Monday 16th june,2003 11218العدد الأثنين 16 ,ربيع الثاني 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

فقدناك يا فدغوش فقدناك يا فدغوش
النقيب سعد بن محمد بن جليغم

نظرات وحسرات.. لحظات بائسة ومحاولات يائسة.. عين تنظر ويد تقصر.. وقفت وأشقائي وأبناء عمي أمام أجهزة طبيةكثيرة تظهر أرقام حمراء في مركز القلب بمستشفى الحرس الوطني وكلما أمعنا النظر في رقم بدأ يدنو شيئاً فشيئاً حتى أخذت في النزول وما هي إلا ثوان وفي تمام الساعة الثامنة صباحاً إلا عشر دقائق من صباح يوم الجمعة الموافق 22/3/1424هـ وإذا بتلك الأجهزة تعطي صوتاً واحداً كهمهمة الخيل المسرجة وتتوقف وبتوقفها توقفت الدماء في العروق وترفرفت العيون بالدموع ولهجت الألسن بلا إله إلا الله، إنا لله وإنا اليه راجعون. وقع الخبر على قلوبنا كالصخرة الملقاة من شاهق.. أنصدق أم لا.. تحرك اليمين التي كانت تصافح وتمسح دمعة اليتيم وإذا بها مهملة أمعنا النظر، وإذا بها قد شخصت العينان وضعف اللسان وبردت القدمان.. فقدناك يا فدغوش..فقدنا شقيقنا الأكبر لا بل والدنا، فمنذ نعومة أظفارنا ونحن نعيش في كنفه وتحت أنظاره، فكان نعم الأب بعد الأب الذي فقدناه ونحن صغار ولم نشعر باليتم في حياته، لو أردت أن أرثي شقيقي فلن أوفيه حقه وربما أتهم بالمبالغة أو يقال انني أريد ذكر محاسنه بعد موته، ولكنها الحقيقة تنبئ عن حالها فلن أقول بأن شقيقي يتميز عن جميع البشر ولكنه يمتاز علينا نحن أشقاءه بقوة ايمانه وثباته على الحق فمنذ عرفناه لم يمر بجهالة قط، أو عصر مراهقة بل كان ملتزماً بطاعة الله قولاً وعملاً مبتعداً عن مواطن الشبهة والريبة ولا نزكي على الله أحداً، وأما حاله مع خصال الرجولة والشهامة فقد كان رحمه الله قدوة لنا في كثير من تلك الخصال بل نعجز أن نقتدي به فقد كان سخي اليمين ذرب اللسان عفيف النفس.
تأكد لي محبته في النفوس وشعبيته التي انتزعها بطيب معاشرته ودماثة أخلاقه وجعلتني أشد حزناً عندما شاهدت تلك الجموع من الرجال والنساء والصبيان التي قدمت من كل مكان داخل الرياض وخارجها لتقديم العزاء وتلك الاتصالات الهاتفية التي تتسابق دموع أهلها قبل سماع أصواتها على مدار أسبوع كامل وما صاحبها من دعوات صادقة للمتوفى بالمغفرة والرحمة، تلك المشاهد والمواقف خففت آلامنا وأحزاننا..والله لو الدموع ترجع غائب لذرفناها.. ولو الأموال تعيد لبذلناها.. ولو الأرواح تحيي ميتاً لارخصناها، ولكنها سنة الله في خلقه ولن تجد لسنة الله تبديلا، أبناء الفقيد حان وقت رد الجميل والوفاء لوالدكم فقد توفي والدنا ونحن مثلكم صغار وقام والدكم بما أوجبه الله عليه من رعاية واهتمام حتى أصبحنا رجالاً نعتمد على أنفسنا، واليوم وقد غاب عنكم بجسمه فقط أما حنان الأبوة والرعاية فسوف نبذل قصارى جهودنا لتعويضكم ذلك ونرد الجميل وهذا من صنائع المعروف فإن مات والدكم فلكم سبعة آباء وهم أعمامكم. من لا يشكر الله لا يشكر الناس فكل من واسانا وشاركنا احزاننا حضورياً أو هاتفياً من مسؤولين وشيوخ قبائل وزملاء وأصدقاء وجماعة نقول لهم جزاكم الله خيراً وألا يريكم أي مكروه، ونسأل الله لفقيدنا المغفرة وأن يدخله فسيح جناته ويلهمنا الصبر والسلوان ولله ما أخذ ولله ما أعطى وإنا عليك يا فدغوش لمحزونون.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved