Friday 11th july,2003 11243العدد الجمعة 11 ,جمادى الاولى 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

رؤية تربوية في معلمي الثانوية رؤية تربوية في معلمي الثانوية
محمد عبدالعزيز الموسى / بريدة

مع تقاطر استمارات الترشيح والنقل نحو المدارس، تتحرك رغبات معلمي المرحلة الثانوية أملا في تغيير النمط الذي بات يغلف أجواء تلك المرحلة التي أثخنتها كثرة التجارب وأربكتها تيارات المصطلحات والتقسيمات، إضافة إلى إدراج مواد جديدة وكثافة الحصص، ومكوث آل المدارس الثانوية زمنا أكثر من غيرهم في المرحلة الابتدائية، أعنى تأخر انصرافهم ظهراً.
نعم.. تلك وقفة عابرة أحاول فيها قراءة معاناة معلم المرحلة الثانوية وهواجسه التي تجعله يفتش عن قناة تريحه من هذا الجو الملتهب، المثقل بالأعباء، والكل يدرك ان طالب هذه المرحلة يحمل نوعا من النضج والاستيعاب وينتظر من المعلم ان يملأ كل مساحات الدرس دون أن يترك دائرة فراغ أو التقاط نفس وبالتالي لن نستغرب ملامح الاجهاد حينما تلوح في جبين معلم الثانوية الذي يواجه فئات من الطلاب بينهم الملتزم والمشاغب في عصر (منع الضرب).
ويظل هذا المعلم المغلوب على أمره يقاوم في فضاء الرسالة الجليلة وبخاصة مع حشد الحصص التي تجعله يخرج من المدرسة مع خروج موظفي الدوائر الحكومية الأخرى!! علما بأن الدرس السابع وقت ضائع فالتعب والاجهاد والملل عناصر تبلغ مداها لدى الطالب والمعلم في هذا الدرس الثقيل، مجرد مرابطة وانتظار رنين الجرس!!
وبالتأكيد العملية تحتاج الى نوع من التقنين والتركيز في مسيرة تعليمنا الحريص على نجاح برامجه داخل المدارس وتفعيل رؤاه التربوية وبلورة الخبرات التي يحملها الراكضون في أرض الميدان.
ليس من الانصاف ان تتحول المرحلة الثانوية الى جسر أو بوابة يعبر من خلالها المعلمون الباحثون عن عمل إداري مدرسي أو اشراف تربوي وتلك دوائر سحبت خيرة معلمي تلك المرحلة وبعضهم يقنع بأمانة مكتبة أو ريادة نشاط في ظل نصاب مخفض!! ليظل هاجس مدرسي الثانوية البحث عن متنفس أو مخرج يخفف لظى المعاناة التي تنوء بها عواتقهم.. ونظل نتساءل: أين الحوافز التي يمكن تقديمها لهؤلاء لتجعلهم يتمسكون بهوية التدريس؟ أين تخفيض النصاب حتى لا يتساوى معلم الثانوية ومعلم الابتدائية مع إدراكنا بأن لكل مرحلة همومها، فمعلم الابتدائية المخلص لن يكون طريقه مفروشا بالورود.. ولكن يبقى منهج المرحلة الثانوية وطلابها وتأخر الانصراف منها ظهرا عوامل صعبة تمنح أجواءها طابعا خاصا وتتطلب معلما قادرا على ان يتعامل مع مسؤوليتها تعاملا مثمرا يجير فواصل العمل المدرسي الى مساحات خصبة مزروعة ببذور التربية، ولا بد من المحافظة على معلم المرحلة الثانوية المتميز، المتمكن الفاعل في دوره التربوي وعطائه التعليمي، فيجب اعطاؤه حوافز - كتخفيض النصاب مثلا - ليظل محتفظا بأدواته التربوية ومرتفعا بروحه المعنوية، ثم ان الحاجة باتت ملحة في تأخر خروج منسوبي المرحلة الثانوية فما المانع من إلغاء الدرس السابع أو تقليص زمن الحصص الأخيرة، ولا تسأل عن الاجهاد الذي ينال الجميع في الدوام الشتوي إذْ يتساوى خروج المدارس مع خروج الموظفين في المكاتب!! لذا ومن خلال مقارنة سريعة يقيمها معلم هذه المرحلة يكتشف انه ليس ثمة مغريات تجعله يقنع بالبقاء في فلكها، لقد سئم الابحار في التيار الصعب، وملّ سحب الرتابة والاجهاد.. لقد تعب من الركض خلف فلول المواد وجموع الطلاب الذين يتطلبون معلما ذا مواصفات خاصة..
لابد من منح معلم الثانوية حوافز ملائمة تحتفي بمجهوده وتثمن عطاءه وتحفظ حقه مقارنة بغيره من معلمي الابتدائية والمتوسطة، وأعيد مكرراً الخطاب: تقليل النصاب، تخفيض وقت الدوام، بخاصة الشتوي أمور مقنعة، ومنصفة لهذا المعلم المكافح.. وعندها يمكن أن تلوموه عندما يفكر في التحويل للمرحلة الابتدائية أو البحث عن مشروع إداري مدرسي، لسبب بسيط هو ان وزارة المعارف تبذل جهوداً كبيرة في تأهيل واعداد معلم الثانوية فليس أقل من المحافظة عليه والتجاوب مع رؤاه وقراءة همومه والانصات لخطابة المليء بالشكوى، ولعل المفترض في المرحلة الثانوية ان تكون أكثر تركيزاً واختزالا وليس تكدس مواد وتزاحم حصص.. ويظل الدوام الشتوي كابوسا ثقيلا يبدد صفاء الجو المدرسي في ربوع المدارس الثانوية إذ كيف نتخيل ان يبقى الطالب حبيس المقعد حتى الثانية ظهرا!؟ وما بالك بالمعلم الذي نستنزف طاقته.. وما عليه إلا ان يلاحق مستجدات هذه المرحلة ومطالبها المتعددة وثقل دوامها ومشاغبة طلابها أو يلوذ بمدرسة ابتدائية.. ولا مانع من ركض سريع للحصول على مقعد إداري مدرسي او بطاقة مشرف تربوي. انه مسلسل هروب موسمي معتاد.. وكما أسلفت المرحلة الثانوية محطة مهمة في حياة الطالب تحتاج الى اعادة صياغة وترتيب أوراق ليرتاح الطالب والمعلم معا.. لقد سئما ضغط المواد وثقل الحصص وطول المرابطة.. بل من الواجب تخليص الطرفين من خيوط التشتت ليتمكن المعلم من تهيئة الطالب في هذه المرحلة المهمة لمواجهة المسؤولية وتحمل اعباء الحياة ورسم مستقبله لينطلق ويحدد..
إذن هي مرحلة تربوية أكثر منها تعليمية إذ لابد من التركيز من خلال المعلومة المقننة.. والبرنامج المرشّد، وإتاحة الفرصة للطالب كي يزرع في نفسه قيماً اجتماعية نبيلة تؤثر في شخصيته.. وتبقى المرحلة الثانوية مدارا تعليميا مثقلا بالشجن ومليئا بتساؤلات الموقف التربوي الحاد أفلا يمكن معايشة معلم هذه المرحلة والتخفيف عن طلابها أعباء المواد الدراسية وتكدس الجدول المدرسي؟! ولنا أمل كبير في ان يتجلى للمشوار الدراسي في هذه المرحلة خصوصية مريحة لها آليتها ومنهجها المركز وسياقها التعليمي غير المجهد الذي يجعل المرحلة الثانوية طموحا يبحث عنه جل المعلمين.. نعم.. أعيدوا قراءة متون هذه المحطة التعليمية وراجعوا تشكيل ملامحها وتركيز معطياتها ومنحها أبعاداً تكريمية لمنسوبيها ليظل معلم الثانوية رجلا ثابتا في ميدانه الاصيل.. وها هو يرنو للأفق بين هموم الطلاب وثقل النصاب.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved