Saturday 2nd august,2003 11265العدد السبت 4 ,جمادى الثانية 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

يارا يارا
تاريخ التعذيب «الأخيرة»
عبدالله بن بخيت

في بعض الأحيان نقرأ بشكل مقتضب في الصحف ان امرأة اعتدت بوحشية على خادمتها أو أنها كانت تعذبها أو تفرض عليها قيوداً خارج المعقول. كما نقرأ عن سيدات حاولن إلصاق تهم شنيعة ملفقة بالخادمات كالسحر. وقرأنا أيضا ما فعلته الفنانة المصرية وفاء مكي بخادمتها والتي انتهت بالحكم عليها عشر سنوات سجن. كما سمعنا ان ثلاثة شباب اختطفوا طفلة في الكويت ثم مزقوها بفعل الفاحشة فيها تحت دعوى الانتقام للشرف من عائلة الطفلة. لم يكن أكثر القراء يجد تفسيراً لهذا النوع من الجرائم المشينة. كان الناس يلوكون مثل هذه الأخبار بكثير من الدهشة والاستغراب كونها خارج خيالهم الإنساني.من الصعب على إنسان طبيعي ان يجد تفسيراً سريعاً لمثل هذه الجرائم.
في الكتاب الذي بين يدي «تاريخ التعذيب» يعقد المؤلف فصلاً كاملاً لهذا النوع من التعذيب ويسوق عدداً متنوعاً من الأمثلة. ولأن الكتاب قديم «صدر في أواخر الستينات» نرى أن مؤلفه يميل نحو التفسيرات الجنسية للأحداث التي يعرضها.
بعد عرض مفصل عن السادية والماشوسية تحت عنوان «التعذيب في الأدب» يجنح المؤلف إلى عقد فصل كامل بعنوان «المضمون الجنسي للتعذيب» يتحدث فيه بيقينية جيل الستينات عن الدوافع الجنسية البارزة أو الخفية التي تقف خلف كل جريمة من هذا النوع. كما لا يجد أي تفسير لميل الناس لمتابعة الأحداث العنيفة في التلفزيون أو الرياضة إلا بردها إلى بعدها الجنسي. على كل حال يطرح المؤلف عدداً كبيراً من الأمثلة تؤيد ان العدوان مرتبط بصورة أو أخرى بالجنس وخصوصاً ما يعرف بالتسوط وهو رغبة بعض الشاذين تلقي الضرب قبل الوصول إلى التوق الجنسي. وبالإضافة إلى هذا التوق الشاذ هناك أساليب كثيرة يعمد فيها الناس إلى تعذيب أنفسهم بأنفسهم مثل رسم الوشم على الجسد وهذا يذكرني بالكي الذي كنا نجريه على أيدينا حتى نصير «وقيعين أو بواردية». الشيء الطريف أن المؤلف لم يغفل ما كان يحدث في بعض مناطق الجزيرة العربية من أساليب وحشية عند الختان «اقرأ تفاصيل هذا الختان في الموسوعة الشعبية السعودية التي صدرت عن دار الدائرة».
كما يشير المؤلف إلى بعض الطوائف الإسلامية التي تعمد إلى جلد نفسها في منافسات معينة والى عالمية ظاهرة الخصاء لتوفير رجال بلا رجولة لأسباب اقتصادية «خدمة الحريم مثلا» بالمناسبة تعرض الأستاذ يوسف المحميد في روايته «فخاخ الرائحة» إلى قضية الخصاء للمرة الأولى في الأدب السعودي.
طبعا لا يستطيع أحد أن يذكر الخصاء دون أن يذكر العثمانيين، فقد فاق هؤلاء كل الشعوب عبر التاريخ في الاستفادة من هذا العار الإنساني.
قيض الله لهم فرصة نشر الإسلام في أوروبا ولكنهم فوتوا هذه الفرصة التاريخية العظيمة وتفرغوا لابتكار الأساليب لإرضاء نزوات سلاطينهم المتجبرين.
في رواية «جسر على نهر دارينا» لكاتب بوسني «نسيت اسمه» يشير إلى أن فرق السلطان تأتي كل عام وتجوب القرى، فتصاب الأمهات بذعر لا يمكن تخيله، لأن هؤلاء الفرسان كانوا يأتون لمصادرة الأطفال الجميلين صحيحي البدن إلى الأبد. بحيث تربى البنات في القصور ليصبحن من حريم السلطان أما الأولاد فيخصون ويتحولون إلى جنود عند السلطان أو غلمانه. وقد يعود هؤلاء الأطفال عندما يكبرون ضمن فرق السلطان لقتل آبائهم دون علمهم.
كتاب تاريخ التعذيب لمؤلفه: بيرنهارت ج هروود ترجمة ممدوح عدوان كتاب جدير بالقراءة. وأنصح أيضا بقراءة الكتب التي جرى ذكرها في هذا المقال أيضاً.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved