Saturday 16th august,2003 11279العدد السبت 18 ,جمادى الثانية 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

دفق قلم دفق قلم
عبدالله بن حافظ
عبدالرحمن صالح العشماوي

هكذا يرد هذا الاسم مجرَّداً من كل الألقاب التي كانت تطلق عليه، سواءٌ أكانت ألقاباً عسكرية تمثِّل الرُّتَب العسكرية المالية التي وصل إليها في وزارة الداخلية، أم كانت ألقاباً اجتماعيةً تعبِّر عن قيمته عند أسرته وجماعته وعند من يعرفه عن قُربٍ من الناس.
«عبدالله بن حافظ» وكفى، لأن اسمه من خير الأسماء كما ورد في الحديث الشريف «خير الأسماء عبدالله وعبدالرحمن»، ولأن لقبه «حافظ» لقب جميل فيه معنى الحفظ وقد كان عبدالله حافظاً لسماتٍ فاضلة كريمة، وأخلاق نبيلة، وخيريةٍ يعرفها من تعاملوا معه معرفة صحيحة.
وهكذا تكون الأسماء لامعةً مشرقة حينما تدلُّنا على أشخاص فضلاء خيّرين، محبين للخير ولأهله، غيورين على دينهم، حريصين على أمن بلادهم، عادلين منصفين، غير مستغلِّين لوظائفهم استغلالاً سيئاً، نعم، تصبح أسماء الطيّبين من البشر معالم بارزة يتناقلها الناس العارفون بهم في حياتهم بالتقدير والمودة والإشادة، وبعد موتهم بالذكر الحسن، والدعاء لهم بالرحمة والغفران.
«عبدالله بن حافظ» رجلٌ مرَّ بالحياة الدنيا مروراً سريعاً، حيث مات هذا العام - رحمه الله - في الثامنة والخمسين من العمر، بعد أن عانى من مرضٍ قابله بصبر جميل، واحتسابٍ، وشكر متواصلٍ لله عز وجل، لقد كان نموذجاً من نماذج التسليم لرب العالمين، فما كان جزوعاً ولا كان متسخِّطاً، عرفتُ ذلك عنه معرفة مباشرة، وأكدَّه أقاربه الذين عايشوه في محنةِ مرضه، وإنما كان كثير الشكر لربِّه، وحسن المجالسة لأهله وأصدقائه.
كنت قد التقيت به لقاءاتٍ في إطار عمله، فما رأيت منه إلاَّ وعياً وثقافةً وحسن إدراكٍ لأمور هذا العالم الذي تجري أحداثه جريان الطوفان، وقد دلتني تلك اللقاءات على شخصيَّة كريمة، مثقفة، لطيفة، واعيةٍ بحالة أمتنا الإسلامية، وبأهمية الدور الذي تقوم به المملكة العربية السعودية في العالم، وأهمية دور العلماء والمثقفين في توعية الناس، وبثّ روح الطمأنينة، والغيرة على الدين وحرمات المسلمين، والمواجهة الواعية القوية لأهل الباطل والحاقدين.
«عبدالله بن حافظ» نموذج لموظف الأمن الذي يحسن التعامل فيعطي بذلك صورة إيجابية مشرقة تشعر المواطن بأن رجل الأمن جزء منه، حريصٌ على مصلحته، مخلصٌ في عمله، ناصح صادق، وهذا النموذج الأمني مهم جدَّاً في نشر صورة إيجابية تُسهم في دعم مسيرة الأمن بعيداً عن القسوة والتجهُّم وغيرهما من الصفات المنفِّرة التي لا تأتي بخير.
بعد أن توثقت الصلة بأبي محمد - رحمه الله - صرت ألتقي به في ربوع الباحة، في صيف كل عام، وزاد إحساسي بمكانة هذا الرجل فقد كان عميد أسرته، كما كان رمزاً للمودة والمحبة فيما بينهم، وكان شديد الحرص على تربية الأبناء تربية جادَّة واعية مستقيمة، حيث كان حريصاً على حضورهم جميع النقاشات الثقافية التي تجري في المجلس، دمث الخلق في التعامل معهم، كما كان شديد العطف والرِّقة في التعامل مع العاملين من سائقين وغيرهم، وأذكر أننا تناولنا سوياً طعام العشاء معه - رحمه الله - فما أكل حتى جلس السائق البنغالي بجواره حيث لاطفه بكلمات رقيقات وابتسامة حانية ودعاه إلى الأكل، وحينما عبَّرت له عن إعجابي بهذا التعامل الإسلامي الذي فقده كثير من الناس، قال: كيف لا نفعل هذا وقد أوصانا رسولنا صلى الله عليه وسلم به، وحثنا عليه، وفعله مع خدمه عليه الصلاة والسلام، أما شهر رمضان فما كان يرى أبا محمد إلا في رحاب البيت الحرام.
ألم أقل لكم إن اسم «عبدالله بن حافظ» يكفي أن يورد مجرَّداً من الألقاب، لأنه هو لقبٌ جميل، مرات كثيرة قال لي: الله الله في القيام بدوركم يا أصحاب الكلمة في نشر الخير والدعوة إليه، وعدم التوقُّف عن ذلك مهما كانت الشواغل في هذه الحياة، صفات حميدةٍ لفقيد عزيزٍ أحببتُ أن أذكرها نموذجاً للخلق الفاضل، وأداءً لحقه - رحمه الله - مع العزاء الصادق إلى أهله وإخوته ومحبيه.
إشارة


ياحسرة القلب توبي من صُنع هذا الشحوب
إني حملت جراحي حمل الصبور الأريب

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved