Thursday 11th september,2003 11305العدد الخميس 14 ,رجب 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

رؤية إستراتيجية لإنقاذ العراق رؤية إستراتيجية لإنقاذ العراق
أحمد عبدالعال الصكبان

إن الرؤية الإستراتيجية لإنقاذ العراق وإجراء تغيير ديمقراطي شامل في البلاد تكمن في حل مشكلة الحكم. فهذه المشكلة تمثل محور وأساس المحنة العميقة التي يعانيها الشعب العراقي بجميع فئاته وطوائفه. ولعل بلوغ هذا الهدف الكبير، يضمن إعادة إرساء القيم والمثل الوطنية الديمقراطية للسلوك الاجتماعي العام تمهيداً لبناء مقومات الحياة الطبيعية ومستلزماتها، ويوفر مناخاً ملائماً لتطبيع العلاقات الإقليمية والدولية للبلاد ووضع حد للأطماع الأجنبية وفي هذا السياق، يتعين صياغة وتنفيذ برنامج عملي يستهدف:
أولاً:
تأليف حكومة شعبية مسؤولة من شخصيات وطنية نزيهة تحت اشراف مجلس رئاسة مكون من ثماني شخصيات مستقلة ومعروفة بالالتزام بمصالح الشعب ووحدة البلاد، على ان تعمل هذه الحكومة خلال الفترة انتقالية لاتجاوز السنتين على تحقيق التحول السلمي للسلطة وتكون مهماتها الأساسية هي:
- اطلاق الحريات العامة للمواطنين والهيئات كافة وضمان حقهم في تكوين الأحزاب والجمعيات والنقابات واصدار الصحف والنشاط السياسي الحر.
- دعوة جميع العراقيين في الخارج للعودة إلى العراق، للمساهمة في عملية اعادة بناء الوطن، وتعويض من لحقتهم أضرار بسبب قرارات التهجير القسري.
- تصفية القمع السياسي وآثاره، واجتثاث جذوره، ومعالجة اسبابه وإلغاء القوانين الاستثنائية، والسياسات المدمرة، والأوضاع التعسفية، ووقف جميع اجراءات الاضطهاد والتمييز العرقي والطائفي.
- وضع الترتيبات اللازمة لبناء هيكل حكم ديمقراطي منتخب من الشعب على أساس من الاحترام لحقوق الانسان وسيادة القانون.
- الاعلان عن تطبيع العلاقات مع جميع الدول الشقيقة، ودول الجوار والتخلي عن سياسات التدخل في شؤونها الداخلية، ونبذ المغامرات الحربية والتمسك بالاحترام المتبادل والسيادة لكل الأطراف المعنية.
- الإعلان عن احترام العراق للمعاهدات والمواثيق الدولية واستعدادها للوفاء بالتزاماتها وحق المصلحة الوطنية الحقة.
- العمل السريع لاستعادة العراق لسيادته والتعاون مع المجتمع الدولي لاعادة الأمن وسيطرة الدولة على الأوضاع.
- تأسيس محكمة عراقية لمحاسبة قيادات النظام السابق.
- تأسيس هيئة المصالحة والعفو العراقية على غرار ماتم في جنوب افريقيا.
ثانياً:
تتولى هيئة شعبية مكونة من ثماني وثلاثين شخصية قانونية بمعدل شخصيتين من كل محافظة عراقية وضع الدستور الدائم والقوانين الأساسية المرتبطة به وحالما يتم وضع مسودة الدستور تطرح على استفتاء عام للتصويت عليه، بما يضمن التعبير الصادر عن إرادة الشعب بكامل حريته. على ان يتضمن الدستور الدائم مجموعة من المبادئ والضوابط الأساسية التي تجسد الخيار الديمقراطي وتضمن تحقيقه من خلال نظام دستوري برلماني تعددي وتداولي ومن بين تلك المبادئ:
- تأكيد احترام حقوق الانسان بما في ذلك حقوق المرأة والطفل، كما أقرتها المواثيق الصادرة عن الأمم المتحدة ولاسيما الشرعة الدولية لحقوق الإنسان والمساواة أمام القانون، وتحقيق الفرص المتكافئة والعدالة الاجتماعية للمواطنين، وتوفير الحريات لهم وضمان فرص العيش الكريم بغض النظر عن الجنس واللون والعنصر والطائفة والطبقة.
- تأكيد مبدأ سيادة الشعب على كامل ترابه، وحقه في تقرير مصيره وضمان استقلال ارادته الحرة، كونها المصدر الوحيد لشرعية الحكم.
- كفالة حق المشاركة في إدارة الشؤون العامة للمواطنين بجميع فئاتهم وهيئاتهم وانتماءاتهم السياسية، والحق في انتخابات نزيهة دورياً بالاقتراع العام، والتصويت السري، وتضمن التعبير عن إرادة الناخبين.
- التشديد على الوحدة الوطنية شعباً وتراباً ومجتمعاً.
- تأكيد مبدأ سيادة القانون، واستقلال القضاء، وقيام المؤسسات، ومن ضمنها المحاكم المختصة المستقلة، ضماناً لدولة القانون والمؤسسات.
- كفالة الحقوق الأساسية والحريات العامة، وضمان حرية التعبير عن المصالح والرؤى الاجتماعية، واحترام التعددية الفكرية والسياسية والتنظيمية.
- ممارسة الشعب، من خلال هيئاته الدستورية المنتخبة وممثليه الحقيقيين، الرقابة الديمقراطية على أعمال الحكومة، والنظر في شكاوى المواطنين، من إساءة تطبيق القوانين والتلاعب في تفسيرها.
- واستلهام مبادئ الاسلام ومثله العليا في صياغة التشريعات والمناهج، مع احترام الديانات السماوية وضمان حرية ممارسة العبادات.
- النص على تحريم التمييز والممارسة الطائفية والعنصرية، ومعاقبة من يمارسها، ومن يسوغها ويشجع عليها والتشديد على معالجة اسبابها جذرياً.
- ترسيخ قيام مجتمع مدني يعزز مظاهر الوعي الديمقراطي في المجتمع، وإقامة المؤسسات الأهلية، التي يتم في إطارها تشاور وتداول المواطنين في مختلف القضايا المتعلقة بالمجتمع.
- القوميتان العربية والكردية هما الشريكتان الرئيستان المتآخيتان في هذا الوطن، إلى جانب الأقليات القومية الأخرى، ويمارس الجميع حقوقهم في إطار وحدة الوطن وترابه والمصلحة المشتركة وتوضع الصيغة الدستورية الملائمة لذلك.
- ترسيخ المواطنة العراقية المتكافئة بين أبناء الشعب باعتماد مفهوم سليم للديمقراطية على أساس الانتماء للوطن والتمسك بالرابطة الوطنية والمجتمعية ومصلحة البلاد العامة.
- الثروة الوطنية (من ماء وأرض ونفط ومعادن) هي ملك الشعب، وهو المسؤول عن حسن استغلالها واستثمارها والتصرف بريعها.
- الالتزام بمبدأ الفصل بين السلطات الثلاث (التشريعية والتنفيذية والقضائية) مع ضمان استقلالية القضاء واحترام أحكامه.
- تشكيل محكمة دستورية عليا النظر في دستورية القوانين وتفسيرها.
- ضمان نزع الصفة الحزبية عن القوات المسلحة والأجهزة الأمنية وتأكيد واجبها الأساسي في الدفاع عن الوطن ضد الأخطار الخارجية وحماية أمن المواطنين وتطبيق القوانين وأحكام القضاء.
ثالثاً:
في الميدان الاقتصادي، ينبغي صياغة برنامج للإنقاذ والإنماء تتركز مضامينه وأهدافه على تحرير البلاد من الآثار الاقتصادية للحروب والحصار الدولي من ناحية وخلق الأسس لإعادة الحياة والإنماء المطرد للاقتصاد العراقي، من ناحية ثانية.
وتتلخص السمات العامة لهذا البرنامج بعدد من المنطلقات والتدابير منها:
- تركيز الجهود على تعبئة وتطوير الموارد المالية، باعتبارها الأداة الضرورية للانفاق على المشاريع الانمائية وتحسين الحالة المعيشية، وتمويل الاستيراد وإعادة التوازن لميزان المدفوعات، ومعالجة الأعباء المالية الخارجية.
- تطوير الصناعة النفطية كمورد مالي مهم وتنمية موارد أخرى، بهدف زيادة الدخل القومي وتنويع الهيكل الاقتصادي، وتحقيق التوازن بين قطاعاته.
- إرساء السياسة الاقتصادية على أساس من التوازن المطلوب بين آليات السوق والتدخل الحكومي وفقاً للمعايير الاقتصادية الناجعة وبالأخص معيار الكلفة العائد وتأمين كفاءة الأداء الاقتصادي.
- تطوير الخدمات العامة للدولة وتوسيعها بهدف تحسين الحياة والأحوال المعيشية للسكان ولا سيما الفئات الفقيرة وذات الدخل المحدود.
- تطبيع وتطوير العلاقات الاقتصادية الخارجية على أساس من المنافع المتبادلة وتشجيع الاستثمارات العربية والأجنبية في العراق، وفقاً لحاجات وأهداف التنمية الوطنية واصدار القوانين المناسبة لذلك.
- السعي لإلغاء تعويضات الحرب وذلك لعدم مسؤولية الشعب العراقي عن احتلال الكويت ولكونه ضحية أساسية من ضحايا هذه الحرب المدمرة فضلا عن ان هذه الخطوة من شأنها ان توطد الثقة بين دول المنطقة وتعيد الأمن والاستقرار إلى ربوعها.
إن بلوغ هذه المهمات يستدعي مستوى عالياً من العمل والمسؤولية والواقعية من جانب الأوساط والفئات السياسية العراقية والحرص على إبراز صوت الشعب العراقي، والتعبير عن إرادته الحرة والمستقلة في المحافل العربية والدولية وضمان مشاركة ممثلي الرأي العام العراقي، في أي مساع ومحاولات تتعلق بمستقبل العراق ومصالح شعبه. كما انه يتطلب، من جهة أخرى تضامناً جاداً من جانب الحكومات والقوى الوطنية العربية الشقيقة والأوساط الدولية الحريصة على أمن العراق ووحدته ودوره الايجابي المنتظر في بناء الأمن والسلم في المنطقة بصورة شاملة وعادلة.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved