Monday 16th june,2003 11218العدد الأثنين 16 ,ربيع الثاني 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

لحظاتنا المتسربة..«الحياة تمضي سريعاً، فلا تتلفت حولك لئلا تضيع وقتك» لفريس بوهلر لحظاتنا المتسربة..«الحياة تمضي سريعاً، فلا تتلفت حولك لئلا تضيع وقتك» لفريس بوهلر
د. سهام العيسى

هناك العديد من المهارات الأساسية التي ينبغي لنا الوعي بها والتحكم بها وتطويرها، وأهمها ادارة الوقت، إدارة الوقت لا تعني قواعد ومقترحات عامة للجميع للكيفية التي سندير بها أعمالنا وحياتنا ونحصل على فائض من الوقت نفكر مستقبلاً كيف نديره، بل ان هذا الفن يختلف من فرد إلى آخر وذلك لاختلاف الاحتياجات الفردية.
تمر الأيام والساعات واللحظات وتتسرب بكل هدوء وبسرعة الضوء نحاول ان نسترجع تلك اللحظات الهاربة لنكتشف أن الوقت هو المورد الوحيد الذي ينضب فور تلقيه ويصرف بمعدل ثابت للجميع وعلى الدوام ستون ثانية لكل دقيقة وستون دقيقة لكل ساعة.
هنا نصل إلى حقيقة ثابتة وهي أن سنوات عمرنا تهدر في هذه الرحلة الزمنية وأن ما نحتاج إلى ادارته هو أنفسنا في رحلة الحياة التي نسير في متاهاتها.
يقول تشيسترفيلد: «أعرف القيمة الحقيقية للوقت، ولا تدع لحظة تمر دون أن تنتهزها وتستمتع بها، ولا تفسح الطريق أمام الكسل والخمول، ولا تؤجل عمل اليوم إلى الغد».
شدتني هذه العبارة لأن ما نحتاج إليه حقيقة هو ادارة حياتنا فبوسعنا توفير الوقت وليس الهروب المقنع والأعذار التي ننسجها من بقايا خيوط العنكبوت بأننا لا نجد الوقت الكافي لأداء أعمالنا أو حتى الوقوف مع ذواتنا ومراجعة خططنا الذاتية، قد يظن الكثير أن النجاح في ادارة الوقت هو أن يكون وقتنا مزدحماً وأن ننجز أكبر قدر من الأعمال في أي وقت سواء في أوقات العمل أو خارجها، وأن يكون وقتنا مزدحماً»، لا وقت فراغ دوامة عمل منظم تنتهي لندخل دوامة عمل أخرى. الكثير منا لا يشعر بنعمة الوقت، لذا نحن لا نتوقف ولو لثانية لنلقي نظرة فاحصة على كيفية تمتعنا بهذه النعمة، والأغلبية منا تربط الادارة الجيدة للوقت بادارة العمل فقط ولكن الحقيقة الثابتة ان ادارة الوقت هي ادارة حياتنا من لحظة الميلاد إلى أن توافينا المنية، فكم واحد منا توقف في محطات الحياة ليسأل نفسه ما هي أهم أهدافي وقيمي في هذه المرحلة من حياتي؟ ما الذي احتاج إليه كي أتمكن من تحقيقها؟
إننا نسير في عالم متسارع وعند توقفنا فجأة لأي سبب مرض، فشل اجتماعي، خسارة اقتصادية أو أي سبب آخر يوقفنا اجباريا، نكتشف كم مضى من العمر، كم كنا بعيدين عن أنفسنا، لحظة صدق أزاحت الستار عن الحقيقة الغائبة وان الكثير منا كان يسير مع التيار دون توقف ودون تحديد، وان هناك الكثير تم تحقيقه ومعظمه لا يرتبط بأهدافنا الحقيقية، فالكثير منا يكتشف أن أهدافه الحقيقة غطتها طبقة كثيفة من غبار الجري وراء أهداف وقيم كنا نظنها هي أولى الأولويات في بناء مستقبلنا وفي تكاملنا العملي والاجتماعي في رحلة العمر. وعند محاولة تحليلنا لواقعنا نجد أن أهم أسباب ذلك هو أننا لم نتعود على تحديد أولوياتنا في الحياة، وثانيهما أننا مجاملون على حساب أنفسنا وحياتنا.. فكم من الوقت يهدر وكم من المقاطعات التي لا نستطيع نردها؟ وكم من الأعمال التي نرفضها ونضطر أن نقوم بها مجاملة؟ يجب أن نتعلم أن قيامنا بالأشياء هو متعة وانجاز ورغبة تنبع من داخلنا وليس بسبب احساسنا بالذنب أوالواجب، إن القيام بأي عمل بدافعية حقيقية يمنحنا الاحساس بالرضا والسعادة الحقيقية، ولنتذكر أن حياتنا هي قوتنا ولسنا بحاجة إلى تبرير وتفسير أفعالنا والدفاع عنها ما دامت تحكمها الضوابط الدينية والاجتماعية ولسنا بحاجة إلى تبرير وتفسير أفعالنا والدفاع عنها لدى الغير.
ان تحديد قيمنا وأهدافنا هو أول خطوة في الاتجاه الصحيح نحو ادارة الحياة وليسأل كل منا نفسه هل هو مستعد لادارة ما تبقى من حياته؟ وهل سيقف وقفة حقيقية مع نفسه ليعيد ترتيب أولوياته؟
فلنتكل على الله ولنبدأ هذه الخطوة، فالتسويف هو أحد وأهم مضيعات الوقت.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved