الفلسطينيون بين الحوار والمواجهة

من الصعب على رئيس الوزراء الفلسطيني أبومازن الانسلاخ من جلده والانقلاب على شعبه ومحيطه السياسي، لكي يظفر بسلام مع إسرائيل وبشروط إسرائيلية، وعندما تطلب منه الولايات المتحدة وإسرائيل أن يسارع إلى تولي مهمة الأمن في الأراضي الفلسطينية وعدم انتظار الحصول على هدنة من الفصائل، ففي الاستجابة انزلاق نحو مواجهة فلسطينية ـ فلسطينية وقطع لحوار متصل بين الفصائل يستهدف التهدئة.
وجاءت زيارة وزير الخارجية الأمريكي كولن باول إلى الأراضي الفلسطينية فيما كان أبومازن يبحث مع الفصائل كيفية التوصل إلى هدنة للوفاء باستحقاقات خريطة الطريق، حيث ظهرت مؤشرات على أن شيئاً يتحقق بهذا الصدد.
وأتاحت اللقاءات والحوارات الفلسطينية طوال عدة أيام أن يقول الجميع ما يعتقدونه، كما شكلت فرصة للإفصاح عن مرئياتهم حول ما جرى وخصوصاً في العقبة، وبدا وكأن النفوس تتصافى وأنها أضحت مهيأة لاستشراف المرحلة المقبلة بروح إيجابية حيث أبدت معظم الفصائل الفلسطينية استعدادها للبحث في الهدنة المرجوة وحددت شروطها في هذا المجال.
وقد ظهر جلياً في المؤتمر الصحفي بين باول وشارون مدى التقارب بين أمريكا وإسرائيل في المواقف العدائية تجاه الفصائل الفلسطينية التي يعتبرون أنها لا تتعاطى مع التسوية، حيث انصبت عليها اللعنات الأمريكية والإسرائيلية بينما جرى تحريض أبومازن لمواجهة حماس تحديداً.
إن مبدأ المواجهة على الساحة الفلسطينية يعني حرباً أهلية وهذا أمر تدركه الفصائل جيداً، كما تدرك أن هناك من يدفع دفعاً إلى هذه الحرب.
ولهذا فإنه يبدو من المنطقي أن تسعى الفصائل أولاً إلى التأمين على أهمية الحوار وأن يستمر هذا الحوار بينها لأنه إحدى ضمانات تماسك الصف الفلسطيني، خصوصاً وقد ثبت أن هذا الحوار كان مجدياً، والمطلوب أن يظل كذلك.