Friday 11th july,2003 11243العدد الجمعة 11 ,جمادى الاولى 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

«في زمن العزوف»: أيهما القارئ المؤثر المعلم أم المعلمة؟ «في زمن العزوف»: أيهما القارئ المؤثر المعلم أم المعلمة؟
محمد بن عبدالعزيز الموسى / بريدة

وتظلّ القراءة هاجسا جميلا يلون أفق الذاكرة، ونقشا مضيئا في بوابة الفكر، بل هي نزوح عذب وسر ماتع وسياحة رحبة في فضاءات مشبعة بالهطول المثمر والحضور المدهش.. ليس ثمة أروع من مجالسة كتاب (هكذا أطلقها أبو الطيب قبل ألف عام).. ترى ماذا كان سيقول لو عرف حال الكتاب اليوم.. نعم الكتاب بات يعيش غربة كئيبة وهجراً قاتماً، وانزواء موجعا..
زمن تئن المكتبات فيه وتغرق الكتب في بحيرة من الغبار..
ولعل الشيء المؤلم حقا ان يتخلى الناس عن الكتاب وينصرفوا عن القراءة حتى المشتغلون بالتدريس أصبحوا بعيدين عن فضاء الحرف وأجواء الكلمة..!!
وإذا كانت القراءة مطلبا ملحا للجميع فإنها بحق المعلم والمعلمة أوجب كونهما يقومان بدور معرفي حيوي ذي ملامح تربوية أصيلة تتطلب وقوداً فكرياً جزلاً ومخزوناً ثقافياً ثرياً..
إنهما يسهمان في تشكيل شخصية وبناء فكر وتكوين سلوك وتنمية مبادئ وتقويم منهج.
نظل نبحث عن المعلم القارئ ونفتش عن المعلمة المثقفة، فلا نكاد نظفر إلا بالعدد القليل المسكون بحب الكتاب والشغف بالقراءة.. ومعظم المعلمين والمعلمات مازال يدور في فلك الكتب المدرسية بأبعادها المحدودة ومعارفها البسيطة دون أن يتيح لفكره قنوات أخرى..!
وكيف يمكن أن نغرس في نفوس طلابنا وطالباتنا «حب القراءة» ونحن معشر المعلمين والمعلمات نقيم قطيعة دائمة وجفوة صارمة مع الكتاب؟ إنه الاجحاف بحق النفس وبحق المهنة فمهما يكن من أمر فإن أي قائم بالتدريس لا بد له ان يقيم جسراً من التواصل مع الكتاب ويبحر فوق أمواج الثقافة ويمارس القراءة باعتبارها زاداً ثقافيا وغذاءً فكريا ورافداً للتجربة، ولكي يكون المعلم والمعلمة قادرين على افادة الطلاب والطالبات ونقل خبرات جديدة إليهم عامرة بالمواقف المضيئة.
إنها حقاً (أزمة ثقافة) و(أزمة كتاب) و(أزمة فكر) وربما تساءلنا تساؤلا جاداً: أيهما أكثر تواصلا مع الكتاب المعلم أم المعلمة؟ وأي الجنسين أكثر وفاءً للكتاب الرجل أم المرأة؟ صحيح ان مسؤوليات الطرفين مختلفة ومشاغلهما متباينة وميولهما متفاوتة لكنهما بالتأكيد يستطيعان ايجاد فرص للقراءة والاطلاع وبخاصة مع نزوع كثير من المعلمين للتجارة.
وانشغال جموع من المعلمات بأنماط الأناقة وأساليب الريجيم وصور الموضة وإبحارهن في عالم الأزياء!
ومما يعمق المشكلة غياب دور «المكتبات المدرسية» وعجزها عن تأصيل مبدأ القراءة في نفوس طلابنا وطالباتنا فهي لا تزال تسير في ركاب العقد الفريد والقاموس المحيط دون أن تجاري ميول الطالب أو تأتي بالجديد ليبقى تأثيرها محدوداً في اتجاهات الطالب وسلوكه.
نعم إن كل معلم ومعلمة مطالب بأن يتخذ من القراءة مبدأ له ثم عنصراً ينميه في عقول طلابه، ولا سيما مع الانفتاح المعرفي، الذي يعيشه الطالب، ذي المشارب المتنوعة بدءاً من القنوات الفضائية وانتهاء بالانترنت.
أم أن (المعلم القارئ) و(المعلمة المطلعة) معادلة صعبة في ظل متطلبات العمل المدرسي ومسؤوليات المنزل؟
ويظل السؤال قائما: ما سبب عزوف المعلمين والمعلمات عن القراءة؟؟!
وإلى أي حد نجح كل منهما في تكريس «القراءة» لدى طلابه كقيمة فكرية وملمحٍ تربوي ومبدأ ثقافي؟

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved