كتب ابن الرومي رسالة بخط يده إلى أبي الحسن محمد بن أبي سلامة.. فوجد فيها لحنا.. فاحتبس الكتابة عن ابن الرومي وكان صديقا له فقلق لذلك.. وحرص على معرفة السبب.. وعندما علم به كتب هذه الأبيات:
ألا أيها الموسم باسم وكنية
وجدناهما اشتقا من الحمد والحسن
اتبخل بالقرطاس والخط عن أخ
وكفاك أندى بالعطاء من المزن
أيغلق عني علمه بكتابه
أخ لي وقلبي عنده علق الرهن
عطفناك فاعطف ان كل ابن حرة
أخو مكسر صلب وذو معطف لين
وان سقطاتي في كتابي تنابعت
فلا تلحني فيما جنيت على ذهن
تلكم كانت مواضع رسائلهم، ومجال عتابهم، واعتذارهم فهل يحمل البريد في رسائلنا اليوم ما يحلو من الأدب.. والعلم؟.. ويروح عن النفس ملل الدنيا ووصابها ويبعد بها من المادة البحتة.
لقد فقد هذا اللون من الأدب والذوق ومناظرة الاخوان.. وصار كل همنا الدنيا وشغلتنا حوادثها عن كل لذيذ طريف من المعاني السامية.. ولا غرو فالمدنية لها ثمن.. وهذا ثمنها.