Friday 11th july,2003 11243العدد الجمعة 11 ,جمادى الاولى 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

مثقفونا والأزمة الراهنة بين التفاعل والتجاهل مثقفونا والأزمة الراهنة بين التفاعل والتجاهل
ناصر بن عبدالله الفرحان / alfaris-vip@hotmail.com

في مثل هذه الأوقات العصيبة وفي ظل هذه الأزمة وما تمخضت عنه من إفرازات وإرهاصات، تتطلع الشعوب والأمم والأفراد والجماعات داخل المجتمعات لدور المثقفين والعلماء لإيضاح الحقائق وقيادة الأمة لشواطئ الأمان ولعلنا نتساءل ونبحث في ماهية هذا الدور الذي يمكن للمثقفين لعبه في مثل هذه الأوقات والملمات.
هل لدينا القدرة على إدارة الأزمات ثقافيا؟ أعتقد أن لدينا في المجتمع إشكالية في تعريف مصطلح الثقافة والمثقف، وهناك عدم اتضاح في الرؤية الثقافية. فنحن لدينا أكاديميون ولدينا علماء أجلاء في مختلف العلوم والمجالات، ولدينا أدباء وإعلاميون ولدينا طلاب وطالبات ونحو ذلك. فمتى ما توصلنا لتعريف مصطلح الثقافة وماذا نقصد بها وعلى من نطلقها، وكان لدينا اتضاح في الرؤية وأهداف محددة وقبول بالرأي والرأي الآخر وحرية التعبير، أعتقد بأن الفرصة ستكون معززة بحول الله وقوته للقدرة على إدارة الأزمات ثقافيا، ونحتاج بعد ذلك إلى الدعم المعنوي والاجتماعي والإعلامي والرعاية والإبراز المناسب واللائق للمثقفين أمام الناس والآخرين.
وشعورنا بالأمان هل يبرر لنا تجاهل ما يدور حولنا؟ نحن بحمد الله أمة عربية مسلمة وشعوب تتعاطف وتتعاضد مع بعضها البعض وتقف دائما بجوار بعضها البعض حسب الوسائل والامكانات المتاحة، بل إننا نعد من الشعوب العاطفية جدا في الأمور الدينية والإنسانية، وتغلب عاطفتنا عقولنا في أحوال كثيرة، وخاصة شعورنا بالآخرين ومعاناتهم، وعلى كل حال لا يجوز ولا ينبغي لأحد كان من يكون بين ظهرانينا يتفيأ ظلال الأمن والأمان أن يتجاهل أو يتناسى ما يعانيه اخواننا الآخرون من بني البشر وخاصة المسلمين منهم في مشارق الأرض ومغاربها.
والحملات الفكرية المغرضة، كيف يتصدى لها مثقفونا؟ ينبغي على مثقفينا وعلمائنا تصدر الأمة وقيادتها أثناء الأزمات والملمات، وتقع على عاتقهم مسؤوليات عظيمة وجسيمة دينيا وأخلاقيا واجتماعياً ووطنياً، وعليهم مؤازرة أولي الأمر، والالتفاف حول القيادة والتناصح والتشاور معها، ثم قيادة ركب الأمة إلى شواطئ الأمان، وإيضاح الحقائق أولاً بأول، والتعامل مع الأحداث بشفافية ومصداقية عالية وصريحة، وتوضيح الخير ووأد الشر والفتنة والإشاعة في مهدها، والمبادرة للنشر والتعريف والإيضاح للوقائع والأحوال أولاً بأول للناس قبل وصول الحملات والإشاعات المغرضة، ليكون الجميع على بينة من الأمر. وليميز الخبيث من الطيب والغث من السمين في كل ما يتلقى الفرد من معلومات ونحوها.
والتأسيس الثقافي والمعرفي لأجيالنا هل يسير في الطريق الصحيح؟ للأسف نحتاج إلى بذل مزيد من الجهد، ونحتاج إلى صياغة كثير من الأمور منها تفعيل دور المساجد وإعادة أدوارها الحقيقية، وتفعيل المراحل الأولية في مراحل التعليم العام، ونحتاج إلى دور أندية ثقافية وأدبية تنتشر في الأحياء وداخل المدن وتكون متاحة للجميع، لصقل مواهبهم وتفريغ قدراتهم وتنمية إبداعهم ومهاراتهم، ونحتاج إلى تأسيس معرفي وثقافي وعلمي في مؤسساتنا التربوية والتعليمية والجامعية، تعتمد على القدرة والإبداع والخيال والإدراك والتجربة والمشاهدة والاستنباط والفهم لا الكم والحفظ والتلقين، أي نحتاج أن نهتم بالكيف لا الكم في العملية التربوية والثقافية والعلمية.
والتسطيح الفكري والثقافي لدى بعض شبابنا.. من المستفيد منه؟ بلا شك أعداء الأمة. والمنتفعين ممن يسكنون مجتمعنا ويعيشون بين ظهرانينا والذين يهمهم أن يظل شبابنا ومجتمعنا مستهلكاً وسطحي الفكر والثقافة والعلم. ويظل تبعياً لهم في الفكر والثقافة.. الخ.
والحروب الثقافية والفكرية. لماذا يخوضها مثقفونا على استحياء؟ لأنهم لم يستشعروا الأمان الفكري وتوابعه، ولم يثقوا في قدراتهم وإبداعهم العلمي والعملي بعد، ولأنهم مظلومون إعلاميا واجتماعيا، حتى أثناء الأزمات والمحن، لا نكاد نسمع للبارزين منهم صوتا يصدح أو قلبا ينبض، وبالتالي من حقهم علينا كأفراد وجماعات وحقهم على المجتمع كحكومة ومؤسسات أن يتم إبرازهم وإعطاؤهم المكانة اللائقة اجتماعياً وإعلاميا وتربويا وقياديا ومنحهم البعد الأمني على أقوالهم وأفكارهم متى ما كانت في الصالح العام ولا تثير الفتن. ولا تمس القيم والثوابت والمرتكزات الدينية والفكرية والاجتماعية.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved