Thursday 18th september,2003 11312العدد الخميس 22 ,رجب 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

رأس الشيخ أحمد ياسين كان هو المطلوب للخروج من الأزمة الجنائية التي تعيشها عائلة شارون رأس الشيخ أحمد ياسين كان هو المطلوب للخروج من الأزمة الجنائية التي تعيشها عائلة شارون
عبد الحميد ياسين يروي لـ « الجزيرة » كيف نجا والده من الموت المحقق
مصادر أمنية إسرائيلية: تأخر الطائرات الحربية لعب دوراً هاماً لصالح نجاة الشيخ ياسين وقيادة حركة حماس بالكامل

  * القدس - غزة - بلال أبو دقة:
كشفت تقارير إسرائيلية عن أن رئيس الحكومة الاسرائيلي أريل شارون عقد اجتماعا سريا وخاصا مع مستشاريه القانونيين والإعلاميين بحضور نجليه عمري وجلعاد في مزرعته الواقعة جنوب فلسطين في منطقة النقب وذلك عشية توجهه إلى الهند..
وأكدت التقارير الاسرائيلية على أن شارون تباحث مع ضيوفه عدة أمور تتعلق بالتحقيقات الجنائية (بخصوص الرشاوى والفساد الإداري وتمويل حملات انتخابية بطريقة غير مشروعة..) التي ستجريها الشرطة الإسرائيلية مع نجليه «عمري وجلعاد» خلال الأيام المقبلة..
وتقول التقارير: إن الموضوع الرئيسي الذي تصدر أجندة هذا اللقاء السري هو موضوع الهجمة الإعلامية التي يتعرض لها شارون ونجليه بحيث تحتل مسألة التحقيقات الجنائية مع عائلته العناوين الرئيسية في الصحف الاسرائيلية، كما أنها تفتتح بها نشرات الأخبار..
وتضيف التقارير بأن المحامين والمستشارين رأوا أن يتم العمل على اشغال المنطقة بقضايا أهم حتى لا تكون عناوين الفضائح متصدرة للصحف ولنشرات الأخبار..
ومن بين ما اقترحه الحضور أن يتم الطلب وبشكل قانوني من المحكمة العليا في اسرائيل باستصدار قرار يفرض عدم نشر أية أخبار حول التهم المنسوبة لعائلة شارون وتوسيع الحصانة الممنوحة للسياسيين بحيث تشمل حظر نشر أية معلومات أو أخبار تمس بهم، إلا أن المستشارين أكدوا استحالة تحقيق هذا الهدف وأنهم استنفذوا كافة الحلول الموجودة في جعبتهم..
وتؤكد التقارير الاسرائيلية بأن شارون أبلغهم بأن هناك وسيلة واحتمالاً وحيداً بقي في جعبته، وهو القيام بمغامرة في الساحة الفلسطينية تقلب الطاولة على حد وصف التقارير، وتدفع بأخبار الفساد عن عائلته إلى الصفحات الداخلية أو أن تتلاشى تماما..
وبالفعل اتخذ شارون قرارا مجنونا وكان رأس الشيخ أحمد ياسين هو المطلوب وهو المخرج من الأزمة التي تعيشها عائلة شارون، وقال المجتمعون لشارون إن ردات الفعل على عملية الاغتيال ستكون قوية وستدفع بأخبار الرشاوى والفضائح التي تجتاح عائلة شارون نحو الصفحات الداخلية، وهذا ما حدث بالفعل حتى بعد فشل محاولة الاغتيال.
فشل عملية الاغتيال
هذا وقالت مصادر استخباراتية اسرائيلية: إن المعلومات التي كانت في جعبة الأجهزة الأمنية بشأن تواجد الشيخ أحمد ياسين ومدير مكتبه اسماعيل هنية وقادة آخرين في اجتماعهم في أحد مباني مدينة غزة كانت معلومات دقيقة جدا، غير أن فشل عملية الاغتيال يعود إلى عدم قيام سلاح الطيران بالتحرك سريعا لاستهداف المكان..
وتضيف المصادر: بأن طبيعة الهدف المطلوب استهدافه وطبيعة العناصر الموجودة داخل المبنى «قيادات حركة حماس» دفعت الجهات المقررة في المستوى الاستخباراتي والعسكري لاستدعاء طائرة إف 16 لضرب المبنى المستهدف وضمان قتل كل من بداخله دون الاستعانة بالطائرات المروحية والصواريخ الخفيفة، لكن الطائرات الحربية تأخرت في الوصول رغم جاهزيتها الكاملة..
وقالت التقارير الاسرائيلية نقلا عن مصادر أمنية في اسرائيل: إن هذا التأخير لعب دور هاما لصالح نجاة قيادة حركة حماس بالكامل، حيث تمكن القادة في الحركة من مغادرة المبنى المستهدف على فترات وكان آخرهم الشيخين ياسين وهنية اللذين أصيبا بإصابات خفيفة، كما أن القنبلة التي تزن ربع طن التي أسقطت على المبنى كانت غير مؤهلة لأن تسحق المبنى بالكامل..
وقالت مصادر اسرائيلية معقبة على الفشل الذريع في محاولة اغتيال ياسين: إن محاولة اغتيال ياسين كان لها أهداف عديدة من بينها أن التيار اليميني الاسرائيلي على المستويين السياسي والعسكري يرغبان جر المنطقة إلى حافة الهاوية باغتيال قيادات حماس وذلك لدفع الحركات الفلسطينية إلى تنفيذ عمليات فدائية داخل العمق الاسرائيلي حتى يتسنى لحكومة شارون اليمينية المتطرفة تنفيذ مخططاتها العدوانية باجتياح قطاع غزة واغتيال وتصفية كافة القيادات الفلسطينية المتواجدة بداخله بعد أن تم اغتيال واعتقال القيادات السياسية والميدانية في الضفة الغربية خلال حملة السور الواقي قبل أكثر من عام..
وذهبت مصادر اسرائيلية إلى القول: إن الهدف المرجو من استهداف الشيخ ياسين تم تحقيقه بالفعل، وان اسرائيل من خلال محاولة الاغتيال هذه أرادت توجيه رسائل واضحة إلى قيادة حماس وقيادات الحركات الفلسطينية لتؤكد أن أحداً لن يكون محصنا بعد اليوم وأن الاستهداف سيطال كل الرؤوس..
حاولوا اغتيال ياسين بعد 24 ساعة على المحاولة الفاشلة
هذا وكشفت مصادر أمنية اسرائيلية مؤخرا بأن سلاح الطيران الاسرائيلي حاول اغتيال الشيخ أحمد ياسين بعد مرور أقل من 24 ساعة على قيامه بمحاولة الاغتيال الفاشلة..
وقالت تلك المصادر: إن الأجهزة الأمنية الاسرائيلية أصيبت بحالة من الإحباط بعد أن تبين لها أن الشيخ ياسين نجا من محاولة الاغتيال.. وعليه قرر شارون ووزير دفاعه موفاز تنفيذ عملية الاغتيال بكل ثمن لاعتقادهما بأن فشل العملية سيسبب الضرر لاسرائيل، وسيقوي من مكانة حركة حماس ومؤسسها..
وأشارت مصادر أمنية اسرائيلية إلى أن أجهزة المخابرات استطاعت تحديد المكان الذي تواجد فيه الشيخ ياسين بعد محاولة الاغتيال الفاشلة، وعلى إثر ذلك صدرت الأوامر لوحدة التصفيات التابعة للجيش الاسرائيلي بتنفيذ العملية بأكبر قدر من السرعة..
وتابعت المصادر قولها: إن الطائرات الاسرائيلية كانت على أهبة الاستعداد لتنفيذ عملية الاغتيال الجديدة، وجهزت قنابل بزنة طن لإسقاطها على البيت الذي كان متواجدا فيه ياسين، إلا انه في تلك اللحظة قررت القيادة العامة في هيئة الأركان العامة للجيش الاسرائيلي تأجيل تنفيذ العملية، زاعمة ان تأجيلها نبع من تلقي المخابرات الاسرائيلية معلومات مؤكدة بأن عددا من الصحافيين الاسرائيليين يتواجدون في المنطقة القريبة من بيت الشيخ ياسين، وانه في حالة تنفيذ عملية الاغتيال فانه من المرجح أن يقتل أو يصاب الصحافيون الاسرائيليون بجراح بالغة.. حيث تواجد في المكان طاقمان تابعان للقناة الثانية التجارية في التلفزيون الاسرائيلي كانا يعدان تقارير عن محاولة الاغتيال الفاشلة؛ وطاقم آخر تابع للقناة العاشرة التجارية؛ الأمر الذي دفع قيادة الأركان العامة إلى تأجيل عملية الاغتيال الثانية..
وأكدت المصادر الأمنية الاسرائيلية على أن الصحافيين الاسرائيليين أنقذوا رأس الشيخ ياسين وعشرات المواطنين الفلسطينيين، وقالت تلك المصادر: لو لم يتواجد الصحفيون الاسرائيليون في المكان لكان الشيخ ياسين ومواطنين آخرين الآن في عداد الأموات..
قيادات حماس باتوا يختفون في أماكن سرية للغاية
وفي هذا السياق قالت مصادر أمنية اسرائيلية: انه منذ يوم السادس من ايلول - سبتمبر الجاري وعندما حاولت اسرائيل اغتيال ياسين والقيادي هنية بدأ القياديون في حركة حماس باتخاذ الإجراءات الأمنية لمنع المخابرات الاسرائيلية من الوصول إليهم، حيث ان جميعهم باتوا يختفون في أماكن سرية للغاية لا يعرفها إلا اقرب المقربين منهم، وأنهم لم يعودوا يجتمعون في بيت واحد، وتوقفوا عن استعمال الهواتف النقالة وتوقفوا عن التنقل من مكان إلى آخر بواسطة السيارات وامتنعوا عن الظهور في الاجتماعات الشعبية أو في المظاهرات؛ بالإضافة إلى أنهم امتنعوا عن الإدلاء بتصريحات صحافية لشبكات التلفزة ببث حي ومباشر من الاستوديوهات في غزة خشية قيام طائرات الاحتلال بقصف المكان الذي يتواجدون فيه..
وتقول مصادر اسرائيلية: إن الشيخ أحمد ياسين يسكن في بيوت متعددة الطوابق وأن الحراسة عليه باتت مشددة، ويتم نقله من مكان إلى آخر بين فترة وأخرى خشية أن يتم تحديد مكان تواجده..
عبد الحميد ياسين يروي للجزيرة كيف نجا والده
وقال عبد الحميد ياسين (28 عاماً) نجل الشيخ أحمد ياسين (65 عاماً) ل«الجزيرة»: كنت متواجدا برفقة والدي أجلس بجانبه حينما وقعت محاولة الاغتيال.. كنا جالسين في الطابق الأول من منزل الدكتور مروان أبو راس، ومعنا الشيخ إسماعيل هنية وفجأة سمعت صوت هزة ومن ثم صوت انفجار كبير اعتقدت بأنها عملية قصف استهدفت المبنى.. قمت من مكاني بسرعة، ثم ما لبثت أن سمعت صوت انفجار هز البيت وكأنه زلزال.. كان ذلك الصاروخ الذي استهدف الطابق الثالث من المبنى..
وواصل نجل الشيخ ياسين حديثه قائلا: كان جل تفكيري كيف يمكن أن أخرج والدي بأسرع وقت من المكان.. لقد غطى الغبار المكان وأصبحت الرؤية معدومة؛ لكني تحسست والدي وحملته بين ذراعي.. حاول حينها الشيخ اسماعيل هنية مساعدتي؛ لكنني طلبت منه أن يفسح لي المجال نظرا لضيق المكان ولكي أتمكن من الإسراع في الجري بين الأزقة..
وأضاف نجل ياسين الذي أنقذ حياة أبيه من موت محقق: خرجت حاملا والدي وسط الجدران المهدمة التي كانت تتساقط بقاياها وردمها أمامنا والغبار وبقايا الردم غطت رؤوسنا.. لم يفصل سوى ثوان قليلة بين وقوع الانفجار وخروجي من المنزل.. لقد أصيب والدي بخدش بسيط في يده أثناء خروجي بسرعة حيث ارتطمت بأحد الجدران المهدمة.. وعند خروجي للشارع رأيت الناس يتجمهرون بعيدا عن المنزل وفوجئوا بي أخرج من البناية حاملا والدي حيا يرزق.. حاولوا مساعدتي.. بقينا في مكان آمن خشية من أن نستهدف مرة أخرى ورفضت أن أركب أي سيارة، وجلست برفقة والدي في أحد البيوت غسلت له وجهه وتوضأنا وصلينا العصر جماعة وعدنا أدراجنا إلى منزلنا في حي الصبرة..
لن أموت إلا إذا انتهى أجلي
وقال الشيخ أحمد ياسين معقبا على محاولة اغتياله: إن الصهاينة قصفوا المبنى الذي كنت فيه بقنبلة تزن ربع طن من المتفجرات للقضاء عليّ ولكن الله لم يرد ذلك، ونجاني منهم دون أن أصاب بأذى، لقد نسوا أن هناك ربا كبيرا هو الذي يسير الأمور.. أنا هنا أجلس في بيتي أفضل أن أموت عزيزا.. سنقاوم حتى آخر قطرة دم ولن نستسلم.. أومن بقدر الله ولن اختبئ من صواريخ وطائرات الاحتلال.. لن أموت إلا إذا انتهى أجلي وهذا بيد الله وليس بيد إسرائيل..
واعتبر ياسين قرار الاتحاد الأوروبي بإدراج حركته في قائمة الإرهاب وصمت الولايات المتحدة الأمريكية، وحالة الضعف والانهيار الذي تعيشه الأمتان العربية والإسلامية أعطت الضوء الأخضر وشجعت شارون وزبانيته لرفع سقف حربهم ضد الفلسطينيين..
ويحاول الشيخ ياسين المواظبة على الصلاة في مسجد المجمع الإسلامي القريب من منزله حيث يخرج على كرسيه المتنقل يدفعه أحد الشبان غير مكترث من أن تباغته إحدى الطائرات الاسرائيلية التي لم تغادر سماء مدينة غزة..
يذكر أن الشيخ ياسين كان قد تعرض في بداية الانتفاضة الأولى عام 1988 إلى محاولة اغتيال مماثلة حينما أطلقت مروحية اسرائيلية صاروخا عليه في أحد المساجد بمدينة غزة نجا منها بأعجوبة وأصيب فيها العديد من المصلين..

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved