Saturday 16th august,2003 11279العدد السبت 18 ,جمادى الثانية 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

المنشود المنشود
جزاء سنمار!!!
رقية الهويريني

فاجأني الأستاذ محمود نوفل برسالة عاتبة يبدو فيها الغضب حيث ذيلها بتوقيع (عامل وافد) يقول فيها: (اطلعت على مقال (استقدام أم إقدام؟) وأتعجب دائماً من النبرة الموحدة للحديث الصحفي عن موضوع العمالة وما (ينهبون أو يمتصون أو يستنزفون) على حد تعبير بعض الأقوال المنشورة سابقاً!! وأتساءل لم ينظر دائماً لحقوق العمالة على انه ارتكاب (جرم وإثم)!! فلو تحدثنا من وجهة النظر الاقتصادية وبلغة السوق لوجدنا أن هناك قانون العرض والطلب، ولولا احتياج السوق لما تم التعاقد!!! إذاً فالعمالة موجودة لسد الثغرات في احتياج السوق وهي عنصر من عناصر نجاح الحركة الاقتصادية والتجارية والمرافق الخدمية داخل البلاد، وبالطبع فهي ليست عالة أو شكلاً من أشكال التسول كما ذكرت في مقالك. وفي بلاد الغرب المتقدمة تجني العمالة أضعاف ما تجنيه في بلادنا العربية ولم يطالب أحد بتهجيرها أو بالخلاص مما (يستنزفونه) لأنهم على دراية بأن العمالة تساهم في عجلة الاقتصاد وتسد ثغرات في بعض الأعمال والحرف التي لا يوجد من يقوم بها أو يمتهنها. ومن حق العمالة أن تجني ثمار عملها وجهدها المبذول فهي لا تستنزف أموالاً بدون وجه حق بل نظير عمل قائم، فقد روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أعط الأجير أجره قبل أن يجف عرقه) فهو حق وليس منّة أو صدقة أو تسولاً، فكل ريال يتقاضاه العامل الوافد يقابله جهد وعناء ليس فقط عضلياً وذهنياً ولكن هناك ثمناً باهظاً يتكبده وهو ثمن الغربة. وانا متيقن من أن أحداً لا يشعر بهذا الثمن إلا من عاناه!! فلو قارنا بين ما يتقاضاه العامل خلال السنوات التي قضاها في غربته وما يفقده بالبعد عن وطنه وأهله وأبنائه، فما أبخسه من ثمن! ودائماً ينسى أو (يتناسى) المتحدثون أنه بفضل من الله ثم بسواعد تلك العمالة (الممقوتة دائماً) قامت نهضة تلك البلاد، فالوافد (المستنزِف) هو الطبيب الذي عالج المرضى والمعلم الذي ربى أجيالاً من الشباب وهو المهندس الذي شيّد وأسّس وأنجز وجهّز وهو (البائع والحرفي والعامل والفني) فلماذا دائماً في النهاية نعامل بقاعدة (جزاء سنمار)؟ لذا أرجو منكم الكف عن تصوير العمالة الوافدة على أنهم عصابة (علي بابا والأربعين حرامي) الذين يستنزفون أموال الناس ويغتصبونها بدون وجه حق!!)..
انتهى احتجاج القارئ الفاضل وسرني ما ذكّرنا به من جميل (ونحن لم ننسَ قط) فضلهم في العلاج والتعليم والبناء والزراعة، عندما كانت حاجتنا للاستقدام تحكمها تسارع عجلة النمو وقلة عدد السكان وفرق كبير حين كان عدد سكان بلادنا خمسة ملايين نسمة والآن ازداد العدد أكثر من ثلاثة أضعاف، لذا آمل من الأخ الكريم معذرتي في شعوري الوطني نحو أبناء بلدي، وحسرتي حين أجد الوافدين يديرون دفة الأعمال بينما شباب البلاد إما متفرجون أو مغيبون أو مستمرئون سماع عبارات (يا باشا، يا بيه، يا أفندم) ولازلت أصر على أن إقدامهم على المهن والأعمال المختلفة هي الوسيلة الوحيدة لقفل باب الاستقدام، أما الأخ نوفل فنرحب به زائراً للحرمين أو سائحاً في مناطقنا الجميلة!! وحين نتحدث عن وجهة النظر الاقتصادية أو لغة السوق فلعلك تأذن لي أستاذي الكريم بإيراد مقولة (ما حك جلدك مثل ظفرك.. فتول أنت جميع أمرك) وأجزم أنه آن الأوان للشباب لكي ينفضوا رداء الكسل حتى تلحق بلادنا بركب الحضارة. أما عن حقوق العمالة فهي مكفولة شرعاً ونظاماً!! وأما التسول بدعوى عدم استلام الحقوق من الكفيل أو الممطالة بها فهي لغة ألفناها من بعض العمالة ويبدو أنها موجودة حتى بالغرب الذي يجزل العطايا بيد ويسلب الكرامة باليد الأخرى، وهذا أشد بكثير من الإحساس بالغربة التي يعاني منها جميع المغتربين بيْد أن الفقر أشد إيلاماً.. فالمال بالغربة وطن!!!

ص.ب 260564 الرياض 11342

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved