Tuesday 5th august,2003 11267العدد الثلاثاء 7 ,جمادى الثانية 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الحوار الوطني يقرب ولا يقصي الحوار الوطني يقرب ولا يقصي
محمد الساعد *

من المؤكد أن «الحوار الوطني» الذي دعا إليه سمو ولي العهد بتصوره الشفاف يضم في طيات كلماته أخلاقيات الفرسان التي تنطلق أساسا من ثقافة التسامح لا ثقافة الاقصاء والتطرف والغلو التي نشأ الحوار لصدها ومحاربتها.
إنها دعوة معبرة في حقيقتها عن ممارسة مثلى للحوار تدعمها قيادة تقود التغيير نحو المستقبل بكل تسامح واستشراف وتحذر في الوقت نفسه من اختطاف الحوار باعتباره أي الاختطاف إحدى نتائج الغلو والتطرف.
هكذا يتأسس موقع أكثر اشراقا في قلب الوطن يعد لممارسة ثقافة التسامح في فترة تاريخية يمكن أن تعاني فيها الانفس من هزيمة أو اقصاء أو تفرد بالرأي أو تفرد بالشارع والمدرسة والحي والمؤسسات المدنية وتصبح كل تلك المكتسبات ملكا مشاعا للجميع لا يحق لأحد ان يتكلم باسمها دون الآخرين.
وليصبح ذلك المكان مركز «العقل الوطني وضميره» وروحا تنتمي الى الانسان المواطن باعتبار هويته الوطنية ومرجعيته الثقافية هي رهان الحوار وليست تهمة تلصق به لتصنيفه وتصنيف عقله او وجوده داخل وطنه.
ولذلك كله يدرك سمو ولي العهد حفظه الله أن تأسيس ثقافة الحوار التي أطلقها هي في مضمونها تعبر عن وميض «أبيض» حر وشفاف يمثل كل أطياف الشارع السعودي ليقدم كلا منا الى الآخر دون مهاترات أو تهجم على الآخر أيا كان ذلك الآخر قريباً يعرفنا أم غريباً يتخوف منا.
فمن يؤمن بالحوار سيجد الآن نفسه غير ملزم بإلحاق الهزيمة بنظام فكري أو ثقافي لا يؤمن به بل عليه ان يعبر عن نفسه وهمومه دون خوف أو مواربة كما عليه ان يقبل من الآخر أن يفصح عن همه ورؤيته لوطن واحد يتسع للجميع «يعني».. الكل و«يبني الكل».
إن هذا المركز الحواري يجب ان يصبح قادرا على إعادة تقديم أنفسنا وابراز حقيقتنا عبر معناه المتسامح الى العالم كشعب واحد دون قطيعة مع ماضٍ مجيد لكل منا منه قسمه - الذي يحبه ويمجده - ولا الطريقة الايديولوجية السائدة والمعاشة في وجدان كل أبناء الوطن.
عندها فقط تصبح صورتنا كشعب متسامح متصالح مع نفسه هي الزمان والمكان الذي يعرفنا به العالم وهو رسالتنا الحقيقية التي نحملها اليه بل سيصبح ذلك المركز هو المحك الذي سيصدر عنه إما أزيز وضجيج يصم الآذان وإما تناغم واستماع وتفهم ومقاومة بالكلمة لا بالصياح والاختطاف للرأي وتحميل المعاني ما لا تحتمل.
انها احدى صيغ الحياة التي تشهدها بلادنا حاليا وتشكل اتصالا غير مسبوق مع تاريخ منفتح ومتسامح من خلال تقاليد تاريخنا القديم والحديث، كيف لا ونحن أمام مستقبل أطفالنا محملين بمواقفنا من وظيفة الانسان ودوره الممتد من المجتمع الصغير الى مجتمعه الكوني العريض بأكمله.
وعلينا ان نستوعب في حوارنا القادم أن مطالبتنا الدائمة للآخرين بتفهم خصوصيتنا كمجتمع شرقي آخذ في النمو نحو التمدن تتطلب منا أن نتفهم خصوصيات بعضنا البعض في الداخل فهي في حقيقتها تنوع يثري لا تنوع يخيف فالصورة الجميلة تحمل ملايين الألوان المتناغمة والمتداخلة والصورة ذات اللون الواحد تصبح بلا طعم وبلا هوية تجهد المدافعين عنها في اقناع الناس كل الناس بجمالها ووحدة أطيافها.

* رئيس تحرير مجلة «التجارة» بجدة

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved