|
|
استوقفتني مقالة كتبتها الأخت ناهد بنت أنور التادفي في عدد الجزيرة «11263» ليوم الخميس 2/6/1424هـ والتي عاودت قراءتها أكثر من مرة كونها تلامس واقع الأمة وتكشف حالها وتبين مرضها وتشخص أعراضها ومنها الذل الخوار والتفرق والشتات موضحة أسبابه ومسبباته بقولها «انشغل الساسة بالقضايا الانصرافية وضياع الدين وهوية» نعم والله صدقت والواقع يحكي ذلك والتاريخ أكبر شاهد وأعظم دليل فكم من قلاع للإسلام هدمت بعدما شيدها خلفاء عظام وكم من إمبراطورية إسلامية تهاوت بين عشية وضحاها وكم من مجد عظيم ضاع لما ضيع الدين واستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير، وها هو التاريخ اليوم يعيد نفسه بعد عدة قرون وها هي جحافل الصليبية تعيد استعمار الأرض بعدما استعمرت الفكر والعقل، وما يحدث بالعراق اليوم من جرم الغزاة أمام سمع وبصر العالم العربي والإسلامي ومنظماته والتي لم تصدر بياناً يدين ويشجب العمليات التي يقوم بها الجنود المحتلون، وكأن إحساس الأمة وعصبها أزيل من جسدها فلم تحد تحركها الحوادث ولا الفواجع ولا صراخ الأطفال وبكاء النساء وغبن الرجال الذين يعيشون تحت سطوة المحتل، يديرون شؤونه ويتحكم بمصيره ويتلاعبون بخيراته إنه قمة الذل والإهانة ولكن لله حكمة بالغة في عباده.. يقول مالك بن أنس رحمه الله لا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها فالذي أصلح أولها هو الدين الصحيح الخالي من البدع والشركيات ومن تعدد الحزبيات ورفع الشعارات القومية التي ما أنزل الله بها من سلطان وكانت سبباً في تفرق الأمة وشتاتها وتكالبها على بعضها شرقاً وغرباً تركض خلف سراب يحسبه الظمآن ماء وغررت بشعارات براقة وديمقراطية مزعومة وحرية مجهولة جنت بسببه الويلات وأوردت نفسها موارد الهلاك والدمار ضلت عن طريق الهداية والاستقامة وسلكت طريق الضلالة والغواية فحل ما حل بها اليوم من ضعف وخوار وذل وهوان وتشتت وتفرق وخصومات ونزاعات لما أعرضت عن أعظم دستور مكتمل الأركان قوي البنيان أعز الله به أمة كانت متفرقة ومتشاحنة تعيش في ظلام وجهل ليجعلها من خير الأمم وأفضلها، مكن لها السيادة والريادة على هذه البسيطة، عندما رفعت راية التوحيد وبسطت سيادتها من السند شرقاً إلى الأندلس غرباً وإقامة شرع الله قولاً وفعلاً ونهجاً ونظاماً سيّروا به جميع شؤون حياتهم فمنحهم الله قوة لا تغلب ومنعة لا تقاوم فهابتها الأمم والشعوب الكافرة آنذاك ومازالت صفحات التاريخ البيضاء تذكرنا بماضينا المجيد لتلك الأمة العظيمة التي استطاعت أن تبني لنفسها مجداً عظيماً تتذكره الأجيال جيل بعد جيل، أما اليوم فقد تبدل الحال لأن واقع أغلب الأنظمة العربية والإسلامية نجدها مستمدة من نظم الغرب ودساتيره والتي تتبدل مع من يعتلي كرسي الزعامة والرئاسة وتتغير بتغير الزمان والمكان، وهذا هو سبب ضعفها وذلها حتى صغرت بعين عدوها وصدق من قال نحن أمة أعزنا الله بالإسلام وإذا أبتغينا العزة بغيره أذلنا الله. |
![]()
[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة] |