Saturday 27th september,2003 11321العدد السبت 1 ,شعبان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

أضواء أضواء
العودة المتأخرة للوعي الأخلاقي عند عسكر إسرائيل
جاسر عبدالعزيز الجاسر

هكذا كانت بداية التمرد لعدد كبير من العسكريين فيما يسمى بجيش الدفاع الإسرائيلي عام 1982م إبان الغزو الإسرائيلي للبنان واحتلال العاصمة بيروت، ففي ذلك العام أشعل قائد كتيبة دبابات إسرائيلي ثورة الضباط والجنود الإسرائيليين المتمردين على أوامر وزير الحرب الإسرائيلي آنذاك آرييل شارون، وقدم قائد الكتيبة استقالته من الجيش الإسرائيلي، وذكر في استقالته أنه رأى أطفالاً من خلال نظارته الميدانية، أنه تحول إلى جزار بقتل الأطفال والنساء والمدنيين.. استقالة ذلك الضابط دفعت العديد من الضباط والجنود إلى مجاراته وفضلوا الخروج من الجيش على أن يتحولوا إلى جلادين، وكانت حركة الاستقالات والتي دعمت بحركة الامهات اللاتي كن عضواتها يطالبن بعودة أبنائهم الجنود والضباط الإسرائيليين في لبنان.
هاتان الحركاتان زادتا من عمليات الضغط على قيادة الجيش والمؤسسة السياسية لتسحب القوات الإسرائيلية من بيروت، ثم وبعد تزايد الإصابات في صفوف القوات الإسرائيلية نتيجة تفوق المقاومة الإسلامية اللبنانية انسحبت القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان.
اليوم تتكرر القصة ولكن بصورة أخطر بالنسبة للمؤسسة العسكرية الإسرائيلية، فالتمرد الذي أعلنه سبعة وعشرون ضابط طيار إسرائيلياً ورفضهم تنفيذ أوامر القيادة بمهاجمة المباني والعمارات السكنية، ووجهوا رسالة بهذا المعنى إلى قائد سلاح الطيران الإسرائيلي الميجر جنرال وان هالوتز، يرفضون فيها الاشتراك في هجمات على مناطق مدنية. وأنهم لا يريدون أن ينحرفوا أخلاقياً بقتل الأبرياء.
وقال قائد طائرة من طراز أي 1 من الموقعين على الرسالة للقناة الثانية الإسرائيلية «إنه إذا كان إلقاء قنبلة على بناية من سبعة طوابق لتجد أن أربعة عشر مدنياً بريئاً منهم تسعة أطفال وامرأتان قتلوا.. فهل يعد هذا أمراً مشروعاً.. أم أننا نرتكب جريمة أخلاقية؟». هذا القول من قبل ضابط طيار في سلاح الجو الإسرائيلي، الذي تعتبره المؤسسة العسكرية الإسرائيلية ويضم نخبة من القوات المسلحة الإسرائيلية.. ويتخوف جنرالات إسرائيل أن تكون مبادرة هؤلاء الطيارين مثالاً للعسكريين الآخرين، خاصة وأن رسالتهم التي نشرت في كل وسائل الإعلام الإسرائيلية وتابعتها محطات التلفاز الإسرائيلية تذكر أنهم لا يريدون «طاعة أوامر غير قانونية وغير أخلاقية وأنهم يرفضون المشاركة في هجمات جوية ضد مراكز المدنيين في الضفة الغربية وقطاع غزة. وبما أن الرسالة أشعلت نقاشاً داخل الكيان الإسرائيلي حيث يتداول السياسيون والعسكريون معاً تأثيرات الرسالة، ورغم أن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية منعت الطيارين من الطيران وأن سبعة منهم سيتم طردهم من الخدمة العسكرية، إلا أن حركتهم لابد أن تنمو، وسيكون لها أنصار وامتدادات تذكِّرنا بما حصل عام 1982م لتكون عودة الوعي أخلاقياً لبعض الإسرائيليين.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved