Thursday 19th june,2003 11221العدد الخميس 19 ,ربيع الثاني 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الجهود الأمريكية في الشرق الأوسط الجهود الأمريكية في الشرق الأوسط
هيلينا كوبانا *

أهنئ الرئيس بوش على مشاركته القوية في جهود السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
ففي خلال الشهور الاثنين والثلاثين الماضية قتل 377 طفلا فلسطينيا مقابل90 طفلا إسرائيليا، كما قتل أكثر من 2100 رجل من الجانبين خلال نفس الفترة نتيجة أعمال العنف المتبادل، وهناك إحصائيات اخرى تقول إن القوات الإسرائيلية اغتالت خلال نفس الفترة أكثر من مئة فلسطيني في عمليات أشبه بالإعدام بدون محاكمة وخارج أي عملية قانونية، وهذا يؤكد الحاجة الملحة لضروة التدخل لمنع المزيد من التدهور. وقد أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش اصرارها على نجاح المفاوضات الحالية.
ولكن هل يكفي عشرة أمريكيين غير مسلحين للقيام بهذه المهمة؟
لقد قال الرئيس بوش في نهاية قمة العقبة الثلاثية التي شارك فيها إلى جانبه رئيس الوزراء الفلسطيني محمود عباس ونظيره الإسرائيلي آرييل شارون أن مهمة الوفد الأمريكي هي مساعدة طرفي الصراع في المضي قدما نحو السلام ومراقبة تقدمهما. وفي هذه المرحلة من خريطة الطريق فإن رئيس الوزراء الفلسطيني الجديد مطالب باتخاذ خطوات ملموسة من أجل وقف ومنع كل عمليات العنف ضد الإسرائيليين.
أما بالنسبة لرئيس الوزراء الإسرائيلي فإن المطلوب منه هو البدء الفوري في إزالة البؤر الاستيطانية غير القانونية التي أقيمت منذ مارس عام 2001 وتجميد كل الأنشطة الاستيطانية ورفع الحصار عن المناطق الفلسطينية المحتلة. والحقيقة أن اتخاذ خطوات مثل هذه الخطوات ينطوي على مخاطرة كبيرة لكلا الزعيمين.
فكل منهما يواجه معارضة قوية من جانب المتشددين في بلاده وكلاهما يقود شعبا عانى الكثير من العنف المستمر منذ أكثر من 32 شهرا والحقيقة أنه لا محمود عباس ولا شارون يريد أن يدخل التاريخ باعتباره الشخص الذي أشعل حربا أهلية في بلاده لذلك فكل منهما يأمل في أن يستطيع دفع شعبه برفق نحو عملية التفاوض بالإقناع وليس بالإجبار.
ولهذا السبب فإن وجود مراقبين من خارج طرفي الصراع يتولون رعاية جهود الطرفين مسألة حيوية جدا من أجل استمرار عملية السلام، وعلى الرئيس بوش وشركائه في اللجنة الرباعية الدولية الراعية لعملية السلام في الشرق الأوسط وهم إلى جانب أمريكا الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة وروسيا أن يعلنوا بكل وضوح وقوة أن أي محاولة لنسف عملية السلام لن تكون مقبولة، وأن ينطبق هذا على أي تحركات من جانب إسرائيل كما ينطبق على تحركات الفلسطينيين، لذلك فإذاما رأى كل من الفلسطينيين والإسرائيليين أنه يتم تطبيق خريطة الطريق بصورة عادلة فسوف يزداد مؤيدو هذه الخطة في الجانبين.
وهناك الكثير الذي يمكن للجنة الرباعية الدولية وأمريكا على وجه التحديد أن تفعله لمساعدة كل من عباس وشارون للاستمرار في مسيرة السلام. فمحمود عباس في حاجة إلى مساعدات ضخمة من أجل إعادة بناء الكثير من هياكل الحكومة الفلسطينية التي دمرتها القوات الإسرائيلية على مدى الشهور الماضية.
ومن المتوقع أن يستمر معارضو خريطة الطريق في كلا الجانبين في ترديد الشعارات المناهضة لها، ولكن على أمريكا وغيرها من اعضاء اللجنة الرباعية أن يظلوا مدركين دائما أنه على الرغم من الضجيج الذي يثيره معارضو الخطة أن أغلبية كل من الإسرائيليين والفلسطينيين يتطلعون إلى وضع حد للعنف والعودة إلى الحياة الطبيعية بدون عنف ولا احتلال.
فعلى كل جانب من جانبي الصراع يؤيِّد أكثر من سبعين في المئة من الشعب حلَّ المشكلة الفلسطينية على أساس وجود دولتين متجاورتين. واحدة فلسطينية والأخرى إسرائيلية وفقا لاستطلاع الرأي الذي أجرته جامعة ميريلاند الأمريكية في المنطقة. إذن فالمهمة الأساسية لقادة اللجنة الرباعية هي منح الصوت لهذه الأغلبية الصامتة في الجانبين.
بالفعل ما زال هناك الكثير من القضايا الحساسة والشائكة في حاجة إلى مزيد من التفاوض بشأنها، وبالطبع فإن خريطة الطريق مليئة بالعيوب التي يجب إصلاحها في الوقت الذي تحصل فيه عملية السلام على قوة الدفع اللازمة، ولكن على الأقل فإن الرئيس الأمريكي بما يملك من قوة دولية غير مسبوقة بدأ يشارك بقوة في عملية السلام من أجل الوصول بها إلى النهاية الناجحة وإقامة دولة فلسطينية إلى جانب الدولة الإسرائيلية. والحقيقة أنه يوجد الآن في كل من الجانب الفلسطيني والجانب الإسرائيلي رئيسا وزراء مستعدان لتحمل مخاطر حقيقية من أجل السلام ولذلك يجب مساندتهما بصورة كاملة.
لذلك فإن «مراقبي السلام» العشرة الأمريكيين مهمون جدا من أجل نجاح المرحلة الحالية ولكنهم في حاجة ايضا إلى مساندة قوية من واشنطن، ففي هذه الحالة يمكنهم المشاركة في تحقيق التهدئة والاستقرار المطلوب في الشرق الأوسط ربما أكثر مما يفعل عشرات الآلاف من الجنود الأمريكيين المدججين بالسلاح في العراق.
* مؤلفة خمسة كتب في العلاقات الدولية خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»- خاص ب«الجزيرة».

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved