Thursday 17th july,2003 11249العدد الخميس 17 ,جمادى الاولى 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

رسالة لأهل السياحة.. وقد أزمعوا السفر رسالة لأهل السياحة.. وقد أزمعوا السفر
محمد بن عبدالعزيز الموسى بريدة

ويجيء موكب الإجازة يزهو بملامح الشوق ليقف على ضفاف قلوبكم.. الصيف يشرع أبوابه مؤذناً بانبجاس قوافل الظهيرة وقدوم رياح القيظ.. وكأنّ «موسم الهجرة» يشعل فتيل الحضور في الفضاء المشبع بتباشير الحرارة.. ليغدو السفر «حلماً جميلاً» يسكن أذهان القوم..
وها هي.. «مكاتب السياحة» و«وكالات السفر» مثخنة بالاستنفار.. تشكو فلول الراغبين في التحليق.. طوابير معتادة تمعن في أعماق الحجز بحثا عن دوائر للقفز.. تذرف مشاعر التوتر والقلق أملاً في مقعد شاغر.. ولم تزل الطيور المهاجرة.. والجموع المسافرة تثير أمواج الصخب!!
عفواً معشر السيّاح: ترفّقوا.. وتمهلوا قبل أن تمتطوا متن الرياح وتذرعوا البطاح عبر «نزوح ماتع» بين تضاريس الدهشة.. و«ارتحال مبهج» بين مدن الصقيع وعواصم الضّباب.. على رسلكم فلم تكن «السياحة» دائرة مباحة أو مساحة منفلتة من الضوابط.. وهي ليست أفقاً مفتوحا يقتنص اللحظات الشاردة والعابثة في حركة الزمن.للأسف هناك فئة من السياح أدمنتْ السفر للخارج لم يتغير مفهوم السياحة لديها واستمرت تمارس إهدار الوقت.. تبديد المال.. بل وربما العبث بالقيم والتخلي عن المبادىء..
وكأن السياحة استحالت إلى مجرد اجترار لمواقع مغرية وديار حالمة تستحثّ المرء على أن يوغل في أعماق الخريطة وتزرع في خياله هواجس الاستبداد.. تغلغل مفعم بملامح الغربة وليس ثمة فائدة مرجّوة أو هدف سامٍ أو غاية نبيلة. ولم أزل أحدثكم بصوت العقل ولسان الحكمة مذكراً جموع السياح بآداب السفر للخارج وضوابطه بالقيم الدينية التي يجب أن تراعى.. والأصول الأخلاقية التي ينبغي أن تستحضر.. من خلال منهج مستقيم يظهر فيه السائح كسفير مشرّف لوطنه وصورة مضيئة للشاب المسلم الملتزم بمعطيات دينه الغراء في أي بقعة يتجلى في سلوكه الفكر الناضج والرؤية الواعية والسيرة المحمودة.. فلا تفريط بمبدأ أو تنازل عن قيمة.. ومما يعين المرء على ذلك الاختيار الموفّق لرفاق الرحلة. عذراً أيها السياح: وأنتم تعيدون ترتيب حقائبكم الواجمة طوال العام صففّوا فقرات المشوار الجميل بحكمة وارسموا خطوات الارتحال الممتع بعمق.. التزموا الحيطة واسلكوا سبيل الحذر واستفيدوا من تجارب سابقة ودروس ماضية.. أبحروا في الإطار المشروع واحذروا الغفلة أو الزلة.. «حافظوا على جواز السفر من دوائر الضررْ».. سجّلوه بمجرد الوصول لتلك الديار.. تنقّلوا سوياً.. وتذكروا أن هناك من يرصد تحركاتكم. يراقب تنقلاتكم.. ويرنو لجيوبكم.. احذروا المكائد والمصائد وادرؤوا المفاسد.
وإياكم والثقة العمياء أو النظرة البلهاء.. مارسوا توقيعات مباحة في جبين الإجازة.
وتجنبوا موجات السّهر ونوافذ الكدر.
أسوق تلك الرسالة داعياً الله تعالى أن يصرف السوء عن شبابنا المسافر للخارج وبخاصة وأن السياحة الخارجية تستهوي شريحة من الشباب لم يبلغ طور النضج أو استواء التجربة ومنهم من هو في سني الطلب مما يكشف أهمية الدور الكبير الذي تقوم به مكاتب العمل من خلال توظيف الطلبة في الإجازة مما يسهم في تأهيلهم للعمل وحفظهم من دروب السفر الخارجي الشائكة.
وعلى كل حال: يسعدنا جميعاً أن «السياحة الداخلية» باتت مشروعاً جميلا ظهرت معالمه وتجلّت أبعاده «كبديل كفء» قادر على ملء العين واحتواء القلب واستقطاب آلاف المصطافين.. فما أروع أن تتلوّن «ذاكرة السفر» بتفاصيل الوطن وتمتزج بتضاريسه الرحبة وتتشكل بمظاهره الخلابة.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved