Thursday 18th september,2003 11312العدد الخميس 22 ,رجب 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

سيناريوهات إبعاد عرفات تفجير للمنطقة وتقويض لمسيرة السلام سيناريوهات إبعاد عرفات تفجير للمنطقة وتقويض لمسيرة السلام
القرار الإسرائيلي سيُدخل المقاومة الفلسطينية مرحلة جديدة

  * القاهرة مكتب الجزيرة عمر شوقي:
المتأمل لقرار الحكومة الإسرائيلية الأخير بإبعاد الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات سيدرك من اللحظة الأولى أن الهدف ليس إبعاد الرئيس بشخصه، بل يتجاوز ذلك إلى وأد عملية السلام برمتها والقضاء على الحلم الفلسطيني بقيام دولة مستقلة، والتهرب من أي التزامات تمليها الاتفاقات الموقعة أو أي حلول مقترحة في المستقبل، لإدراك هذه الحكومة أنها عاجزة تماما عن الوفاء بأي من التزاماتها تجاه هذه الاتفاقيات.
المثير أن إسرائيل التي تتباهى أمام العالم بأنها الدولة الوحيدة في المنطقة التي تتمتع وتحترم الديمقراطية، تضرب بهذا القرار كل مبادئ وأسس الديمقراطية فهي من جانب تتدخل في الشأن الداخلي الفلسطيني، ومن جانب آخر تريد إبعاد قائد منتخب من أغلبية الشعب الفلسطيني في انتخابات شرعية، وهو ما يكشف عن الوجه القبيح للدولة العبرية التي لا تعرف سوى لغة العنصرية والعنف.
كما يكشف القرار أن عقلية شارون التي أرتكبت مجزرة صبرا وشاتيلا في نفس هذا الشهر (سبتمبر) منذ 21 عاما مازالت تهوى إسالة الدماء وأن الحكومة الإسرائيلية الحالية لا تعرف سوى لغة الحرب في الوقت الذي انحصر مجال المنافسة داخلها على من سيكون أكثر تطرفا ومن سيكون أقل تطرفا، ويتضح ذلك بجلاء من موقف الوزير العنصري ليبرمان الذي صوت ضد القرار لأنه لا يريد إبعاد عرفات بل قتله دون تردد.
ويبدو أن الحكومة الإسرائيلية توصلت لنتيجة مفادها أن العالم بشكل عام، المنشغل في الوضع العراقي والحرب ضد الإرهاب، والوضع الداخلي الفلسطيني الذي طفت على سطحه الخلافات وأصابه الضعف بعد ثلاثة أعوام من الانتفاضة مؤهلون في المرحلة الحالية لتقبل قرار إبعاد الرئيس بشكل اكبر من أي فترة أخرى.
ولم يخطر على بال الحكومة الإسرائيلية وهي تتبنى هذا التصور أنها فشلت حتى الآن في إقناع دول العالم وبخاصة الدول الأوربية بعزل الرئيس على الرغم من منعه من مغادرة رام الله، فالوفود الدولية التي تحرص على أن تقابل الرئيس لا تنقطع عن زيارة مقر الرئاسة، بما فيهم الشخصيات الدولية الرسمية، على الرغم من كل العقبات التي وضعتها الحكومة الإسرائيلية في وجه هذه الوفود والشخصيات.
لكن هذا التصور لإمكانية إبعاد الرئيس عرفات الذي يغفل دروس التاريخ الطويلة المستمدة من صمود الرئيس في بيروت والذي استمر لأكثر من 80 يوما تحت القصف المتواصل وصموده في فلسطين بعد حصار مقره ست مرات خلال العام الماضي 2002، والثقل التاريخي الكبير لشخصيته يوضح بشكل قاطع مدى سطحية العقلية الشارونية التي تدير الحكومة الإسرائيلية في هذه المرحلة والتي لا تدرك عواقب هذا القرار الوخيمة وغير المسؤولة على الاطلاق والتي لن تؤدي إلا لإشعال الوضع مرة اخرى بلا حل او توقف.
وتأتي الحملة الإسرائيلية الأخيرة التي تشنها القوات العسكرية الاسرائيلية على القيادات الفلسطينية والتي كان آخر حلقاتها محاولة اغتيال محمود الزهار القيادي في حركة المقاومة الإسلامية حماس، في إطار هذا التوجه، الذي لا يريد أن تستقر المنطقة أو أن يعمها السلام حتى لا تنصرف الأنظار إلى متابعة عورات رئيس الوزراء وحكومته الفاشلة. والمتتبع لهذه الردود يجد أنها أرادت أن توصل مجموعة من الرسائل إلى الحكومة الإسرائيلية التي بدت في قرارها الأخير وكأن أعضاءها محدثو عهد بالسياسة.
وأولى هذه الرسائل انطلقت من الفلسطينيين، الذين توحدوا في خندق واحد أمام الخطر الذي يهدد قيادتهم التاريخية بكافة فصائلها وشرائحها التي أدركت أن عرفات معهم في نفس الخندق يواجه نفس الخطر الذي يتعرض له كل إنسان على أرض فلسطين، وأن الأولوية في هذه المرحلة لإفشال أي محاولة إسرائيلية لاستغلال الخلافات الداخلية التي سادت الساحة الفلسطينية في المرحلة السابقة.هذا التوحد كان أول ما دعا إليه عرفات عندما خرج إلى الجموع التي توافدت على مقر الرئاسة في رام الله والتي أشار فيها إلى «الوحدة الوطنية الوحدة الوطنية».
وقد انعكست هذه الدعوة على البيانات والتصريحات التي عبرت عن رأي التنظيمات والحركات الفلسطينية الوطنية والإسلامية السياسية منها والعسكرية منها التي أكدت أنها لن تقف مكتوفة الأيدي أمام أي محاولة إسرائيلية للمس بالرئيس الفلسطيني.
كما دللت هذه الخطوة أن إبعاد الرئيس عرفات في حالة حدوثه لن ينهي الانتفاضة والمقاومة الفلسطينية، ولن يقضي على معنويات الشعب الفلسطيني بل سينقلها إلى مرحلة جديدة من الصراع لها قواعد جديدة ووسائل جديدة في المقاومة.
شمعون شيفر المحلل السياسي في صحيفة يديعوت احرونون يرى ان قرار إبعاد عرفات يشكل بداية أزمة خطيرة وليس نهاية أزمة، فأي مساس به يعني تفجير المنطقة، وزجها في أتون حرب شامله، وتقويض الاتفاقات مع منظمة التحرير الفلسطينية، وإلغاء لغة الحوار، وإبقاء المنطقة أمام خيار واحد وحيد وهو استمرار الصراع، وحصر خيارات الفلسطينيين في خيار المقاومة المشروعة والدفاع عن النفس حتى طرد القوات العسكرية الاسرائيلية بكافة أشكالها العسكرية والاستيطانية.
اما صحيفة هاارتس فأشارت في افتتاحيتها الاسبوعية الاخيرة أن شارون وهو يقرر التخلص من عرفات يكون قد وضع المنطقة في منعطف خطير بل ويكون قد وضع المسمار الأخير في نعشه كرئيس للحكومة الإسرائيلية لان الفلسطينيين لن يقفوا مكتوفي الأيدي وهم يرون شارون يطرد رئيسهم خارج وطنه.
وتضيف الصحيفة ان السرعة الكبيرة التي نددت بها مختلف دول العالم بالقرار الإسرائيلي يدل بشكل كبير على ما تدركه هذه الدول من أهمية ومحورية لدور الرئيس عرفات في عملية سلام الشرق الأوسط، واستقرار المنطقة بأثرها، والانعكاسات الخطيرة للقرار الذي يمكن أن يدفع المنطقة إلى دائرة غير منتهية من الصراع، وبخاصة ان الشعب الفلسطيني لن يجد أمامه أي بدائل سوى المقاومة بكل الوسائل المتاحة له دون أي أمل في عملية السلام.
وحتى الانتقاد الأمريكي للقرار الذي جاء في لغة لا تنفي الادعاءات الإسرائيلية الموجهة للرئيس عرفات، دللت على الثقل العالمي لشخصية الرئيس فمن وجهة النظر الأمريكية يمثل وجود الرئيس عرفات في أرض فلسطين، تقييداً للدور الذي يمكن أن يقوم به إذا خرج إلى دولة أخرى وأصبح بمقدوره التحرك بحرية بين دول العالم.وتوضح انه يبدو ان شارون الذي لم يع أبدا دروس التاريخ مرشح لدرس آخر يقدمه له الشعب الفلسطيني الذي توحد هذه المرة بكل فئاته وتنظيماته تحت قيادة رمز واحد هو الرئيس ياسر عرفات عنوان وخيار الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات وفي مواجهة عدو واحد يكره السلام ويريد أن يجر المنطقة إلى أتون نار لا تنطفئ .
تضامن إسرائيلي
في ظل تواصل المواقف الدولية المنددة بالقرار الإسرائيلي والداعية الى الغاء مثل هذه القرار. حيث جدد البيت الأبيض تحذيره لإسرائيل من مغبة تنفيذ قرار الطرد.
عقد رئيس حزب العمل، شمعون بيرس اجتماعا تشاوريا طارئا مع أعضاء وقيادات حزبه لبحث التطورات السياسة. وقال بيرس خلال الاجتماع ان قرار شارون طرد عرفات هو قرار خاطئ يجب محاربته.
واضاف انه يجب على حزب العمل عرض بديل سياسي للجمهور الإسرائيلي والبدء بانتقاد حكومة الليكود والواقف على رأسها.
ثم تطرق الى اختيار أحمد قريع رئيسا للحكومة الفلسطينية وقال انه خيار جيد وانه يوجد مع من نتحدث. واضاف بان إسرائيل لا تعمل معروفا مع أي شخص تتفاوض معه.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved