Friday 11th july,2003 11243العدد الجمعة 11 ,جمادى الاولى 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

تعليقاً على بوح د.الغامدي ل (شواطئ) تعليقاً على بوح د.الغامدي ل (شواطئ)
ما أروع الحديث حين يكون عن القرية والنشأة

قرأت عبر شواطئ يوم الجمعة بتاريخ 4/5/1424هـ حواراً نابعاً من القلب للقلب ليعانق كل القلوب المحبة للخير مع الأكاديمي والأديب والشاعر الدكتور سعد بن عطية الغامدي وكان حواراً شاملاً وحافلاً بجوانب مهمة سعد بها واستفاد منها القراء ولكن مما استرعى انتباهي حديثه عن نشأته وقريته وعن دور والديه وأسرته ومجتمعه فيما وصل إليه من خلق وعلم ومكانة فقد كان حديثه حديثاً عفوياً تجلت فيه صور الإيمان والرضا وتقوى الله فكان مؤثراً ومعبراً ومفرحاً ومبكياً في آن واحد فقد بعث في النفس السعادة وأيقظ الجوانب الإنسانية الخيرة في دواخلها كما أيقظ في دواخلها كوامن الألم انه حديث الحكمة والإنسانية والتدبر والتمعن والتأمل والتألم لقد فتح قلبه للقارئ فاشرعت لحديثه بوابات القلوب المحبة للخير فما تحدث به عبر شواطئ القلوب هو غير عذب أحسست أني أرتشفه ليعانق ظمأ في أعماق نفسي لصور إنسانية تجلت واندثرت تترى أمام عيني وهي أشبه بحلم جميل ليته لم ينته وليته يعود إنه صورة نسمع بها ولا نكاد نراها واقعاً سائداً إلا فيمن رحم الله وما أقرب الأمس من اليوم وكم نحن بحاجة إلى أن نرضع منها فقد فطمنا منها قبل الفطام باسم المدنية الزائفة التي خرجت علينا بألفاظ وسلوكيات لم نعدها من قبل في مجتمعنا وكم أسعدني حديثه وأنهجني وأبكاني وجعلني أتألم وأبتسم في آن واحد ويساورني الألم الممزوج بالسعادة لحديث ناجى شغاف قلبي فابتسم لرسمة عبر حديثه الشائق لتلك الصور الإنسانية الناصعة البياض والجميلة وهي صورة الإنسان في الماضي صورة الأسرة المترابطة وصورة المجتمع المتكاتف والمتعاون ورد في الأثر قول الرسول صلى الله عليه وسلم (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) وأمام هذه الصور ترادف معها صور من الحاضر تعج بكل محزن ومؤلم وما أقسى كان في تحول الأشياء إلى الأسوأ ولا نقول ذهبت صور الماضي الجميل كلها مع أهلها ولكن ذهب جلها ومايزال الخير في أمتي باقياً إلى قيام الساعة ولكن ما يميز هذا العصر الوحدة، الانعزال ،الأنا، المادة، التفريط في المسؤولية، العقوق، ندرة الوفاء، وما حدث ذلك إلا نتيجة ابتعادنا عن تعاليم ديننا الحنيف وانشغالنا ببهارج الحياة وبملذاتها الزائفة والرسول صلى الله عليه وسلم حذرنا وخوفنا من التعلق ببهارج الدنيا والانغماس في ملذاتها فقال صلى الله عليه وسلم (إن أخوف ما أخاف على أمتي زهرة الحياة الدنيا) ولا يجتمع حب الله وحب الدنيا في قلب امرئ مسلم أبداً فلماذا آثرنا التعلق بالقشور ورمينا بالجذور ونسينا لماذا خلقنا فلم نستعد للقاء الله ولم نزود بالزاد، {وّتّزّوَّدٍوا فّإنَّ خّيًرّ الزَّادٌ التَّقًوّى"} فهل ربينا أبناءنا للدنيا أم للآخرة، قال سبحانه وتعالى {يّا أّيٍَهّا الذٌينّ آمّنٍوا قٍوا أّنفٍسّكٍمً وّأّهًلٌيكٍمً نّارْا} فالإنسان دين والدين قيم إنسانية راقية فيها صلاح البشرية ولا يعرف الخلق إلا خالق الخلق سبحانه فقد كان حديث الضيف حول نشأته تتجلى فيه صور الإيمان والرضا وتقوى الله وباعثها الإيمان بالله فتقوى الله سبب لصلاح السيرة ونقاء السريرة وصلاح الذرية {وّالَّذٌينّ آمّنٍوا وّاتَّبّعّتًهٍمً ذٍرٌَيَّتٍهٍم بٌإيمّانُ أّلًحّقًنّا بٌهٌمً ذٍرٌَيَّتّهٍمً}، فيا أيها الآباء اتقوا الله وربوا أبنائكم على تقوى الله والإيمان به وتخلقوا بالأخلاق الإسلامية واحتسبوا الأجر في التربية من عند الله {وّاتَّقٍوا اللّهّ وّيٍعّلٌَمٍكٍمٍ اللّهٍ}، فتقوى الله هي مبعث كل خير في الدنيا والآخرة وهي العاصم بعد الله من الانزلاق في المهالك وهي أساس كل بر، والدين ليس أوامر ولا نواهي وليس طقوساً تؤدئ ولكنه سلوك ومعاملة فالسلوك القويم يغني عن مئات الأوامر والنواهي، فلنعط صورة حسنة لأبنائنا عنا وليكن سلوكنا موافقاً لكلاماتنا، فهل يعي الآباء معنى القدوة وان القدوة هي التربية والتربية سلوك والسلوك هو التأثر بالغير والإنسان يتأثر بما يرى أكثر من تأثره بما يسمع، فيا أيها الآباء كونوا قدوة صالحة لأبنائكم ومع ذلك نجد من الآباء من يأمر بما لم يأتمر به وينهى عما لم ينته عنه فأين القدوة وعندما يتأثر الأبناء بسلوك الآباء فسيحاكون ما يرونه، فسلوك الأبناء انعكاس لسلوك الآباء.
ومما لاشك فيه ان البيت هو المدرسة الأولى التي يتخرج فيها الأبناء، ورد في الأثر قول الرسول صلى الله عليه وسلم (كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو يمجسانه أو ينصرانه)، وقد نتعلم في بيوتنا ما لم نتعلمه ونحن على مقاعد الدراسة وكل ذلك يعتمد على الوعي الديني والعلمي وعلى البيئة التي نشأ فيها الأبوان، إذاً ليس بمستغرب حال هذا الجيل ما دام لايرى إلا صور الجحود والنكران وحب الذات والقطيعة بين أفراد الأسرة الواحدة وقد تكون بين الأب وأخيه أو بين الأم وأختها أو بين الآباء أنفسهم فما يفتقده الآباء هل نراه محققاً في الأبناء وإذا انعدم دور الآباء الإيجابي في حياة الأبناء فهل هناك من دور للأبناء بعضهم تجاه بعض وأين دور بقية الأسرة والمجتمع، فمنذ زمن قريب لم تكن التربية تقتصر على الأبوين فقط فقد كان الأخ والأخت يربيان والجد والجدة والعم والعمة يربون والجار يربي كل أفراد الأسرة والمجتمع يربي فلماذا افتقدنا هذه الأدوار وفي هذا الزمن هل حافظنا على حقوق الجار وهل معلمو اليوم مثل معلمي الأمس ولماذا افتقروا إلى الدور التربوي وحتى التعليمي؟، ومما صعب من مهمة التربية هذا الانفتاح الرهيب والخطير على العالم الذي أخل بالقيم والعادات والتقاليد وهو ما يسمى بعصر الانفتاح، عصر العولمة، عولمة الرذيلة فالكثير من الآباء يردد نحن نربي والانترنت والقنوات الفضائحية تفسد والرفقة، ومع شديد الأسى والحزن ان السلطة غابت بل ضاعت من الآباء بل تنازلوا عنها طواعية للأبناء ومما ورد في الأثر قول الرسول صلى الله عليه وسلم (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) فلماذا تتركونهم يغرقون في وحل مشاهدة القنوات الفضائحية والانترنت ولماذا تتركونهم أمامها دون رقابة أو حصانة ذاتية لتلقفهم أيادي الشر؟ وليت ما يشاهد ينفع أو يشفع ولكنه ينخر في جدار الأخلاق والدين فأمام وسائل التقنية الخطيرة هل من رقيب ولماذا لا نسخر وسائل التقنية فيما يعود علينا بالخير أفراداً ومجتمعات؟ كما تطرق الدكتور في حواره عن دور أشقائه المؤثر في حياته ومما قاله تعلمت من أشقائي وشقيقاتي ما قد تعجز عنه مقاعد الدراسة فأين دور الأشقاء داخل الأسرة الآن وكيف افتقدنا هذا الدور ومن المسؤول عن غياب السلطة في الأسرة لقد تقلص دور الأشقاء فأصبح ما يجمعهم جدران لقد كبرت البيوت ولكن مساحة الألفة والمحبة تقلصت داخل النفوس ولماذا أصبحنا نعاني صوراً للتفكك الأسري، ومما هو معلوم ان الأسباب الأولى في عدم تماسك الأسرة تكمن في عدم التربية الدينية الصحيحة والجهل بأساليب التربية الدينية الصحيحة، والسؤال: ترابط الأسرة وتماسكها وزرع بذور المحبة والألفة والتسامح والتعاطف وزرع كل القيم الإسلامية الخيرة في نفوس الأبناء من المسؤول عنها وما هو الدور المطلوب من الآباء في توثيق العلاقات بين الأبناء داخل الأسرة وما هي العوامل التربوية التي يستطيع من خلالها الآباء كسب محبة أبنائهم؟ وكلنا نعلم مدى تأثير الأساليب الخاطئة في التربية على الأبناء في حاضرهم ومستقبلهم، ومع شديد الحزن والأسف ان التربية الآن في نظر الآباء توفير المادة فقط فيوفرون لهم كل شيء مادي وعندما يكبر الأبناء ويصبح لهم دخل مادي يذهبون ويتركون آباءهم، فالارتباط مادي وطبيعي ان ينتهي ولم يكن ارتباطاً دينياً ولا عاطفياً، فالجانبان الديني والعاطفي هما اللذان يربطان الآباء بالأبناء والعكس صحيح فلنخطط لاستعادة عواطفنا وقبل كل شيء نعود إلى ديننا فالإسلام كفيل للأبناء وللآباء حقوقهم

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved