|
|
قرأت عبر شواطئ يوم الجمعة بتاريخ 4/5/1424هـ حواراً نابعاً من القلب للقلب ليعانق كل القلوب المحبة للخير مع الأكاديمي والأديب والشاعر الدكتور سعد بن عطية الغامدي وكان حواراً شاملاً وحافلاً بجوانب مهمة سعد بها واستفاد منها القراء ولكن مما استرعى انتباهي حديثه عن نشأته وقريته وعن دور والديه وأسرته ومجتمعه فيما وصل إليه من خلق وعلم ومكانة فقد كان حديثه حديثاً عفوياً تجلت فيه صور الإيمان والرضا وتقوى الله فكان مؤثراً ومعبراً ومفرحاً ومبكياً في آن واحد فقد بعث في النفس السعادة وأيقظ الجوانب الإنسانية الخيرة في دواخلها كما أيقظ في دواخلها كوامن الألم انه حديث الحكمة والإنسانية والتدبر والتمعن والتأمل والتألم لقد فتح قلبه للقارئ فاشرعت لحديثه بوابات القلوب المحبة للخير فما تحدث به عبر شواطئ القلوب هو غير عذب أحسست أني أرتشفه ليعانق ظمأ في أعماق نفسي لصور إنسانية تجلت واندثرت تترى أمام عيني وهي أشبه بحلم جميل ليته لم ينته وليته يعود إنه صورة نسمع بها ولا نكاد نراها واقعاً سائداً إلا فيمن رحم الله وما أقرب الأمس من اليوم وكم نحن بحاجة إلى أن نرضع منها فقد فطمنا منها قبل الفطام باسم المدنية الزائفة التي خرجت علينا بألفاظ وسلوكيات لم نعدها من قبل في مجتمعنا وكم أسعدني حديثه وأنهجني وأبكاني وجعلني أتألم وأبتسم في آن واحد ويساورني الألم الممزوج بالسعادة لحديث ناجى شغاف قلبي فابتسم لرسمة عبر حديثه الشائق لتلك الصور الإنسانية الناصعة البياض والجميلة وهي صورة الإنسان في الماضي صورة الأسرة المترابطة وصورة المجتمع المتكاتف والمتعاون ورد في الأثر قول الرسول صلى الله عليه وسلم (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) وأمام هذه الصور ترادف معها صور من الحاضر تعج بكل محزن ومؤلم وما أقسى كان في تحول الأشياء إلى الأسوأ ولا نقول ذهبت صور الماضي الجميل كلها مع أهلها ولكن ذهب جلها ومايزال الخير في أمتي باقياً إلى قيام الساعة ولكن ما يميز هذا العصر الوحدة، الانعزال ،الأنا، المادة، التفريط في المسؤولية، العقوق، ندرة الوفاء، وما حدث ذلك إلا نتيجة ابتعادنا عن تعاليم ديننا الحنيف وانشغالنا ببهارج الحياة وبملذاتها الزائفة والرسول صلى الله عليه وسلم حذرنا وخوفنا من التعلق ببهارج الدنيا والانغماس في ملذاتها فقال صلى الله عليه وسلم (إن أخوف ما أخاف على أمتي زهرة الحياة الدنيا) ولا يجتمع حب الله وحب الدنيا في قلب امرئ مسلم أبداً فلماذا آثرنا التعلق بالقشور ورمينا بالجذور ونسينا لماذا خلقنا فلم نستعد للقاء الله ولم نزود بالزاد، {وّتّزّوَّدٍوا فّإنَّ خّيًرّ الزَّادٌ التَّقًوّى"} فهل ربينا أبناءنا للدنيا أم للآخرة، قال سبحانه وتعالى {يّا أّيٍَهّا الذٌينّ آمّنٍوا قٍوا أّنفٍسّكٍمً وّأّهًلٌيكٍمً نّارْا} فالإنسان دين والدين قيم إنسانية راقية فيها صلاح البشرية ولا يعرف الخلق إلا خالق الخلق سبحانه فقد كان حديث الضيف حول نشأته تتجلى فيه صور الإيمان والرضا وتقوى الله وباعثها الإيمان بالله فتقوى الله سبب لصلاح السيرة ونقاء السريرة وصلاح الذرية {وّالَّذٌينّ آمّنٍوا وّاتَّبّعّتًهٍمً ذٍرٌَيَّتٍهٍم بٌإيمّانُ أّلًحّقًنّا بٌهٌمً ذٍرٌَيَّتّهٍمً}، فيا أيها الآباء اتقوا الله وربوا أبنائكم على تقوى الله والإيمان به وتخلقوا بالأخلاق الإسلامية واحتسبوا الأجر في التربية من عند الله {وّاتَّقٍوا اللّهّ وّيٍعّلٌَمٍكٍمٍ اللّهٍ}، فتقوى الله هي مبعث كل خير في الدنيا والآخرة وهي العاصم بعد الله من الانزلاق في المهالك وهي أساس كل بر، والدين ليس أوامر ولا نواهي وليس طقوساً تؤدئ ولكنه سلوك ومعاملة فالسلوك القويم يغني عن مئات الأوامر والنواهي، فلنعط صورة حسنة لأبنائنا عنا وليكن سلوكنا موافقاً لكلاماتنا، فهل يعي الآباء معنى القدوة وان القدوة هي التربية والتربية سلوك والسلوك هو التأثر بالغير والإنسان يتأثر بما يرى أكثر من تأثره بما يسمع، فيا أيها الآباء كونوا قدوة صالحة لأبنائكم ومع ذلك نجد من الآباء من يأمر بما لم يأتمر به وينهى عما لم ينته عنه فأين القدوة وعندما يتأثر الأبناء بسلوك الآباء فسيحاكون ما يرونه، فسلوك الأبناء انعكاس لسلوك الآباء. |
![]()
[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة] |