتمعنا ولا يمثل بأي شكل صفات المسلم، ففي الحديث الشريف: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده»، والإسلام والمسلمون بريئون من هذه الأعمال الدنيئة التي تنم عن ضحالة التفكير وضيق الأفق والاعتماد على أسلوب الغدر والخيانة. كيف لا وهم بذلك يسيئون للإسلام وأهله ويؤكدون على المزاعم الصهيونية والأمريكية بأن الإسلام دين إرهاب. الدين الإسلامي لا يقر قتل الأبرياء بصرف النظر عن معتقداتهم ومذاهبهم وجنسياتهم وكذلك فإن المعاهد والمؤتمن لا يجوز قتلهما، فرسولنا صلى الله عليه وسلم قال: «من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة»، ولعلنا نستشعر حديث أم هاني عندما دخل الرسول صلى الله عليه وسلم في فتح مكة، فقد ذهب مشرك يستجير بأم هاني وأخبرت الرسول بذلك «لقد أجرت أحد المشركين فأجره يا رسول الله فضحك رسول الله وتبسم وقال لقد أجرنا من أجرت يا أم هاني فكررها ثلاثاً» ولا شك أن إجارة ولي الأمر لها عظمتها وحرمتها فهو أعطى الأمان لغير المسلمين في القدوم لبلادنا للعمل في مجالات وأعمال تقنية وطبية متخصصة تحتاج لخبرات ومعارف هؤلاء الغربيين، وهم قدموا وأعطوا الأمان فلهم ما على المسلمين من حفظ دمائهم وحقوقهم، والإسلام ليس دين غدر، ولا من شيم المسلمين الغدر، لا شك أن هناك قصوراً من قبل الجهات ذات العلاقة حول توضيح مثل هذه الأمور من خلال عقد الندوات والنشرات ووسائل الإعلام المقروء والمرئي والمسموع التي توضح الأحكام الشرعية فيما يتعلق بالمستأمنين والمعاهدين وتبصير المسلمين بهذه الأحكام قال تعالى: {فّاسًأّّلٍوا أّّهًلّ الذٌَكًرٌ إن كٍنتٍمً لا تّعًلّمٍونّ} ، ولا بد من تكثيف اللقاءات والحوارات بين كبار العلماء وعامة الناس وعدم ترك الشباب فريسة سهلة لمن يتربص بالإسلام وأهله والتغرير بهم من قبل أصحاب العقول المريضة الذين وللأسف جعلوا الدين مطية لهم كي يحققوا مآربهم وأهدافهم. إننا ندرك بأن هناك ضعفاً في الوعي الاجتماعي بشكل عام داخل المجتمع من حيث تقبل الآخرين والحوار معهم ولنا في رسولنا وقدوتنا أسوة حسنة، فقد كان صلى الله عليه وسلم يتقبل الحوار مع اليهود وغيرهم ويناقشهم ويحاورهم. فيجب عدم ترك الساحة مفتوحة أمام هؤلاء المتربصين، ويجب ملؤها بشكل مستمر من قبل أصحاب الفضيلة العلماء الأجلاء والمربين والنبلاء والمثقفين المعتدلين وكل مواطن غيور على دينه ووطنه بكل ما هو نافع ومفيد لأمتنا وشبابنا. |
![]()
[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة] |