Saturday 20th september,2003 11314العدد السبت 23 ,رجب 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

«حالم بفلسطين» ترجمت إلى10 لغات وطبعت خمس مرات «حالم بفلسطين» ترجمت إلى10 لغات وطبعت خمس مرات
راندا غازي.. طفلة أوروبا المعجزة التي تحلم بفلسطين

* القاهرة- مكتب الجزيرة- عاطف عوض:
راندا غازي.. ربما لا يعني هذا الاسم الكثير بالنسبة لنا، لكنه - في الواقع- يعني كثيرا بالنسبة لجمهور الأدب في أوروبا وخاصة ايطاليا فهم مثلا يعرفون جيدا أن راندا غازي حصلت على المركز الثاني في مسابقة القصة القصيرة التي أقيمت بايطاليا منذ عامين في أول تجربة لها وهي الطفلة ذات الأربعة عشر ربيعا.
وأعتقد أننا كنا في حاجة إلى قرابة ال 100 مقال في الصحف الايطالية والعالمية وعشرات الأحاديث مع المحطات التلفزيونية واحتفال خاص يقيمه معرض بولونيا الدولي للكتاب حتى نتعرف على هذه الطفلة المعجزة وروايتها الرائعة «حالم بفلسطين» راندا، وهي ايطالية من أبوين مصريين، كانت ضيف القاهرة عندما نظم لها الناشر المصري ابراهيم المعلم حفلا بمناسبة ترجمة روايتها إلى العربية وهي الترجمة التي تحمل رقم 10 بين الترجمات التي ترجمت اليها الرواية (منها الانجليزية والفرنسية والألمانية) وأقيم لها حفل استقبال حضره الكاتب المصري الكبير محمد حسنين هيكل والمفكر الاسلامي د. أحمد كمال أبو المجد والكاتب الصحفي صلاح الدين حافظ رئيس اتحاد الصحفيين العرب، وغيرهم من رموز الأدب والفن بجانب عدد من النقاد والإعلاميين ومراسلي القنوات الفضائية العربية وهيئة الاذاعة البريطانية.
الجزيرة التقت براندا غازي وكان هذا الحوار على هامش الاحتفال.
* ما هي قصتك مع الأدب؟
- بدأت القصة منذ عامين تقريبا وقتها كنت مجرد فتاة عادية. لم أكن مهتمة بالسياسة ولا حتى بالأدب حتى أني لم أكن أعرف أن العرب قد انتصروا في 1973 وكنت أعتقد أن اسرائيل قد انتصرت في جميع حروبها على العرب فهذا ما كنت أدرسه في المدرسة الثانوية .. ومن هذه الدراسة أيضا عرفت كل شيء عن اليهود وعن المحرقة «الهولوكوست» وعن يوم الاستقلال 1948 (يوم النكبة).. لم يكن يربطني أي شيء بعروبتي إلا أنني كنت أتي لزيارة عائلتي كل عام في الاسكندرية ولم أعلم شيئاً عن الفلسطينيين أو معاناتهم..
* لكن ما الذي دفعك للكتابة عن فلسطين في ظل هذه الظروف؟
- الذي أثر في بشدة هو ذلك المشهد المأساوي الذي حرك كل العواطف .. مشهد مقتل محمد الدرة على ذراع أبيه .. ذلك المشهد الذي تألم له العالم كثيرا تضيف راندا : كان هذا المشهد نقطة تحول في حياتي أو بالأحرى نقطة تألق. أسرعت إلى والدي وطلبت منه أن يحدثني عن فلسطين وعن الحروب وعن الاحتلال الاسرائيلي .. قلت له في براءة : لماذا يقتلون طفلا بريئاً لم يرتكب أي ذنب؟ لم أكتفِ بما سمعته من والدي هرعت إلى الانترنت وشرعت في القراءة عن القضية.. ثم حصلت على ورقة وقلم وخططت في سبع صفحات قصة قصيرة عن معاناة أسرة فلسطينية تحت الاحتلال. وعندما قرأ اخوتي الثلاثة القصة شجعوني على التقدم بها في أكبر مسابقة للقصة القصيرة في ايطاليا وكانت المفاجأة أنها حصلت على المركز الثاني وسط كل هؤلاء الأدباء المحترفين. وتصادف ان كان من بين أعضاء هيئة التحكيم صاحبة احدى دور النشر الكبرى في ايطاليا.، اقتربت مني وقالت لي أريدك أن تكتبي هذه القصة أو غيرها في شكل رواية طويلة فقد أعجبني أسلوبك الأدبي. وعندما وافقت فوجئت بها تمهلني اسبوعين اثنين فقط للانتهاء من الرواية.
وماذا فعلتِ؟
- لم يكن أمامي سوى أن أقبل التحدي .. كنت أذهب إلى المدرسة في الصباح وبعد الظهر كنت أجلس مع أبي و أمي أضع الخطوط العريضة للقصة وشخصياتها وبنائها الدرامي .. ساعدتني أمي كثيرا في اختيار أسماء الأبطال.. البطل الرئيسي اسمه ابراهيم على اسم أبي (! ) واثق من نفسه ذو شخصية قوية لكنه في الداخل يريد أن يبكي كلما صادفه موقف انساني صعب، كما يوجد "نضال" صديق ابراهيم، لكنّ نضال ذو شخصية مختلفة فهو يستطيع التعبير عن مشاعره صراحة، أما ريهام فهي ذات شخصية قوية ولديها أخ أصغر اسمه جهاد تحبه وتخاف عليه بشدة وتحس بمسئولية تجاهه..واستطعت بالفعل انجاز الرواية وتسليمها في الموعد المحدد .. وبدأ النجاح ومعه بدأت الشهرة والمتاعب ..
* ماذا تعنين بهذه الثلاثية الغريبة : النجاح والشهرة والمتاعب؟
- بالنسبة للنجاح فيكفي أن الرواية قد طبعت خمس مرات منها ثلاث مرات في أقل من عام واحد. وأما عن الشهرة فقد لاحقتني الفلاشات والأضواء في كل مكان حتى أصبحت أشهر تلميذة في المدرسة وأشهر طفلة في الحي بل في ايطاليا كلها .. وعن المتاعب فلم يتركني اللوبي اليهودي لشأني وخاصة بعد أن ترجمت الرواية إلى الفرنسية ووصلت إلى باريس منطقة نفوذه في أوروبا.. وأصبحت حياتي تدور ما بين اعتراضات ودعاوٍ قضائية بل ووصل الأمر إلى التهديد بالقتل .وأرسلت اسرائيل إلى دار النشر تطالب بحقوق طباعة الكتاب بالعبرية لكنني كنت حريصة على أن يظهر باللغة العربية في البداية، وأعتقد أنهم الآن ليسوا في حاجة إلى ترجمته للعبرية بعد صدور ترجمة باللغة الانجليزية.
* هنا كان لابد من سؤال يطرح نفسه.. أليس من المفروض أن تذهبي إلى الأراضي المحتلة لرؤية معاناة الفلسطينيين على أرض الواقع؟
- نظرت راندا إلى والدتها - التي لا تفارقها أبدا وقالت: فكرت في ذلك كثيرا لكن والدتي تخاف على حياتي خاصة من المتطرفين اليهود لكنني واثقة أنني سأتمكن من القيام بهذه الزيارة في يوم من الأيام ربما يكون قريبا.
* من الذين تأثرت راندا غازي بهم؟
- «ردت على الفور» نجيب محفوظ الذي أعتبر أعماله أجمل روائع الأدب العربي، وكذلك تأثرت جدا بأسلوب نوال السعدي وسحر خليفة وادوارد سعيد
* ماذا عن خطوتك القادمة؟
- أريد أولا أن أكتب رواية عن المهاجرين ومعاناتهم فأبي أحد هؤلاء المهاجرين ويتعرض لمضايقات كثيرة منها قوانين الهجرة الجديدة فالوضع أصبح سيئا للغاية بعد 11 سبتمبر؟، وبعد ذلك فأنا أخطط لكتابة روايات عن معاناة المسلمين في أفغانستان وكشمير والشيشان وعن مأساة الشعب العراقي.
* في رأيك ما هي أفضل وسيلة لتوصيل الصوت العربي إلى أوروبا؟
- أعتقد أن ابراز الجوانب والقيم المشتركة من شأنه دفع هذا الحوار .ويجب أن نعي أنه اذا ما كان لدينا أشرار فإن الغرب لديه أشرار.
* بصفتك مواطنة أوروبية، ما هو تأثير أحداث سبتمبر على صورة العرب هناك؟
- معظم الأوروبيين يعتقدون أن العرب جميعهم أسامة بن لادن وصدام حسين، وعندهم المصريون هم الفلسطينيون .. أي أن أي حادث فردي يتم تعميمه على الجميع.
وقبل أن أسالها بادرتني هي بالحديث عن المجهودات التي قامت بها لتحسين هذه الصورة حيث جابت معظم المدن الايطالية الكبرى والمكتبات والمدارس في ندوات ومؤتمرات ولقاءات وتحدثت عن حقوق الفلسطينيين ومعاناتهم .. وكان هذا الحديث بلسان أوروبي فصيح ومن طفلة بريئة نعتقد أنها خير رسول يمكن أن يتحدث باسم العرب وصورة جميلة يفتخر بها أي عربي .. لكن هذه الصورة وهذا الرسول الصغير في حاجة حقيقية إلى مزيد من الالمام بالمأساة الفلسطينية وبالقضية العربية .. يحتاج إلى قراءات ولقاءات أكثر.. يحتاج إلى أن يلتف وراءه أهله وهم كل العرب يشجعونه ويحفزونه لأنهم هم أولى الناس به.. نحن لا نريد تحميل الصغيرة راندا أكثر مما تطيق لكن انظروا إلى اجابتها التالية عن سؤال يتعلق بالموضوعية في الكتابة.
ساحاول مراعاة المزيد من الموضوعية في الروايات القادمة .. وهذه الموضوعية تقتضي من وجهة نظري عرض وجهة النظر اليهودية.
* لكن اليهود لديهم كتّابهم واعلامهم ونفوذهم في كل مكان بالدنيا، أما نحن العرب فلا نمتلك - تقريبا - إلا أنت.
- ابتسمت على استحياء وقالت: عندما أكون موضوعية سيتفهم الجمهور أعمالي بصورة أفضل وهذا في صالح القضية.
* لكن كاتب الرواية ليس صحفيا يعرض وجهات النظر المختلفة، بل هو صاحب قضية يدافع عنها ويستغل أدواته الفنية في سبيل ذلك.. ألا تتفقين معي في ذلك؟
- أصرت على موقفها وقالت: انها لا تريد أن يكسب اللوبي اليهودي منها الجولة القادمة، قلت لها .. بهذه الطريقة .. فانه قد كسبها بالفعل !!

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved