Monday 30th june,2003 11232العدد الأثنين 30 ,ربيع الآخر 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

خبراء الإستراتيجية العسكرية لـ « الجزيرة »: خبراء الإستراتيجية العسكرية لـ « الجزيرة »:
الجيش العراقي شرطياً وبوليسياً يخدم الأهداف الأمريكية
جيش هزيل لا يقوى على حماية البلاد وليس لديه انتماء

  * القاهرة مكتب الجزيرة
أماني الطويل - عثمان أنور:
أكد خبراء الاستراتيجية العسكرية ان قرار الادارة الأمريكية بانشاء جيش عراقي جديد بدلا من الجيش السابق الذي تم حله في 23 مايو /أيار الماضي جاء كرد فعل لأعمال المقاومة العراقية التي تتنامى بصورة كبيرة في العراق ضد قوات الاحتلال وانه محاولة فاشلة لاحتواء سخط الجنود العراقيين الذين وجدوا أنفسهم بلا عمل.
وأضاف خبراء العسكرية ان هذا الجيش الجديد سيأتي فاقدا للشعور بالعمق القومي وان وظيفته ستكون شرطية وبوليسية يقوم على قمع أعمال الشغب من وجهة نظر الادارة الأمريكية وحماية مصالحها.
ومنذ قرار الادارة الأمريكية بانشاء جيش عراقي يبدأ تجنيد عناصره بتشكيل فرقة مبدئية قوامها 12 ألف جندي تكون جاهزة خلال العام تنمو الى 40 ألف عنصر خلال ثلاثة أعوام أثيرت العديد من التساؤلات حول دلالة انشاء الجيش الجديد وما هو دوره وهل سيأتي لاحتواء الغضب والمقاومة المتزايدة أم كما تأمل الادارة الأمريكية انه سيضطلع بحماية حدود البلاد والدفاع عنها حسبما صرح والتر سولوكوم وهو مستشار للأمن والدفاع في الادارة الأمريكية الانتقالية في العراق.. سيكون قوة عسكرية وليست قوة شرطة ولا قوة حراسة أمنية؟!
جيش بالنيابة
يؤكد الفريق سعد الدين الشاذلي ان واشنطن تريد جيشا عراقيا يدعم الوجود الأمريكي ويتصدى للأخطار نيابة عنها ويتكفل بملاحقة وضرب أي مقاومة محتملة ومن ثم الرهان عليه مستقبلا في حالة انسحاب القوات الأمريكية وان يكون قوة بديلة لحماية المصالح الأمريكية والحفاظ على العملية السياسية في العراق كما أراد لها مخططو الاستراتيجية في البيت الابيض ان تكون.
ويضيف الشاذلي ان الجيش الذي يعمل الأمريكيون على تأسيسه في العراق سيكون جيشا شرطيا وبوليسيا هزيلا تؤسس سلطة الاحتلال هيكلته لمكافحة الشغب الذي سيعني مقاومة الاحتلال ليكون جيشا مجردا من العمق القومي وتجهيزه بسلاح لا يستخدم الا ضد خصوم واشنطن ويقول الشاذلي ان قوات التحالف اقدمت على حل الجيش العراقي بقناعة ان هذا الجيش هو جيش صدام وليس جيشا وطنيا ومتمرسا وله خبرة وباع طويل في القتال والحروب ومن ثم جاء حله لاضعاف قوة كان يحسب حسابها ولتخصم من قوة العرب كما جاء حله في صالح اسرائيل ومن ثم جاء هذا القرار صادما لكل الوطنيين العراقيين ولكن ما ان أعادت واشنطن النظر في التفاصيل الاجرائية لأجندتها السياسية في العراق وجاءت بالحاكم المدني بول بريمر عوضا عن العسكري جاي غارنر أقدمت مبكراً على اللعب بأوراق مكشوفة حينما استبدلت مزاعم التحرير بحقائق الاحتلال مما أدى الى افتضاح كلي لأهداف الحرب بعد ان انفجرت بالونات المبررات التي شنت الحرب على خلفيتها وفي مقدمة ذلك الزعم بحيازة العراق أسلحة دمار شامل عجز الأمريكان عن العثور على ظل لوجودها وهذا كله لا يعطيها الحق بحرق كل ما قالت به بشأن اعادة اعمار العراق لتنشئ قولا آخر بل فعلا آخر وهو السعي المدبر لاعادة تأسيس الدولة العراقية طبقا لمواصفات أمريكية.
مشاكل لا حصر لها
ويرى اللواء عبد الرحمن الهواري ان الجيش الجديد سوف يأتي بمشاكل لا حصر لها ومنها إحداث العديد من القلاقل والمنازعات داخل النسيج العراقي فمن سيختارونهم سيكونون في نظر العراقيين الوطنيين مجموعة من العملاء كما ان طبيعة أعمالهم التي ستقررها الادارة الأمريكية والتعليمات التي يتلقونها ستكون ضد الشعب بالطبع مما يثير النزاعات والقلاقل والفوضى ولعل هذا ما تريده أمريكا فالجيش الجديد ليس لحماية البلد من العدوان والاحتلال الخارجي فالعدوان والاحتلال موجودان بداخله وبالتالي تثور التساؤلات حول مهمة هذا الجيش كما ان هذه الخطوة بانشاء جيش عراقي تأتي بعد ان نجحت قوات التحالف في دفن 82 عاما من العسكرية العراقية وما تشكيل جيش جديد الا تأسيس على نقطة الصفر في دولة هي ليست أفغانستان ولا تيمور الشرقية وما تم بناؤه في ثمانية عقود لا يمكن تلفيفه في ثمانية شهور إلا اذا كان الهدف من ذلك تأسيس قوة شكلية ذات أغراض أقل كثيرا من أبجديات شروط الدفاع عن البلاد.
خلاصة القول الاشارة الى ان سلطة الاحتلال الأمريكية اختارت ان تبادر الى ضرب العراقيين سواء بقطع الأرزاق أو بقطع الاعناق قبل ان يبادورا هم بالمقاومة مما سيضطرهم الى التعجيل في تنظيم صفوفهم للشروع في أعمال مقاومة غير عادية لأنها تأتي من طرف عسكريين اكتسبوا خبرات كبيرة في القدرة على مباغتة العدو وتكبيده أفدح الخسائر.
غياب التوازن
ويرى اللواء صلاح سليم انه لابد من التأكيد أولا على ان غياب الجيش العراقي من حيث كونه قوة توازن اجتماعي وسياسي وأمني سيؤدي بالضرورة الى سيادة البعد الفئوي الذي سيغري التيارات المسلحة على تأكيد حضورها في الميدان السياسي بثقل قوة السلاح الذي تملكه لا سيما وان سلطة الاحتلال اجازت للقوى الكردية في كردستان الاحتفاظ بأسلحتها الثقلية وفي ذلك مهما كانت المبررات تغليب في عوامل القوة لطرف عراقي على آخر مما يدفع بالأوضاع السياسية والاجتماعية في البلاد والعلاقات بين التيارات الى منطقة خلافية من الخطورة على الوحدة الوطنية.
لقد أغفلت سلطة الاحتلال حقيقة انها بهذا القرار فتحت نافذتين لا تجلبان سوى العواصف التي لا أحد يستطيع التصدي لها قبل ان تسيل دماء غزيرة مرة أخرى حيث ان الأمريكان اختاروا تأليب الفرقة والصدام بين قطاع واسع من رجال تمرسوا في القتال على أرضهم وبذلك تكون الولايات المتحدة هي التي بادرت الى اشاعة الفوضى والقتل وفتح النار.
كما ان خطورة هذه الخطوة انها ستكون انتقائية بمعنى انه سيكون هناك جنود مفضلون للادارة الأمريكية وهؤلاء سينضمون وآخرون مغضوب عليهم ومن شأن هذا ان يؤجج وتيرة الغضب العام ضد قوات الاحتلال.
ويرى الباحث محمد عبد السلام الخبير العسكري بمركز الأهرام للدراسات ان خطوة انشاء الجيش العراقي انعكاس ورد فعل لما يحدث في الواقع فمن الغريب ان يتم اغفال البطالة ويأتي التحول الأمريكي استجابة لمطالبة الجنود بعد سلسلة من الهجمات التي استهدفت جنودا أمريكيين فضلا عن منشآت نفطية في العراق ووافقت قوات التحالف على منح الجنود العراقيين رواتب مستحقة بعد تصاعد وتيرة العمليات التي استهدفت جنوداً أمريكيين ومنشآت نفطية عراقية بعد هزيمة القوات العراقية امام قوات التحالف بزعامة الولايات المتحدة وبعد حل الجيش العراقي تمكن الجنود العراقيون من انتزاع موافقة التحالف على منحهم رواتب مستحقة بعد تصاعد العنف في الأراضي العراقية ولكن انشاء هذا الجيش سيكون له تداعيات غير مقبولة لاثارتها الاضطراب والفوضى في الداخل العراقي.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved