Friday 11th july,2003 11243العدد الجمعة 11 ,جمادى الاولى 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الطالب سلطان القحطاني يتذكر لـ « شواطئ » ويقول.. الطالب سلطان القحطاني يتذكر لـ « شواطئ » ويقول..
يا «معلمي» الإرهابي .. أنا بريء منك للأبد!

* سلطان.. كيف وجدت أوراق الحوار؟
- بالصدفة البحتة.. كنت اعيد ترتيب ارشيفي ووجدتها.
* هل كنت تتوقع ان يكون استاذك من ضمن الذين قاموا بهذا العمل الارهابي؟
- حقيقة لا.. والى فترة قريبة كنت اعتقد ان محمد الشهري.. هو شخص آخر، الى ان رأيت صورته.
* كيف كان شعورك لحظتها؟
- الصدمة والحزن.. وظللت غير مصدق ان يكون من ضمن الفاعلين.
* لماذا انصدمت؟
- لاني لم اعتقد بأن يفعل معلمي هذا الفعل الغريب على طبيعته كما كنت اتذكرها.
* من السبب؟
- السبب هم الذين يغتالون عقول الابرياء ويوجهونها باسم الايدولوجيا والدين والمعتقد.
* كيف استقبلت اليوم الذي حدثت فيه التفجيرات؟
- هذا اليوم لم يكن عاديا ابدا، لا اعرف كيف تحولت مدينتي من قمة الهدوء الى عين العاصفة، ولا اعرف كيف تحول معلمي الوديع الى قنبلة موقوتة اوضح بكثير من الصبر: صعقت كثيرا بهذا الفعل الغريب، وصعقت كثيرا، عندما وجدت ان احد الذين قاموا بأحداث الحادي عشر من ربيع الاول هو معلمي الذي قام بتدريسي، في المرحلة الثانوية.
مفاجأة، وضباب يلف الذاكرة، وعودة الى ما قبل ثلاث سنوات، عندما كان الكاتب طالبا، وعندما كانت القنبلة معلما.
* كيف تتذكر محمد الشهري؟
- كان «محمد الشهري» استاذنا لمادة الاحياء في الصف الاول الثانوي، كان يعرف عنه انه مسرحي رائع في مسرح الجامعة، لدرجة ان الحضور كانوا يشعرون بآلام مبرحة في ايديهم بعد خروجهم من احدى مسرحياته، وذلك من شدة التصفيق والاعجاب. ما زلت استوضح هيئته في اول ايامه في مدرستنا: شخص متوسط الطول، وذقن كثيف جدا وقصير، ووجه يميل الى السمرة، ومسحة حزن غريبة.
كنا نعتقد ان حصته ستكون حصة ممتعة ولكنه كان جادا اغلب الوقت، وفي نفس الوقت لا يمنع احدا من الطلاب ان يعقب او ان يضحك، لكنه كان لا ينجرف معنا كثيرا في امور المزاح والضحك، كان يضحك بالقسط ولا يسرف ابدا.. لئلا يتحول الدرس الى مسرحية.
وتمضي الايام الاولى، وقررت بعدها ان انشىء مجلة فصلية ليشارك فيها الفصل في مسابقات المدرسة، وكنت احررها منفردا لعدم قدرة اغلب الزملاء - كما اعتقد - على تقديم مجلة مختلفة وفكر مختلف، لم تصدر المجلة، ورفض مشرف النشاط وقتها ان يتم توزيع المجلة الورقية البسيطة، بحجة انها تنشر شعرا حداثيا، وهذا لا يصلح لبيئة المدرسة، كان اغلبية معلمي المدرسة يخشون وجود اي شيء جديد قد يضرهم، الا ان احدهم وهو امام لاحد المساجد، اكد ان المجلة خالية من اي خطأ، لكن لم يتم اعطاء الموافقة، فحاولت ان اغير بعض ابواب المجلة لتصبح اكثر مرحا، فتم وضع زاوية اسمها «حوار تك...تيكي» وهي اسئلة فكاهية يجيب عليها احد المدرسين، وكنت اعتقد ان اول ضيف سينجح هذه الزاوية، هو استاذي آنذاك «محمد الشهري»، وما زلت اتذكر المشهد بكل تفاصيله كما لو انه الآن.
مع صوت آخر جرس من حصص الاربعاء، انتظرته انا واحد اصدقائي، وصادفناه مرورا بجانب مكان مرتفع داخل المدرسة يسمونه مسرحا، وتلقى عليه بعض المحاضرات، واخبرته بالفكرة فرحب بها، ولكن المشكلة في الوقت، فخشي ان تضيع الاوراق عندما يأخذها معه الى المنزل، فأجاب واقفا في نفس اللحظة، وهو يسند الورقة على ارضية مكان مستو من المسرح، وشرح في الاجابة.
* هل تتذكر التاريخ جيدا؟
- كان ذلك في تاريخ 3/11/1420هـ، وقد وجدت الحوار والاجابات بخط يده في ارشيفي الخاص، كان الحوار هكذا:
* من أنت؟
- عبد من عبيد الله عز وجل.
* ماهو اجمل ما تحمله يداك؟
- كتاب الله.
* ماهو اسوأ فصل قمت بتدريسه؟
- 1/9.
* ماهو الشيء الذي لا يحمله الكثيرون؟
- لا اعرف.
* ماهو اسوأ استاذ في نظرك؟
- من يسيء لنفسه وطلابه.
* من هو التلميذ الذي تحس انه تلميذك؟
- كثيرون.
* من هو الاستاذ الذي تحس انك تلميذه؟
- لا تعرفونهم.
* من هو التلميذ الذي تعتبره استاذك؟
- وش ذا السؤال.
* من الشخص او الاستاذ الذي يذكرك بعزرائيل؟
- كثيرون.
* ايهما الاكثر: ثلث الاربعة او ربع الثلاثة؟
- اسأل مدرس الرياضيات.
* ما الفرق بين السراب والغراب؟
- كلاهما صعب الامساك به.
* ماهو آخر كتاب قمت بقرائته؟
- كتاب الاحياء.
* فصل تتمنى ان تذروه الرياح؟
- 1/9 «بعضهم طبعا».
* ما الفرق بين دوار البحر ودوار الناصرية؟
- دوار البحر بدون اشارات.
* ما الفرق بين التدريس والتدليس؟
- لا تخلط بين الغث والسمين.
* كاتب ترتاح لكتابته؟
- «لم يجب على هذا السؤال.
* افضل رواية قرأتها؟
- «لم يجب على هذا السؤال».
* منذ متى وانت تعمل في «الحقل» التعليمي؟
- حلوة الحقل هذي.
* في الختام .. كلمة تتمنى الا تقولها؟
- فصل 1/9 احسن فصل.
انتهى الحوار بهذه الصيغة تحديدا، ولم يجب على سؤالين منهما، وبعد ذلك اعتمدنا النسخة الجديدة من المجلة، وهي في درج المشرف منذ ذلك اليوم دون ان ننال الرفض او الموافقة.
* ماذا تقول لمحمد الشهري الآن؟
- يا محمد يا من كنت استاذي انا بريء من عملك، ومن هذه الجريمة التي ارتكبتها باسم الدين وهذا عنه بعيد، لماذا فعلت فعلتك المدمية، وانت الذي تشعل مسرح الجامعة بالضحك، ما ذنب الاطفال، والنساء، والعجزة، والشفاه المبتسمة، والاجفان المطمئنة، والمساكن الوديعة وقبلها: ما ذنب الوطن؟
قبل ان يتلمس الاطفال
سترة المهد
يقطف الصغار..
من خير البلاد
وينبت الشهد..
ونحن نفتح الضلوع للسماء:
دمت يا فهد..
دمت يا فهد..

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved