Thursday 3rd july,2003 11235العدد الخميس 3 ,جمادى الاولى 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

أنت أنت
مجالات التغيير: تعاملنا مع المقيم
م. عبدالمحسن بن عبدالله الماضي

في مقالة للأستاذ علي الموسى في جريدة الوطن ذكر قصة له مع أستاذ جامعي أجنبي عمل في المملكة.. حين سأله عن رأيه في مجتمعنا السعودي، بعد أن عاش بيننا عشرة أعوام؟.. كان ملخص رأي الاستاذ الجامعي أنه لم يخرج من هذا البلد بحصيلة وافرة تتيح له ان يعلن فهمه الكامل لهذا المجتمع.. نتيجة للعزلة الثقافية والاجتماعية التي يفرضها السعوديون على كل قادم إلى هذا البلد.. بل إن رفض هذا المجتمع وبإصرار لكل وسائل الاندماج والاختلاط مع ثقافة «الوافد» هو امر مثير للاستغراب والتساؤل؟
كان للأستاذ الجامعي تشبيه يعرض واقع الحياة التي عاشها مع عائلته في هذا البلد.. حين أشار إلى أن اللحمة الاجتماعية السعودية قد صممت طريقة حياتها مع الغير بشكل فرض الفصل الكامل.. فالبلد في نهاية الأمر لا يعدو أن يكون منزلاً من دورين احدهما للسعوديين والآخر للقادم من خارج الحدود.. كل من الفريقين يدخل إلى عالمه من باب مختلف.. ولم يسمح لنفسه أن يستثمر هذه الفرصة التاريخية لمعاينة (ثقافات عالمية) كان باستطاعته أن يفهمها بالمجان.. إلا أنه يرفضها وهي قريبة ومتاحة لو توافرت الرغبة.
يقول الأستاذ الجامعي الأجنبي: لقد اضطررت حيال هذا الأمر، للعودة إلى جذوري التي هجرتها منذ أربعين عاما خلت.. ولم أجد ثقافة تقبلني إلا من بعض الأجانب الذين وجدتهم هنا.. ولهذا التقينا وأخذنا نمارس ثقافتنا في جغرافية مختلفة.. لم تسمح لنا على الإطلاق بالعيش فيها ولها.
ويواصل أيضاً: يتحول هذا البلد أمام الوافدين إلى كانتونات لا يستطيع السعوديون حتى هذه اللحظة أن يعرفوا عنها شيئاً.. ولك أن تتخيل أننا هنا نستمتع بثقافة هي مزيج من كل أطياف العالم من حولنا.. إلا من الثقافة المستضيفة التي حرمت نفسها من لذة بالغة في فهم عوالم مختلفة.. وانكفأت على ذاتها بشكل لا يمكن تفسيره إلا أنه علامة سعودية مسجلة. (انتهى).
هذا الكلام حقيقي وكلنا نعرفه.. ولو أضفنا إليه بعض الملاحظات ذات المصب أو الاتجاه نفسه.. لوجدنا أننا في أفعالنا على الأقل مخطئون.. وإليكم أمثلة:
1 لماذا ونحن من أكثر الشعوب استقداماً للعمالة الماهرة وغير الماهرة.. ليس لدينا نظام آلي دقيق يسجل قدومهم وخروجهم؟.. ويكبر الخطأ في حقهم أحياناً إلى درجة التدويخ لهم والإرهاق لمستقدميهم؟.
2 لماذا تتعامل أجهزة الدولة ذات الاختصاص مع المقيمين كأن لا وجود لهم.. وفي أحسن الأحوال لا أهمية لوجودهم؟.. فالمعلومات المكتوبة على دفاتر إقامتهم في الغالب مكتوبة خطأ.. وهي دائماً مكتوبة بخط رديء غير مقروء.. والإعلام المرئي والمسموع والمقروء لا يتوجه إليهم في خطابه.. ولا وجود أو اعتبار لهم في خارطة برامجه ونشاطاته.
3 ما هي مشاعر المقيم حينما يرد وعائلته من قبل جوازات المطار بعد شحن عفشه وعفش عائلته بسبب مخالفة مرورية لا يعرف عنها شيئاً.. وبعد المراجعة يكتشف أنها على كفيله!.
4 لأكثر من عشرسنوات مضت (أي حتى عام 90م) كانت القناة الثانية هي المصدر الإعلامي التلفزيوني الوحيد لحوالي أربعة ملايين من غير الناطقين بالعربية من المقيمين بيننا.. ومع هذا كان ولا زال الاعتبار لأهميتها متدنياً دائماً.. فهي محطة الاستراحة للقناة الأولى.. فإذا كان هناك بث حي على الهواء كمباريات القدم مثلاً يتم نقلها إلى القناة الثانية.. إذا تزامن بثها مع دخول وقت صلاة المغرب أو العشاء أو وقت نشرة الأخبار.. مهما كان البرنامج المعروض في القناة الثانية.. اما نشرة الأخبار فيقرأها شباب حديثو التخرج، لغتهم ممتازة على مستوى الأهل والأصدقاء، لكنها ليست كذلك على مستوى جهاز إعلامي رسمي.
5 لماذا يقيم بيننا البعض عشرين عاماً.. ويعودون وهم لا يعرفون من اللغة العربية غير كلمات هامشية مكسرة مثل (معليش)، (ما فيه معلوم)، (صلام عليكم)؟.
6 لماذا يغادرنا المقيم.. وهو لا يحمل الانطباع الطيب المفترض أن يحمله عنا؟
تلك بعض من أسئلة.. ولا شك أن لدى الآخرين أسئلة أخرى مشابهة، لكن يظل السؤال الكبير.. ما هي دواعي التعامل بهامشية مع كل ما يخص المقيم؟ هل هي الفوقية أم الجهل بفن التعامل مع الآخر؟.

fax4792350@yahoo

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved