|
|
فاجأني الأستاذ محمود نوفل برسالة عاتبة يبدو فيها الغضب حيث ذيلها بتوقيع (عامل وافد) يقول فيها: (اطلعت على مقال (استقدام أم إقدام؟) وأتعجب دائماً من النبرة الموحدة للحديث الصحفي عن موضوع العمالة وما (ينهبون أو يمتصون أو يستنزفون) على حد تعبير بعض الأقوال المنشورة سابقاً!! وأتساءل لم ينظر دائماً لحقوق العمالة على انه ارتكاب (جرم وإثم)!! فلو تحدثنا من وجهة النظر الاقتصادية وبلغة السوق لوجدنا أن هناك قانون العرض والطلب، ولولا احتياج السوق لما تم التعاقد!!! إذاً فالعمالة موجودة لسد الثغرات في احتياج السوق وهي عنصر من عناصر نجاح الحركة الاقتصادية والتجارية والمرافق الخدمية داخل البلاد، وبالطبع فهي ليست عالة أو شكلاً من أشكال التسول كما ذكرت في مقالك. وفي بلاد الغرب المتقدمة تجني العمالة أضعاف ما تجنيه في بلادنا العربية ولم يطالب أحد بتهجيرها أو بالخلاص مما (يستنزفونه) لأنهم على دراية بأن العمالة تساهم في عجلة الاقتصاد وتسد ثغرات في بعض الأعمال والحرف التي لا يوجد من يقوم بها أو يمتهنها. ومن حق العمالة أن تجني ثمار عملها وجهدها المبذول فهي لا تستنزف أموالاً بدون وجه حق بل نظير عمل قائم، فقد روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أعط الأجير أجره قبل أن يجف عرقه) فهو حق وليس منّة أو صدقة أو تسولاً، فكل ريال يتقاضاه العامل الوافد يقابله جهد وعناء ليس فقط عضلياً وذهنياً ولكن هناك ثمناً باهظاً يتكبده وهو ثمن الغربة. وانا متيقن من أن أحداً لا يشعر بهذا الثمن إلا من عاناه!! فلو قارنا بين ما يتقاضاه العامل خلال السنوات التي قضاها في غربته وما يفقده بالبعد عن وطنه وأهله وأبنائه، فما أبخسه من ثمن! ودائماً ينسى أو (يتناسى) المتحدثون أنه بفضل من الله ثم بسواعد تلك العمالة (الممقوتة دائماً) قامت نهضة تلك البلاد، فالوافد (المستنزِف) هو الطبيب الذي عالج المرضى والمعلم الذي ربى أجيالاً من الشباب وهو المهندس الذي شيّد وأسّس وأنجز وجهّز وهو (البائع والحرفي والعامل والفني) فلماذا دائماً في النهاية نعامل بقاعدة (جزاء سنمار)؟ لذا أرجو منكم الكف عن تصوير العمالة الوافدة على أنهم عصابة (علي بابا والأربعين حرامي) الذين يستنزفون أموال الناس ويغتصبونها بدون وجه حق!!).. |
![]()
[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة] |