Monday 30th june,2003 11232العدد الأثنين 30 ,ربيع الآخر 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الإعلام وأهدافه النبيلة.. المفترضة الإعلام وأهدافه النبيلة.. المفترضة
بلقيس حميد حسن/ شاعرة وناشطة حقوقية عراقية مقيمة في هولندا

حين شاهدت في إحدى الأقنية الفضائية العربية، الاتصال الذي أجرته هذه القناة مع السيد صائب عريقات المفاوض الفلسطيني الذي استقال قريباً وقبلت استقالته، نرى أن السيد صائب قد تحدث عن الأولويات التي يجب أن تناقش في هذه المرحلة التي يمر بها الشعب الفلسطيني بكرب وتقتيل وتدمير لبيوته، وهدر حقوقه، وقد تحدث السيد صائب بذكاء وحذر وكأنه يعلم أن المذيعة حاولت أن تلتقط منه كلمة واحدة تعلِّق عليها جملة لتوصله الى خلاف بينه وبين رئيس الحكومة الجديدة، لقد حاولت المذيعة أن تأخذ من الرجل كلمة لتبني عليها موقفا يفسد عليه، ثم قالت لقد قبلت استقالتك بمعنى أنهم قد استغنوا عنك. لكن خبرة المفاوض البارع السيد صائب عريقات ووطنيته وحذره الشديد جعله يستشهد بما قاله ديغول حين فتح نافذته المطلة على مقبرة وقال: أترون كم عدد هؤلاء كثير، كلهم كنا نعتقد يوما أننا لا نستطيع الاستغناء عنهم، وبهذا أفسد عليها نظراتها المتهيبة للوقوع به، ثم تحولت الى السيد نبيل شعث لتقول له ما هو ردك على السيد عريقات؟، وكأن السيد عريقات قد تهجم على أحد من الحكومة أو قال ما يستحق الرد، وأجابها السيد نبيل شعث بروح وطنية إن ما قاله السيد عريقات لا يحتاج لرد، بل إن علي أن أشكره لكل حبه للوطن وحديثه الجميل عن أبرز الأولويات والمعضلات التي يمر بها الشعب الفلسطيني، لقد أسقط في يدها ولم تأخذ من أحدهما كلمة تؤسس عليها خلافا يتصدر إعلانات برامجهم.
هذه عينة من عمل الإعلاميين الذين يفهمون من الإعلام فقط السبق صحفي، دون النظر لما سوف يتبعه من نتائج مضرة للآخرين وللأوطان، هكذا يشجع الإعلاميون العرب الصراعات بين السياسيين والخلافات ليستفيدوا هم ماديا، فهل هذه هي أهداف الإعلام؟
لقد تحول الإعلام بزماننا هذا الى هذيان وسباق لا يفهم معنى الحق ولا البحث عنه، لقد نسي الكثير من الإعلاميين، أهم وأبرز ما يجب عليهم كإعلاميين عمله، ألا وهو الكشف عن الحقائق لصالح البشر ولصالح الحق، من أهداف الإعلام تنوير الناس وتوجيههم الوجهة الحكيمة، من أهداف الإعلام فضح الجرائم وكشف أطماع وجشع بعض السياسيين والمستغلين والمحتلين والمنتفعين، ومن أهداف الإعلام نشر الثقافة والعلم بين الناس، لا البحث عما يعمِّق الخلافات بين هذا السياسي أو ذاك، وإيجادها إن لم تكن موجودة، ليس من أهداف الإعلام التصيُّد بالماء العكر وأخذ جانب الأقوياء الجبارين، كما كان إعلامنا العربي ينفخ بصورة القائد الفذ، والقائد الفارس، والبطل والقومي، القائد الذي يجزّ رقاب أبناء الشعب العراقي حتى ملأ العراق قبوراً جماعية، لقد ساهم الإعلام العربي في التكتم عن جرائم صدام حسين، وساهم أيضا بدفعه لتصور نفسه بأنه هو الحق الذي لا يناقش وبأنه هو الفارس الوحيد الذي قض مضاجع الإسرائيليين، في نفس الوقت الذي أهدى به صدام حسين للإسرائيليين والأمريكيين فرصا لم ولن يحلموا بها أبدا.
الى متى يخطئ الإنسان العربي بتوجيه الأهداف؟ أهداف كل ما هو حضاري؟
وهل نبقى نكرس ما قيل بحقنا كعرب، وبأننا سنبقى نحتفظ ببداوتنا بكل الأزمان؟ لماذا نشوه أهداف السياسة؟ ونشوه أهداف الدين؟ ونشوه أهداف الأدب؟ ونشوه أهداف الفن؟ ونشوه أهداف الإعلام؟ ونشوه حتى أهداف الحب؟
لم أقل إننا أول من يوجه هذه الأهداف الوجهة الخاطئة، لكننا نتمسك بهذا الهدف الخاطئ وننسى الهدف الواجب، أو الهدف الصح، أو الهدف النبيل.

لاهاي هولندا
email:balkis.h@wanadoo.nl

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved