Thursday 11th september,2003 11305العدد الخميس 14 ,رجب 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

بعد عامين من هجمات سبتمبر بعد عامين من هجمات سبتمبر
كثير من القتلى وقليل من الإجابات
بقلم: دافيد كريجر(*)

  مع حلول الذكرى الثانية لهجمات الحادي عشر من سبتمبر الإرهابية، من المهم جدا أن نلقي نظرة عميقة على الاتجاه الذي تسير فيه أمريكا منذ وقوع هذه الحوادث المأساوية فقد هاجمت الولايات المتحدة الأمريكية أفغانستان وأطاحت بنظام حكم حركة طالبان، وفي هذه الحرب الأمريكية ضد أفغانستان قتلت أمريكا ما بين ثلاثة آلاف وأربعة آلاف مدني أفغاني وهم أكثر ممن ماتوا في انهيار برجي مركزالتجارة العالمي ومبنى وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون» التي هاجمها الإرهابيون في الحادي عشر من سبتمبر عام 2001. وقد فشلت القوات الأمريكية في العثور على أسامة بن لادن.
والتقارير القادمة من أفغانستان تشير إلى أن الحكومة الأفغانية الجديدة التي نصبتها أمريكا لا تسيطر على أكثر من العاصمة الأفغانية كابول في حين يسيطر زعماء الفصائل المسلحة على باقي أفغانستان.
كما هاجمت أمريكا أيضا العراق على الرغم من عدم وجود دليل واحد على ارتباط بين العراق والإرهابيين الذين نفذوا هجمات سبتمبر كما لم تحصل أمريكا على غطاء شرعي من الأمم المتحدة لهذه الحرب.
وقد قتلت الحرب الأمريكية ضد العراق حتى الآن ما بين ستة آلاف وثمانية آلاف مدني وهم ضعف من ماتوا في مركز التجارة العالمي والبنتاجون.
ومنذ أن بدأت الأضواء تتركز على الحرب الأمريكية ضدالعراق اتضح أن إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش استخدمت أدلة مزورة وتقارير مخابراتية ملفقة من أجل إقناع الرأي العام والكونجرس الأمريكي بأن العراق يمثل تهديدا حاليا للولايات المتحدة وأنه يمتلك أسلحة دمار شامل يمكنه استخدامها ضد الأمريكيين، والحقيقة أن الولايات المتحدة مازالت عاجزة حتى الآن عن تحديد مكان صدام حسين وزعيم حركة طالبان الأفغانية الملا محمد عمر، كما لم تعثرالقوات الأمريكية التي تحتل العراق على أي أسلحة دمار شامل من تلك الأسلحة المزعومة التي قالت إدارة بوش إنها تمثل تهديدا حقيقيا للأمن الأمريكي وهناك أدلة قوية على أن الشعب العراقي يرفض الاحتلال الأمريكي لبلاده كما أن الجنود الأمريكيين يتساقطون قتلى بصورة يومية هناك، بالإضافة إلى قيام المقاومة العراقية بتخريب خطوط أنابيب البترول لمنع تصدير البترول العراقي الذي تسيطر عليه سلطات الاحتلال إلى الخارج.
وبالإضافة إلى تكلفة احتلال العراق في الأراوح الأمريكية فإن دافع الضرائب الأمريكي يتحمل حوالي أربعة مليارات دولار شهريا تقريبا تضاف إلى العجز في الميزانية الأمريكية الذي يصل إلى 450 مليار دولار خلال العام الحالي، وحتى الآن لا توجد أي خطط واضحةلانسحاب القوات الأمريكية من العراق كما أن الإدارة الأمريكية لم تحدد الفترةالزمنية المحتملة للبقاء هناك ولا التكلفة الإجمالية لمواصلة احتلال العراق.
وقد حصلت الشركات الأمريكية العملاقة المرتبطة بعلاقات وثيقة مع إدارة بوش على عقود ضخمة في مشروعات إعادة بناء ما دمرته الحرب الأمريكية في العراق وإدارة الثروة البترولية هناك، ورغم كل ذلك لم نحصل حتى الآن على تقريرمخابراتي واحد موثوق فيه بشأن فشل المخابرات والأمن في أمريكا في منع هجمات الحادي عشر من سبتمبر، فحتى الآن لم يقل بوش أي مسئول ولم يعلن مسئولية أي جهاز أمني ولا مخابراتي أمريكي عن الفشل والانطباع العام الذي يمكن أن نحصل عليه من إدارة بوش هو أن وقوع هجمات الحادي عشر من سبتمبر كان نتيجة لوجود صعوبات في الاتصال وتبادل المعلومات بين مختلف أجهزة المخابرات والأمن الأمريكية وبالتالي ضرورة إيجاد نقاط اتصال جديدة، والحقيقة أن عائلات ضحايا هجمات الحادي عشر من سبتمبر وكل الشعب الأمريكي مازال ينتظر إجابات شافية ووافية عن أسباب فشل المخابرات الأمريكية في منع وقوع الهجمات، وفي دراسة للكونجرس الأمريكي حول فشل المخابرات الأمريكية في الحادي عشر من سبتمبر قامت الإدارة الأمريكية بحجب أغلب المعلومات المهمة عن الشعب الأمريكي، يقول عضو مجلس الشيوخ الأمريكي والرئيس السابق للجنة المخابرات في المجلس ريتشارد شلبي أن تقديره الشخصي أنه يجب الكشف عن كل هذه المعلومات للشعب الأمريكي الذي يحق له أن يعرف كل الحقيقة في ضوء العدد الكبير للقتلى الذين راحوا ضحية لفشل المخابرات الأمريكية في منع وقوع الهجمات، ومنذ الحرب الأمريكية ضد أفغانستان تعتقل الولايات المتحدة الأمريكية مئات المعتقلين وبينهم مواطنون أمريكيون بصورة تمثل انتهاكا لمعاهدات جنيف المنظمة لمعاملة أسرى الحرب والسجناء. كما نجحت الإدارة الأمريكية في استصدار قانون جديد يفرض المزيد من القيود على الحريات المدنية للأمريكيين.
والحقيقة أن هذه التصرفات لا تبشر بخير بالنسبة لأمريكا، ففي خلال عامين خاضت أمريكا حربين واحدة منهما على الأقل تبدو غير مشروعة على الإطلاق وفقا لقواعد القانون الدولي، كما أن هذه الحروب الأمريكية قتلت أبرياء يزيد عددهم عن ثلاثة أضعاف الذين قتلوا في هجمات الحادي عشر من سبتمبر، وفي الوقت نفسه فإن الأشخاص المشتبه في مسئوليتهم المباشرة عن هجمات سبتمبر مازالوا مطلقي السراح في حين أن حريات الأمريكيين هي التي تم تقييدها، كما أن التعاطف العالمي مع أمريكا بعد مأساة سبتمبر تلاشى بفعل سياسات إدارة الرئيس بوش، فأغلب شعوب العالم تنظر إلى أمريكا حاليا باعتبارها طاغية تستخدم القوة العسكرية في انتهاك القانون الدولي وفرض قوانينها على العالم لخدمة مصالحها فقط، والحقيقة أن الجنود الأمريكيين مازالوا يدفعون ثمن غطرسة إدارة بوش الذي يعيش آمنا تماما في البيت الأبيض ويقول: إن الهجمات المسلحة في العراق مجرد أمور تافهة تدعو للسخرية، والحقيقة أن هذه غير المبالاة التي يتعامل بها بوش مع ما يحدث للجنود الأمريكيين في العراق يثير سخط الجنود وعائلاتهم أيضا.
والحقيقة أيضا أنه بعد عامين من هجمات الحادي عشر من سبتمبر لا يشعر الأمريكيون أنهم أكثر أمنا من قبل بالفعل لقد أنشأت الإدارة الأمريكية وزارة جديدة للأمن الداخلي ووضعت نظاماً ملونا للتحذير من الهجمات الإرهابية ولكن كل ذلك لا يمثل أي حواجز حقيقية أمام الهجمات الإرهابية، ليس هناك ما يدعو إلى تصديق أن الإرهابيين مجرد أشخاص يحسدون الأمريكيين على طريقة حياتهم كما يقول الرئيس بوش، تحتاج أمريكا بالفعل لمراجعة كل القيم والتوجهات التي جعلت من أمريكا بلدا قويا من أجل القضاء على الإرهاب، بمعنى أن أمريكا في حاجة إلى إعادة التفكير في العواقب الشرعية والأخلاقية لسياساتها، وهذا يتطلب مراجعة شاملة لكل سياسات إدارة الرئيس بوش التي استغلت هجمات الحادي عشر من سبتمبر من أجل تحقيق أهداف أيديولجية ترمي إلى فرض السيطرة العسكرية الأمريكية على العالم والسيطرة على مصادر الطاقة فيه، وعلى الشعب الأمريكي أن ينتبه لمخاطر هذه السياسة قبل فوات الأوان.

(*) رئيس مؤسسة السلام في العصر النووي المصدر: «زد نت دوت اورج»

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved