Tuesday 30th september,2003 11324العدد الثلاثاء 4 ,شعبان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

إضاءة إضاءة
العالم الحر.. وسقوط المصداقية
شاكر سليمان شكوري

صدم الضمير الإنساني بالإعلان عن انتحار العالم الإنجليزي الشهير (كيلي) بعد الكشف عن دوره في إبلاغ محطة B.B.C عن تزوير التقرير الذي قدمته المخابرات الإنجليزية حول امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل، والذي على أساسه اتخذت الإدارة الإنجليزية قرارها بالمشاركة في الحرب على العراق رديفاً للولايات المتحدة الأمريكية. الأمر الذي يمثِّل نموذجا مركبا لفقدان المصداقية في العالم الحر. فالمحطة التي أذاعت الخبر لم تلتزم سرية مصدرها في الحصول على هذه المعلومة، وهي القاعدة الأخلاقية المعروفة عالمياً في دوائر الإعلام المحترمة، والإدارة التي قبلت على نفسها اتخاذ المعلومة المزورة تكئة لشن الحرب هي ذاتها التي قتلت كلمة الحق في شخص كيلي أو على الأقل ضغطت عليه إلى الحد الذي دفعه لهذا المصير المشؤوم، وسواء أقتل الرجل أو انتحر فالنتيجة واحدة في أن الرجل دفع حياته ثمناً لشهادة حق!
ولم يكد العالم يفيق من صدمته حتى فاجأه السفير الأمريكي المتقاعد جوزيف ويلسون بقوله «إنه إنذار إلى كل من لديه معلومة لا يرضى عنها البيت الأبيض أن يغلق فمه ويصمت»! والحكاية الأخيرة بدأت حين أوفد البيت الأبيض هذا السفير الخبير في الشؤون الأفريقية والقائم بالأعمال في بغداد عام 1990م وآخر دبلوماسي أمريكي يلتقي صدام حسين، أوفدوه قبل نحو عام ونصف إلى نيجيريا للتحقق من محاولة العراق شراء مادة اليورانيوم لصناعة الأسلحة النووية وراح الرجل وبحث ونقب واستقصى وعاد ليؤكد أن الخبر عار تماما من الصحة.
ورغم ذلك ظلت طبول الحرب تدق تحت ذريعة أسلحة الدمار الشامل المزعومة، وخرج الرئيس بوش في يناير الماضي رغم نتائج مهمة ويلسون ليعلن أن العراق يسعى لعقد الصفقة مع نيجيريا.
وفي أحاديثه التليفزيونية احتفظ السفير بالسر دون أن يكذب ادعاء الرئيس، مكتفياً بأنه كان يرى تأجيل خيار الحرب والتركيز على توسيع وتكثيف دائرة البحث عن أسلحة الدمار الشامل في العراق. ولم يعجب هذا القدر المحدود جداً من التلميح أقطاب الإدارة الأمريكية التي راحت تهاجم الرجل حتى خرجت مستشارة الأمن القومي كونداليزا رايس تشكك في آراء الرجل وتكذبه.
وانتفض السفير لهذه الحملة المسخرة ضده فأعلن الحقيقة التي تكتم عليها شهوراً طوالاً، فماذا فعلت الإدارة الأمريكية بالرجل؟! حرضت عليه الكاتب اليميني روبرت نوفاك بعد أن سربت إليه سر عمل زوجة السفير مع المخابرات المركزية الأمريكية، فامتشق الرجل قلمه مسموماً وراح يهاجم السفير معلناً عن علاقة زوجته بجهاز المخابرات الأمر الذي يعرضهما للخطر.
وهكذا تسقط المصداقية يوماً بعد الآخر في العالم الحر!!

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved