Sunday 5th october,2003 11329العدد الأحد 9 ,شعبان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

ندوة الجزيرة «المأمول والمتوقع من منتدى الرياض الاقتصادي» ندوة الجزيرة «المأمول والمتوقع من منتدى الرياض الاقتصادي»
د. فهد السلطان: ماذا يحدث بعد هذه اللقاءات؟
د.أبوداهش: إشكالية استقطاب هذه الفعاليات مرتبطة بصحة الاقتصاد

أدار الحوار: محمد الخضري
ضيوف الندوة
* الدكتور فهد السلطان أمين عام مجلس الغرف السعودية.
* الدكتور خالد طاهر عضو هيئة التدريس بكلية الهندسة - جامعة الملك سعود - المدير التنفيذي لواحة الأمير سلمان للعلوم.
* د. عبدالوهاب أبوداهش كبير الاقتصاديين - بنك الرياض.
* د. سالم بن سعيد القحطاني - أستاذ الادارة المشارك - كلية العلوم الإدارية - جامعة الملك سعود.
تشهد مدينة الرياض غدا الاثنين فعاليات منتدى الرياض الاقتصادي تحت رعاية كريمة من لدن صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني. ويأتي عقد هذا المنتدى في مدينة الرياض لأول مرة مما يستوجب بذل المستطاع لتحقيق أقصى ما يمكن تحقيقه من رؤى وأفكار وتوصيات تأخذ بمسار اقتصادنا الوطني نحو المشاركة الفاعلة لمواجهة التحديات والصعوبات التي يشهدها العالم في ظل التكتلات الاقليمية والدولية، وفي ظل الانفتاح العالمي استجابة لمتطلبات وضرورات العولمة.
ونحن إن لم نكن في وضع يسمح لنا بصياغة المستقبل وليس فقط استشرافه لأننا في وقت كما يقول الدكتور فهد السلطان، وهو أحد ضيوف ندوتنا ف «إننا في وقت لم تعد الدول والشركات العالمية تنظر إلى المستقبل وتستجيب له فقط، هذا ما كان يحدث أو ما كان مطلوبا في السابق.. بينما الآن تعمل هذه الشركات وهذه الدول على صياغة ورسم المستقبل». فلعلنا عبر هذا المنتدى الذي سيركز على رسم التوجه المستقبلي نحو العديد من القضايا عبر أوراق عمل يقدمها نخبة من المختصين والخبراء والمثقفين تشتمل على العديد من الأطروحات مثل «البيئة الاستثمارية في المملكة العربية السعودية.. الواقع والتحدي» لرصد الأبعاد الرئيسية للبيئة الاستثمارية في المملكة وآثارها الايجابية والسلبية على القدرات القائمة والكامنة للقطاع الخاص وصولا لتحديد المقومات المقترح تبنيها في هذا المجال، كذلك سيتطرق المنتدى لرصد واقع الأبعاد الرئيسية للبيئة القضائية والتشريعية في المملكة لتحديد مواطن الاختلال ومقومات التطوير اللازمة لمواكبة متطلبات المرحلة المقبلة فيما يتعلق بالدور المستهدف للقطاع الخاص والاندماج بمنظومة الاقتصاد العالمي، ولن يغفل المنتدى الدور الذي تلعبه المنشآت الصغيرة كمحركات أساسية للنمو الاقتصادي والمنشود ورصد واقع ومشاكل هذه المنشآت وتحديد مقومات دعمها وتطوير دورها التنموي بالاقتصاد الوطني، وستتم عبر المنتدى مناقشة السياسات الاقتصادية الحكومية وأثرها على القطاع الخاص بإعداد تصور مقترح للسياسات الاقتصادية بما يتماشى مع الدور المستهدف للدولة في المرحلة المقبلة وصولا إلى تحديد آليات التوازن بين حقوق وواجبات كل من القطاعين العام والخاص بالاضافة إلى رصد مساهمة هذين القطاعين في النشاط الاقتصادي وتحديد مجالات تطوير هذا الواقع من خلال تفعيل التعاون بين القطاعين وآليات تنفيذ تلك المقومات، أيضا لم يغفل القائمون على اعداد المنتدى موضوع التعليم والتدريب والتأهيل لتقويم الأبعاد الرئيسية للعملية التعليمية بالمملكة لرصد مكامن القوة ومواطن الضعف بها، لتقديم تصور مقترح لمقومات التطور اللازمة لتحقيق المواءمة المطلوبة بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل. كما أنه لا يمكن الفصل بين تعليم وتدريب وتأهيل الشباب السعودي دون مراجعة أوضاع سوق العمل السعودي الذي سيتم رصد واقعه وتحديد مقومات تطويره بما يوفر فرص العمل للمواطنين بالمواصفات الملائمة لمؤهلات قوة العمل من الجنسين، كما سيناقش المنتدى دور البنية التحتية في التنمية الاقتصادية بالاضافة إلى مشاركة المرأة في التنمية «الواقع والتحديات».
جل هذا تم استعراضه بشكل موسع في الندوة التي عقدتها «الجزيرة» لمواكبة فعاليات هذا الملتقى الكبير الذي يحظى برعاية كريمة من قبل سمو ولي العهد ومتابعة من سمو أمير منطقة الرياض والمسؤولين في القطاعات الحكومية المختلفة ذات العلاقة والقطاع الخاص الممثل بالغرفة التجارية الصناعية بالرياض التي جندت كافة امكاناتها لجعل هذا المتدى حقيقة واقعة سعيا لتحقيق أكبر قدر من النجاح لهذا الملتقى والعمل على تفعيل توصياته وقراراته. كما لابد هنا من أن نشير إلى الجهد الذي بذله فريق العمل المنظم لهذا المنتدى مع شكر خاص لسعادة الدكتور عبدالله الشدادي مساعد أمين عام غرفة الرياض وأمين عام المنتدى الذي وقف معنا لتحقيق هذه الندوة.. فالشكر موصول له وللزملاء في اللجنة الاعلامية التي يترأسها الزميل الأستاذ خالد الفرم على كل جهد بذلوه معنا واحتمالهم اتصالاتنا المتكررة لتحقيق هذا العمل الذي نأمل أن نكون استطعنا من خلاله تقديم صورة واضحة عن المتوقع والمأمول من هذا المنتدى مع تسليط الضوء على المعوقات التي تواجه التطوير والاصلاح الاقتصادي الذي يقوده سمو الأمير عبدالله نحو آفاق المستقبل.
يسرني أن أقدم ضيوف هذه الندوة، وهم:
الغياب عن استقطاب مثل هذه الفعاليات
* لماذا نحن غائبون عن استقطاب مثل هذه الفعاليات الاقتصادية؟
- د. فهد السلطان: ربما أختلف معك قليلاً.. لأننا لسنا غائبين كل الغياب ومدينة الرياض أصبحت في السنوات الأخيرة منتدى أو ملتقى علمياً لكثير من جوانب القطاعات المهنية سواء في الاقتصاد أو الهندسة أو التجارة وقطاع الأعمال أو في الطب وغيره.. ولكي نكون واضحين لا يجب أن نقول ان ما تم يرتقي إلى مستوى الطموح والتطلعات وهناك ملتقيات متعددة يعرفها الزملاء وقد التقينا عدة مرات.. فقد خرجنا منذ فترة من ملتقى كبير جداً عمل عليه البنك الدولي ووزارة التخطيط «الرؤيا المستقبلية للاقتصاد السعودي عام 2020م» وسمي في ذلك الوقت «20/20» وبكل أمانة كان ذلك الملتقى من أجمل المنتديات التي طرحت على الساحة في مدينة الرياض في العصر الحديث أو على مستوى المملكة كلها وهو عبارة عن مشاركة بين وزارة التخطيط والبنك الدولي كما ذكرت، بمشاركة بعض رموز الفكر والاقتصاد في المجتمع. وأيضا أقامت الجمعية السعودية للادارة عدة منتديات وملتقيات اقتصادية، كما أن هناك منتديات عقدت فيما يتعلق ببيئة الاستثمار في المملكة وأيضا شاركنا في منتدى «المؤسسات والشركات الصغيرة والمتوسطة» فأنا أعتقد أننا لسنا غائبين كلياً.. وربما اتفق معك أنها لا ترقى لمستوى بعض ما يعقد في بعض الدول هنا وهناك، لكننا لا يمكن ان تقول إننا غائبون عن الساحة الدولية والعلمية في هذا المجال.. والنقطة التي أردت التركيز عليها في هذا الجانب وهي في ظني مهمة.. أن هذه الملتقيات تنتهي في الغالب إلى توصيات وتنظير أكثر منه واقعا، وهذا هو الشيء المؤسف وأنا شاركت في العديد من الندوات كمشارك أو كمتحدث أو كباحث لكن ماذا يحدث بعد هذه اللقاءات؟ هل فُعلت النتائج؟ هذا ما أتساءل عنه.
د. عبدالوهاب أبوداهش: أنا أعتقد ان اشكالية استقطاب هذه الفعاليات مرتبطة بصحة الاقتصاد ومدى وجود المغريات التي تحفز المنظمين الآخرين على القدوم إلى هنا.. ودعني أذكر شيئا عن دبي التي تمثل أنموذجا لقصة نجاح لاقتصاد مفتوح وبعد ان كان يعتمد على البترول تحول بسبب الانفتاح إلى اقتصاد يعتمد على مداخيل غير البترول ولذلك عادة إذا كان الاقتصاد يشكل بالنسبة سواء للمنظمات الدولية أو لرجال الأعمال الذين يرون ان الاقتصاد سيشكل فرصا واعدة لعقد منتدى اقتصادي .. ودعني أعطيك مثالا عن سر نجاح منتدى «20/20» لأن وزارة التخطيط أرادت ان تستفيد من خبرات صندوق النقد الدولي في عملية رسم ومعرفة التحديات التي ستجابه المملكة للعشرين سنة القادمة، وما هي الحلول والامكانات وستتضح في نهاية جلسات ذلك المؤتمر الرؤية فيما يتعلق بالخطة الخمسية الثامنة القادمة.. وأنا متأكد ان معظم الأوراق التي قدمت في ذلك المنتدى كانت تتعلق ببرامج خطة التنمية القادمة.. لهذا أعتقد انه إذا كان هناك نمو واعد أو نمو قطاع من القطاعات مثل قطاع البترول الذي عقد قبل حوالي سنتين منتدى الغاز والنفط في المملكة وكان واحدا من أكبر الملتقيات الاقتصادية، لأن المملكة كانت خلف اقامة هذا المنتدى فكان الهدف واضحا.. أعود وأقول إذا وجدت الملتقيات الاقتصادية وحددت لها أهداف واضحة ستساهم في المستقبل القريب للوصول إلى هدف معين أنا أعتقد أنها ستنجح.
د. سالم القحطاني: عادة مثل هذه المنتديات تحتاج إلى بيئة وتستفيد من انعقاد مثل هذه المنتديات. ونحن في واقع الأمر لا زلنا نعاني من بعض المعوقات والصعوبات في البيئة الاقتصادية والبيئة التنظيمية التي تقلل من امكانية نجاح مثل هذه الملتقيات، نحن بالامكان ان نكون مكان جذب لمثل هذه الملتقيات خاصة في قطاعات مثل البترول والغاز والتحلية.. وممكن ان تكون فعلا المكان المناسب لعقد المنتديات الاقتصادية العالمية في هذه القطاعات لأننا من أكبر الدول المنتجة للبترول والغاز وأيضا نحن أكبر دولة تنتج المياه المحلاة وبالتالي يفترض بنا أن نكون خبراء ومركزا رئيسيا لمثل هذه المنتديات والملتقيات العالمية، كما أنه لا توجد لدينا الهيئات التي تنظر في مشاركتنا الاقليمية والعالمية لأننا دائما ننظر إلى أنفسنا حتى في خطابنا الاعلامي.. نحن نخاطب أنفسنا دائما.. ولا نحاول ان نلتقي مع الطرف الآخر ولا نحاول الخروج للالتقاء بالطرف الآخر وإن كانت هناك محاولات تحدث عنها الدكتور فهد والدكتور عبدالوهاب لكني أقول ما زال لدينا قصور، ومرد هذا القصور قد يكون مرتبطا بهذه الهيئات التي لها علاقة بالجهات والمنظمات الاقليمية والعالمية ذات الاختصاص في بعض القطاعات المهمة لدينا.
* المحرر: دكتور خالد هل لديك اضافة على ما تفضل به الإخوان؟
د. خالد طاهر: أنا أتصور ان هناك فرقا بين ان ننظر إلى هذه المنتديات واللقاءات من زاوية انها فعاليات علمية بحتة أو من زاوية نشاط استثماري وما اليه. إذا نظرت إلى الموضوع من نظرة علمية صرفة قد يكون هناك قصور وإن كان هناك اجتهادات، وهناك عدد من الجامعات على سبيل المثال وهي كشريحة من الهيئات التي تختص بهذا النوع من النشاط، قد يكون هناك قصور.. بمعنى انه لا يقام الحد المطلوب أو المقدار المطلوب من النشاط في اجتذاب هذه الفعاليات وقد يكون من أسباب هذا القصور الانشغال في أمور أخرى.. قبل انشغال مؤسسات التعليم العالي بعملية استيعاب الطلاب وتوفير الأماكن المخصصة والكافية لهم ونحوه.. فبالتالي قد يكون هذا على حساب النشاط العلمي البحت الذي يعنى استقطاب هذه المنتديات المتخصصة.
* المحرر: ربما لأن قيام مثل هذه الفعاليات يستلزم الكثير من الاجراءات البيروقراطية والروتينية لدى العديد من القطاعات.
د. خالد طاهر: أنا أتكلم هنا عن الجهة التي أعرف عنها الكثير وهي الجامعة التي انتمي اليها.. وأنا قد أزعم انه ليس هناك تعقيد أوصعوبات غير منطقية تعقد الأمور أو تصعبها.. لكني أعتقد ان المشكلة قائمة فيمن سيتولى هذه المنتديات في النهاية.. وهو ذلك الباحث أو مجموعة الباحثين.. لأنك لا تستطيع ان تجتذب هذه النوعية من الفعاليات بوجود الصالات والفنادق إنما تريد في الأخير باحثين وعلماء مهتمين بهذا الحقل ينظمون ويكونون البيئة المطلوبة لاجتذاب هذه اللقاءات.
مراجعة هيكلة الاقتصاد
* المحرر: يعقد هذا المنتدى للمرة الأولى في مدينة الرياض وهي تمثل كعاصمة للمملكة ثقلا اقتصاديا وثقافيا وسياسيا لأي نشاط.. هل يمثل هذا المنتدى بداية جيدة للرياض لاستقطاب مثل هذه الفعاليات؟
- د. فهد السلطان: في تقديري أننا أحوج ما نكون إلى اعادة هيكلة الاقتصاد بشكل كامل.. ليس في منطقة الرياض لأني عندما أتحدث عن الاقتصاد السعودي أتحدث على مستوى الوطن لأنه ليس هناك اقتصاد خاص بالرياض واقتصاد خاص بجدة مثلا.. نحن أولاً بلد يقوم على اقتصاد وطني ويعتمد على أساساً على البترول والغاز وفي تقديري أنه من هذا المنطلق يجب النظر إلى اقتصادنا على المستوى الوطني وليس المحلي الاقليمي هذا من جانب، الجانب الآخر نحن في وقت لابد ان ننظر بجدية إلى اعادة النظر في كثير من الأمور المتعلقة بالادارة والاقتصاد لتستطيع ان تحاكي متطلبات الفترة الحالية التي تعيشها ولنكن أكثر وضوحاً مع أنفسنا.
ولا أقول عن متطلبات الستينيات أو السبعينيات ولكنها تختلف عن متطلبات منتصف التسعينيات.. نحن في وقت حدث فيه تغير كبير ولذلك لم تعد الدول والشركات العالمية تنظر إلى المستقبل وتستجيب له فقط بينما هذا ما كان مطلوبا في السابق.. وهو أن تقرأ المستقبل وتعمل على تحقيق احتياجاته.. بينما الآن هذه الشركات وهذه الدول تحاول صياغة ورسم المستقبل.. وليس الأمر محصورا في ماذا سيحدث في المستقبل ويستجيب له.. ولكنه يساهم في صياغة المستقبل وهذا في تقديري أكبر وأخطر نقطة في تحول تاريخ الاقتصاد والادارة في العالم الحديث.
ودعني أضرب لك مثالا: في الثمانينات وفي أوائل التسعينيات كانت الشركات تنظر إلى ماذا يريده المستهلك وما هي توجهات هذا المستهلك في المستقبل وتستجيب له الآن.. أصبح المستهلك هو الذي يستجيب للشركة لأنها أخذت تحدد وترسم معالم مستقبله.. وخذ مثلاً ما يكروسوفت.. فأنا وأنت وابني وابنك نعمل على تطوير أنفسنا وتدريبها لنستطيع التعامل مع منتجاتها.. وهم في الواقع الذين يرسمون المستقبل.. وهذا في تقديري أكبر نقطة تحول في تاريخ الادارة والاقتصاد في مطلع هذا القرن «القرن 21» وليس فقط الأمر متروكا للشركات بل حتى الدول بدأت تساهم في صياغة المستقبل أكثر من قراءة هذا المستقبل ومحاولة الاستجابة له.. ولو نظرت للتسلسل التاريخي حيث كنا نقرأ في السابق الماضي والتاريخ ونستقرئ منه الحاضر ثم انتقلنا إلى قراءة الحاضر واستقراء المستقبل ثم انتقلنا إلى قراءة المستقبل والاستجابة له.. والآن نحن في عصر نساهم في صياغة هذا المستقبل وهذه هي النقطة الأساسية، ولذلك سؤالك كان في مجمله، هل مثل هذه المؤثرات تعتبر نقطة بداية لتحول اقتصادي.. والجواب نعم لكنها مشروطة.. إذا استطعنا ان نخرج هذه الملتقيات من النمو التقليدي للبحث والطرح إلى النمط الحديث الذي يأخذ في الاعتبار معطيات ومتطلبات الفترة التي نعيشها.. إذا أخذنا بهذا الأمر فسوف يساعدنا على محاكاة ومتطلبات العصر.
* المحرر: دكتور سالم.. أريد أن أسألك قبل ان تعلق على ما قاله الدكتور فهد السلطان، وهو أننا نتابع نظام الاقتصاد الحر.. والحرية الاقتصادية إلا أن الاقتصاد ما زال مرتبطا بالدولة.. سؤالي هو كيف لنا أن نفعل طاقات وقدرات اقتصادنا الوطني؟
د. سالم القحطاني: الحقيقة أود أن أبدأ من حيث انتهى الدكتور فهد والمفروض ان نشارك في صناعة ورسم المستقبل.. وهذا أمر مهم جداً بالنسبة لنا.. ودعني أتساءل لماذا تأتي جهات أو منظمات عالمية لحضور مؤتمر أو منتدى أو ملتقى عندنا بالمملكة؟ وهل لدينا من العلم والمعرفة والخبرة والتقنية ما يجعلنا منطقة جاذبة للناس؟ وهل لدينا من المستثمرين من أصحاب رؤوس الأموال ومن الشركات العالمية ما يشجع الناس للاستماع إلى تجاربها وآرائها؟
هذه الأسئلة أعتقد ان اجابتها بالنفي.. لأننا مازلنا دولة نامية من دول العالم الثالث.. ونحتاج إلى فترة طويلة حتى نكون مركز استقطاب علمي وتقني هذا أولا.. ثانيا ليس لدينا تلك الشركات العالمية التي نسوق منتجاتها في العالم وبالتالي تكون هناك مشاركات من شخصيات عالمية أو منظمات عالمية في ملتقيات تقام في المملكة، أنا أعتقد ان اقامة الملتقيات ليست هي المشكلة، المشكلة هي كيف تقنع الآخرين بالحضور إلى هنا.. وماذا لدينا لكي نقنع الآخرين بالحضور إلى هنا.. وحين ننظر إلى دبي نجد ان فيها الكثير من المقومات التي تساعد على اقامة مثل هذه الفعاليات.. لأن بها الشركات العالمية وتجد فيها الاقتصاد الحر بمعنى الكلمة وتجد هناك فرصا متاحة لاقامة استثمارات عالمية وهناك عدد أقل من المعوقات وهناك أنظمة تساعد على تجاوز العقبات والصعاب وهناك أيضا سرعة في الاستجابة لمتطلبات المشاركين في المنتديات.. فإذا كان الشخص الذي سيشارك من الخارج يحتاج إلى وقت طويل لاستخراج التأشيرة.. فكيف لك أن تقول إن باستطاعتنا اقامة مثل هذه المنتديات.
معوقات استقطاب الكفاءات وغياب التشريعات
* المحرر: نحن نعلم ان المملكة ليست بتلك الحاجة الماسة لاستثمارات أموال أجنبية بقدر ما نحن بحاجة إلى الاستثمار في الكفاءات والقدرات التي تسهم بتطوير الأداء الإداري والتقني والمهاري لدينا.. وكيف نجعل من بيئتنا بيئة جذابة لهؤلاء مع التمسك بقيمنا وثقافتنا ومبادئنا؟.
د. عبدالوهاب أبو داهش: المملكة تأتي الدولة رقم 135 في الاستئثار بالاستثمار الأجنبي من بين 140 دولة حسب تقرير «يونيكتاد» الأخير.. فالمملكة حسب المعادلة التي وضعت لجذب الاستثمار هي دولة طاردة للاستثمار وليست جاذبة.. وهذا يشكل عائقاً كبيراً كما اني أرى الأسباب الرئيسية الأخرى هي ليس هناك أنظمة أو تشريعات واضحة لاستقطاب الاستثمار الأجنبي، هذا أولاً.. ثانياً حتى الإجراءات التي تساعد الأجنبي على الاستثمار غير واضحة ومحددة.. وعلى سبيل المثال دولة مثل كندا.. تستغرق الإجراءات يومين فقط لتستطيع ان تبدأ مشروعك الاستثماري، وهناك دول أخرى حسب دراسات البنك الدولي تأخذ الإجراءات فيها بين ستة أشهر وثلاثة أشهر.. أما بالنسبة للمملكة فليس لدي دراسة معينة حول الموضوع.. إلا أني سمعت مؤخراً في إحدى المحاضرات ان إحدى الشركات حصلت على الترخيص خلال شهر من هيئة الاستثمار.. ويقول رئيس الشركة انه أمضى 18 شهراً لإنهاء إجراءاته مع وزارة التجارة والصناعة ولم يستطع إلى الآن فماذا يعمل؟ إذن إجراءات التشريعات في حد ذاتها عائق كبير كما ان الفرص الاستثمارية الموجودة في المملكة والقطاع الذي يمثل ميزة نسبية للاستثمار هو قطاع الغاز والبترول.. ولكن القرار المتعلق بالاستثمار في هذا القطاع قرار سياسي وليس قراراً اقتصادياً.. وهذا أيضا عائق كبير لأنك تجلب استثمارات في قطاعات أخرى ليس لديك تميز نسبي فيها باستثناء قطاع البترول والغاز.. فإذا أردت ان تستقطب شركات لقيام مصنع إنتاج كمبيوتر.. أعتقد أنهم يفضلون الذهاب إلى دولة بها عمالة متوفرة ومدربة وفي نفس الوقت غير مكلفة.. إذن فالمستثمر لديه خيارات كثيرة.. لذلك أعتقد اننا يجب ان ننظر في تطوير أنظمة الاستثمار بما فيها رأس المال ليبدأ العمل فيه.. وأنا أعتقد انه عند بدء هيئة سوق المال ستصدر إجراءات واضحة وشفافة بما فيها كيف يمكن للشريك الأجنبي استخدام رأس ماله في المملكة سواء من ناحية إصدار السندات أو المشاركة في أصول الشركات أو من ناحية أن يكون صانعاً في السوق أو وسيطاً.. هناك الكثير من الأمور.. وأعتقد ان مهمة هيئة السوق المالي ستكون صعبة جدا في عملية استقطاب استثمارات أجنبية ووضع المملكة على أعتاب الخطوة الأولى لتمويل البنى التحتية.
د. فهد السلطان: إذا سمحت لي أستاذ محمد أن أعلق على ما ذكره الدكتور عبدالوهاب الذي ذكر أشياء مهمة جدا.. الذي أفهمه ان هيئة الاستثمار طالما الحديث عن الاستثمار درست عوائق الاستثمار في المملكة وكانت دراسة موضوعية ومعدة بشكل منهجي، وتوصلت الهيئة إلى ان هناك 107 عائق للمستثمر، فإذا كان الرقم الذي تفضل به الدكتور عبدالوهاب ان ترتيب المملكة 135 في قائمة 140 دولة في مجال الاستثمار، فهذا رقم مزعج جدا، وما يخفف مدى الاستغراب هو حين نعلم بالنتائج التي توصلت إليها هيئة الاستثمار بانه لدينا 107 عائق للاستثمار، وفي تقديري ان هذه الأمور يجب ان ينظر إليها من منظور يختلف عن منظورنا في السابق.
* المحرر: إذن نحن بحاجة إلى إعادة النظر للتشريعات والأنظمة واللوائح وبالذات فيما يتعلق بمؤسسات الدولة المعنية بالفعاليات الاقتصادية؟.
د. خالد طاهر: المشكلة أوسع من التشريعات والأنظمة.. المشكلة نتعامل فيها مع منظومة معقدة ويضيف إلى تعقيدها تعدد محاورها..
إننا مررنا بفترة نمو الدخل في السنوات السابقة جعل سرعة النمو أكثر بكثير جدا من سرعتنا في مواكبته على الجوانب الأخرى سواء التنظيمية وغيرها.. وأنا أتصور ان هذا أدى إلى بعض الاشكال الذي نعيشه.. وننظر إلى الجانب الإيجابي بالعودة إلى منتدى الرياض الاقتصادي مقارنة بمنتدى جدة على سبيل المثال.. الشيء الجديد في منتدى الرياض انه يتناول الهدف الخاص بالوصول إلى تنمية اقتصادية مستدامة ولكن من منظور عملي وواقعي، فالذي عمل انه أجهدت القطاعات المختلفة ذات العلاقة في حل هذه المشكلة من قطاع خاص وحكومي.. أكاديمية وغير ذلك للنظر في هذه المنظومة المعقدة وتشخيص المشاكل المطروحة أمامها.. وتمكنت ورش العمل التي وضعت لهذا الغرض من تحديد المحاور الأربعة الأساسية في هذه المنظومة فيما يتعلق بالموارد البشرية الأعمال الأنظمة والتشريعات للبنية التحتية ومن خلال مساهمة رجال فاعلين أصحاب خبرة في النواحي المختلفة ثم النظر إلى هذه القضايا المختلفة ووضع أولويات لها ومن ثم اقتراح حلول. أنا أعتقد ان الصورة قد لا تختلف ان هناك لدينا مشاكل في قطاعات مختلفة.. التنمية البشرية وفيما يختص بالأعمال وفي البنية التحتية وفي الأنظمة والتشريعات ولكن الشيء الإيجابي أننا ننظر إلى هذه الأمور ونشخصها بقدرات وطنية لم نكن مهيئين لذلك قبل أكثر من عشرين أو ثلاثين سنة مضت، وكنا نستعين في هذه الأمور بخبراء أجانب.. ونحن الآن ننظر إلى أنفسنا ونستطيع ان نضع حلولاً مبنية على واقع علمي في أسلوب الطرح والتعامل ومنتدى الرياض الذي نحن نتحاور في هذه الندوة بمناسبة انعقاده يضع تجربة ناجحة مكان التنفيذ ألا وهي قدرة هذا المجتمع على النظر إلى مشاكله ويحددها وبالتالي يضع الأطروحات الخاصة بالإصلاحات الهيكلية.. والأجمل من هذا كله بان هناك مساندة كاملة من الحكومة في ان تقدم لها هذه الرؤية لوضعها موضع التنفيذ.
وما دمنا نتحدث بهذه الغيرة الوطنية التي نحسها من خلال الأطروحات المختلفة، في كل مناحي اقتصادنا على وسائل إعلامنا المختلفة، فهذا في تصوري عمل جيد ومقدر.
جلد الذات.. والبعد عن الواقعية في المعالجة
* المحرر: لماذا نحن نمارس جلد الذات مع أنفسنا.. دون محاولة تلمس مكامن التقصير والخروج بحلول ورؤى عملية لتلافي هذا القصور؟
د. سالم القحطاني: كون معالجة مشاكل الاستثمار في المملكة فيه شيء من التعقيد أو الصعوبة كما تفضل الدكتور هذا أمر متوقع لأنك تتعامل مع منظومة مؤسساتية كبيرة جدا.. ليست وليدة اليوم بل نمت وترعرعت خلال المائة سنة الماضية. والاعتراف بالحق فضيلة لانه كان الغائب عن ذهننا شيئا اسمه الفكر الاستثماري.. الكثير من الدول لديها مؤسسات لجذب الاستثمار من سنوات عديدة بينما نحن بدأنا نهتم بجذب الاستثمار مؤخراً.. ولذلك لا نستطيع ان نقضي على ال 107 عائق التي ذكرها الدكتور فهد في فترة بسيطة جدا.. لأننا نريد ان نصلح هيكلنا التنظيمي والإداري والتشريعي.. وحتى نصلح هذا نحتاج إلى وقت طويل جدا، فنحن أمام خيارات أحلاها مر.. إما أن ننتظر حتى نصلح هذه المعوقات بالطريقة التدريجية أو نتخذ الحل الأسرع.. باتخاذ قرار سياسي يجعل المستثمر على حق دائماً وكما يقول بعض رجال الأعمال العميل دائماً على حق.. المفروض ان نستخدم مبدأ المستثمر دائماً على حق ونحاول ان ندعم المستثمر في كل القطاعات التي يتعامل معها بحيث ان ينهي إجراءاته في وقت يسير.. وانطلاقا من الحديث عن الصعوبات التي تواجه المستثمر الأجنبي هي نفسها التي تواجه المستثمر السعودي.. فالمعوقات هي نفسها، فإذا أردت ان تعالج كل مشكلة بجزئياتها فلن تصل إلى حل.. إذن نحن بحاجة إلى قرار حاسم.
غياب المشاركة والتنسيق بين الفعاليات الاقتصادية
* المحرر: لكننا نفتقد دائماً للمشاركة الفاعلة بين القطاع العام ممثلا بمؤسسات الدولة الاقتصادية وبين فعاليات القطاع الخاص. كيف نفعّل هذه المشاركة بالشكل المدروس لتحقيق المصلحة الوطنية المشتركة؟.
د. فهد السلطان: أعتقد انك أثرت نقطة وجيهة جدا.. لأن الوقت الذي يكون فيه القطاع الخاص متلقياً ومنفذاً للتنظيمات التي تصدرها الأجهزة التنفيذية، والآن الوقت يفرض علينا ان يكون القطاع الخاص مشاركاً فاعلاً في صياغة تلك القرارات وليس متلقياً فقط.
التاجر أو المصنّع، ومقدم الخدمة وصل الآن إلى مرحلة نضوج فكري لدرجة انه مهيأ من ناحية الخلفية العلمية والمهنية والاقتصادية للمشاركة في القرارات والتنظيمات التي تعدها الأجهزة التنفيذية والتي تتعلق بقطاع الأعمال.. إذا ما أردنا لتلك الإجراءات وتلك التنظيمات ان تكون قرارات فاعلة ويمكن تطبيقها وتؤدي الهدف الذي وضعت لأجله.. لأن القطاع في نهاية المطاف هو المطالب بتنفيذ تلك القرارات، في السابق كان القطاع الخاص بعيداً عن الصورة.. الآن ولكي نكون أمناء في طرحنا بدأت الأجهزة الحكومية ومنذ سنة أصبحت أحد التوجهات الرئيسة لمجلس الغرف التجارية السعودية هو إقناع الجهات المختصة في ان نكون مشاركين فاعلين ولسنا فقط مستقبلين فقط للتعليمات والتنظيمات ذات العلاقة بالقطاع الخاص. وبفضل الله وفقنا ان نبدأ هذه الخطوة وفعلا الآن نشارك مشاركة فاعلة في صياغة الخطة الخمسية الثامنة ونشارك أيضا مشاركة فاعلة في القرارات التي تعد وتراجع من قبل مجلس الشورى ونشارك مشاركة فاعلة في الأنظمة التي تراجع وتناقش في هيئة الخبراء بمجلس الوزراء وهذه حقائق للتاريخ.. وأعتقد ان التأكيد على هذا المفهوم هو أحد العوامل الرئيسة لنجاحنا.. لأنه انتهى الوقت الذي نقول فيه هناك قطاع خاص وهناك قطاع عام.. الآن أصبح الكل في واحد.. لأن الاقتصاديات العالمية لم تعد تميز بين القطاع العام والقطاع الخاص.. وهم يمثلون فريق عمل واحد لكنها تخصصات مثل ما هو القطاع العام يوجد به قطاعات مختلفة.. مثل الزراعة، التجارة، الصناعة وغير ذلك نفس الشيء بالنسبة للقطاع الخاص.. فأنا أعتقد انه انتهى الوقت الذي يكون القطاع الخاص فقط مستمعاً وأيضا يجب ان ينتهي الوقت الذي يستدعي فيه القطاع الخاص لسماع وجهات النظر بل يجب ان يكون مشاركاً فاعلاً في صياغة تلك النظم التي تؤثر على التنمية بوجه عام وقطاع الأعمال على وجه الخصوص.
د. عبدالوهاب أبو داهش: أعتقد ان منتدى الرياض الاقتصادي هو جزء من صناعة القرار.. وأرى انه لا بد ان يتطرق للمواضيع التي تتطرق لاحتياجات القطاع الخاص.. وينبغي ان تصدر قرارات فعالة.. لأن المنتديات الاقتصادية هي جزء من محاولة القطاع الخاص ليخترق المواضيع من وجهة نظره وكيف ينبغي ان تكون القرارات والتوصيات.. كما أعتقد ان القطاع الخاص لم يكن نشطاً برغم وجوده.. في رفع مقترحاته لإيجاد الحلول للاشكالات التي تواجهه.. لأنه وكما ذكر الدكتور فهد كان متلقياً فقط.
الموارد البشرية
* المحرر: نود ان نتطرق إلى جزئية مهمة من جزئيات التنمية الاقتصادية الشاملة، وهي مسألة الموارد البشرية وتهيئتها لدخول سوق العمل بفاعلية وجدوى وليس بمجرد قرار إداري فقط؟.
د. خالد طاهر: القطاع الخاص لم يتمكن من أخذ هذا الدور في السابق إلا بعد ان أصبح لديه بفضل الله سبحانه وتعالى من الطاقات البشرية المؤهلة تأهيلاً يناسب لغة العصر وقدرات ومتطلبات العصر، الكثير من رجال الأعمال الذين يقومون على القطاعات المختلفة تلقوا تعليماً عالياً وتدريباً مناسباً، حيث استثمرت الدولة بشكل فاعل في فترة السبعينات والثمانينات في تعليم وتدريب هؤلاء الرجال الذين عادوا الان وارتقوا سلم القطاع الخاص وأيضا السلم الحكومي.. الآن نحن نقطف بفضل الله ما زُرع في سنين مضت. نحن الآن نواجه مشكلة بلا شك انها معقدة في نواح مختلفة.. لأن مواصفاتنا عالية جدا ونقارن دائماً أنفسنا بتلك الدول التي سبقتنا في مجال التنمية.. وذلك أمر جيد لأنك لن تستطيع ان تكون في موقع الصدارة إلا أن تكون أحلامك على هذا المستوى ولا ننسى أيضا أننا أصحاب طموح عال سواء في القطاع الخاص أو الحكومة.. والجميل في الموضوع الآن انه أصبح لدينا في القطاعين رجال من أبناء هذا البلد قادرون على التحدث بلغة العصر والتعامل معها في سبيل ان يكون القرار الخاص باقتصاد البلد قراراً علمياً ومدروساً.
وقد قرأت مؤخراً دراسة تتحدث عن فترة نهاية القرن التاسع عشر أي من عام 1884م إلى بداية الحرب العالمية الأولى عام 1914م وقالت الدراسة انه خلال تلك الفترة كانت الدراسات العليا مثل الدكتوراه وما إليها كانت صناعة أوروبية أكثر منها أمريكية، وفي تلك الفترة تخرج ما يزيد عن ألف ونحوه من حملة الشهادات العليا.. هاجرت تلك الفئات واستقر معظمها في أمريكا واستطاعت ان تضاعف نفسها مرات ومرات.. وتزعم هذه الدراسة بان كثيراً من الأسس الاقتصادية التي انطلقت منها أمريكا كانت تقوم على تلك الفئات من المفكرين ورجالات التأهيل العالي، ونحن لدينا إن شاء الله مخزون كبير من الرجال المؤهلين، لأن التنمية البشرية في غاية الأهمية وهي الأساس.. والمنتدى الاقتصادي تناول هذه النقطة كأحد محاور هذه المنظومة المعقدة. والنظر إلى سوق العمل والتأهيل والتدريب كوجهين لعملة واحدة. ويحدد من خلال الأوراق التي تطرح في هذا المحور تحديد مواطن الضعف في الأداء فيما يختص بنواحي التعليم والتدريب والتأهيل ويشخصها بانها قد تعود أو تصنف في مشاكل استيعابية أو في مشاكل المناهج وتوضع الحلول المناسبة في هذا الشأن وأنا أتصور اننا حين نتحدث عن هذه المنظومة وتشابكها ومن الصعب ان تستطيع ان تحل أي مشكلة في أي قطاع معين بمنأى عن القطاعات الأخرى.
وبالتالي يجب ان نكون متنبهين لهذه النقطة التي هي في غاية الحساسية، قد يكون هناك بعض الأطروحات لمتخصصين لحل مشاكل في قطاعات معينة ولكن هذه الأطروحات لا تخلو من تأثر هذا الحقل أو هذا القطاع بالقطاعات الأخرى في هذه المنظومة المعقدة ويمكن يحسب لمنتدى الرياض أنه يلقي الضوء على هذه القطاعات في وقت واحد ويمكن للمتابع لما هو حاصل قد يستطيع ان يخرج بصورة أكثر وضوحاً وما قد يتقاطع مع غيره.
د. سليمان القحطاني: ممكن أعلق على موضوع الموارد البشرية باعتباري متخصصاً في الموارد البشرية. لو لم نرجع إلى أدبيات الأكاديميين في المملكة أعتقد انه كُتب عن الموارد البشرية أكثر مما كُتب عن أي موضوع آخر.. لماذا؟ الجواب ببساطة لأنها مشكلة مستعصية وكبيرة جدا وتستحق فعلا البحث ولكننا ما زلنا ندور في حلقة مفرغة.. لأن المعنيين لم يدركوا إلى الآن ان هناك ثالوثا مهما جدا في الموارد البشرية وتنميتها هذا الثالوث هو المواطن الباحث عن عمل، الدولة والقطاع الخاص لا بد وان يكون هذا الثالوث معادلة تستقيم وتحقق العوائد المرضية لكل منهم.. ولا يمكن ان ترضي طرفاً على حساب الآخر، والمفروض ان يشترك الجميع في التنازلات وأيضا في الأرباح.. ومشكلتنا فيما يتعلق بالموارد البشرية في المملكة أننا مر بنا بطفرة في جيل الشباب بالمملكة ومعروف ان حوالي 60% أو أكثر من سكان المملكة من الشباب أو ما دون سن الثلاثين.. والغالبية منهم يبحثون عن عمل وحوالي 30% يبحثون عن قبول في الجامعات أو في المعاهد التقنية أو غيرها.. طبعاً هذه مشكلة مستعصية، وأعتقد ان المنتدى حين يخصص ورقة لسوق العمل وورقة للتعليم والتأهيل والتدريب كمحاور من محاور المنتدى.. لان أي اقتصاد لا بد ان يقوم على الموارد البشرية كرأسمال أولي.. هذا هو رأس المال الأساسي قبل النقد.
* المحرر: عفواً دكتور سالم تحدثنا كثيراً عن القوى البشرية وعن السعودة.. هل هناك خطط مدروسة لتطوير وتدريب وتأهيل هذه القدرات؟.
د. سالم القحطاني: بكل تأكيد ان لم يتم احتواء الشباب الذين في سن العمل أو الباحثين عن عمل ولم يجدوا عملاً إلى الآن أعتقد انها قنبلة موقوتة يمكن ان تدمر المجتمع ولا أعتقد أننا نختلف عليها.. لكن الشيء الذي أود التأكيد عليه وهو حقيقة لا بد ان نعترف بها ان القطاع الخاص استمتع بسنوات من المرونة ومن الإعفاءات ومن المشاريع التي حسب ظني لم تمر على قطاع خاص في أي بلد إلا في المملكة العربية السعودية وإذا كان قطاعنا الخاص أسهم في نمو قطاعات خاصة في دول أخرى.. فاقتصاد المملكة بشكل مباشر أو غير مباشر في نمو الكثير من المجتمعات والدول الأخرى. فماذا نقول نحن لقطاعنا الخاص؟
إذن لا بد ان يسهم هذا القطاع في تنمية الموارد البشرية.. وفي الدول المتقدمة شركة مثل شركة مترولا أنشأت جامعة خاصة بها.. فلماذا لا يسهم قطاعنا الخاص في هذا المجال.. مع الإشارة إلى بعض الشركات العاملة في المملكة وبادرت بإنشاء معاهد لتدريب الشباب السعودي ومن ثم توظيفهم ولا أعتقد انني أتحدث هنا من باب الدعاية لبعض هذه الشركات.. هذه إسهامات فاعلة لفتح المجالات لتوظيف الشباب السعودي.. إذن لا بد ان يسهم القطاع الخاص وهو الذي استعاد عبر سنوات طويلة جدا من الإعفاءات وكون ثروة هائلة جدا.. حتى ان بعض رجال أعمالنا أصبح من كبار رجال الأعمال على مستوى العالم وعندما جئنا إليهم نريد منهم المساهمة في خدمة الموارد البشرية في المملكة هنا يأتي القطاع الخاص ويقول لا.. إنها مسؤولية الدولة والدولة ليست مسؤولة عن كل صغيرة وكبيرة.. ولماذا يكون مشاركاً فقط في صناعة الأنظمة والقوانين والتشريعات ولا يشارك في تحمل التكلفة وهو الذي استفاد لسنوات طويلة من الاقتصاد السعودي. أود أن أختم في هذا السياق بملاحظة مهمة جداً عن التشريعات والأنظمة في المملكة.. أنا أعتقد أنه لا ينقصنا تشريعات ولا أنظمة في المملكة نحن لدينا من أجمل الأنظمة والتشريعات.. صحيح نحتاج إلى تحسين وإلى تطوير سواء في سوق أو بشكل عام.. ويمكن نحتاج إلى تشريعات في المجالات التي تعتبرها جديدة مثل سوق المال وغيره.. لكن نحن بحاجة إلى إرادة التنفيذ.. والذي ينقصنا هو التنفيذ.. وطالما أنه ليس هناك قوة تنفيذ للقرارات والأنظمة فإننا بهذا نضيف نظاماً جديداً إلى الأنظمة الكثيرة التي تملأ المكتبات وأدراج المكاتب.
* د. عبدالوهاب أبو داهش: عندي تعليق سريع على موضوع الموارد البشرية.
- لدينا مشكلتان على مستوى التعليم الابتدائي الأولي وعلى مستوى مخرجات التعليم العالي.. وهما طرفا المعادلة، ففي المستوى الأولي مثل الابتدائية والمتوسطة والثانوي ليس هناك تعليم حقيقي للطلاب عن نظريات وتطبيقات العمل وبناء مهارات سيحتاجونها في المستقبل.. وأنا شخصياً رأيت أن مدارسنا تعلم الطلاب مواداً بعيدة عن مناخ وبيئة العمل، حتى ولو كان ذلك في الاجازة الصيفية واشغال الطلاب بأعمال جزئية في كثير من المرافق الخدمية لتصقل الطلاب وتدمجهم في موضوع العمل فهذا الأمر غير موجود كما أنه لا توجد خطة واضحة. ثم تأتي مخرجات التعليم العالي وهي جلها لا تلبي احتياجات السوق وتجد نسبا عالية من الخريجين خريجي دراسات نظرية بينما الأشياء المهنية التي تلبي احتياجات المستقبل غير متوفرة بشكل كاف في مخرجات التعليم وهذا من أسباب مشاكلنا الآن.
* المحرر: هل المشكلة في التخطيط.. وبالذات في المسألة التعليمية؟
- خالد طاهر: أود أن أبدأ بنقطة يتحدث عنها دائماً المختصون في المسألة التعليمية: إن التعليم يجب أن يعالج ثلاث نقاط بشكل من التوازن، المعارف في حق العلم، والمهارات وأخلاقيات العمل، والمعارف نقصد بها المعارف التي يحتاجها الانسان في حياته، المهارات نقصد بها قدرته الاتصالية مثل مدى اجادته للغة الانجليزية أو اللغة العربية أو أي من المهارات مثل قدرته على العمل الى الجماعي والعمل المستمر النقطة الثالثة أخلاقيات العمل مدى انضباطه ومدى احساسه بأهمية أدائه لعمله. إذا تناولت العملية التعليمية هذه العناصر الثلاثة بشكل مختلف فمن الممكن ان تكون ناجحة.. وليس من شك أن هناك بعض الخلل أثناء الأداء لأنه لم تعط هذه الأسس الثلاثة الوزن المطلوب. ولكن لا ننسى أنه ليس من السهولة بمكان بالنسبة لجهاز أن يقدمها بهذا النمط وهذا الأسلوب لأنها تحتاج إلى الكثير من الموارد وتحتاج إلى عناصر بشرية مؤهلة تأهيلاً معيناً حتى تستطيع أن تقدم هذه الخدمات، نحن سابقنا الزمن في انشاء البنية التحتية ولكن مسابقة الزمن ليست بتلك السهولة التي تبنى بها الانسان.. لأننا في عدد من السنوات استطعنا أن نبني مدننا مقاربة للكثير من المدن الموجودة في الدول المتقدمة ولكن العملية ليست بالسهولة أن تسابق الزمن في بناء الانسان لأنك تحتاج إلى وقت كبير جداً.. وفي تصوري أن ما عملناه هو اجتهادات تأثرنا فيها بأوضاعنا المالية التي كانت ايجابية وعالية جداً والتي جعلت من الأداء في بعض نواحي العملية التعليمية ليس كما يجب. وعلى سبيل المثال خذ وزارة المعارف.. لأنه يمكن حدث خلل في موضوع أخلاقيات العمل، فيمكن ان تجد هذا الشاب الذي تخرج من الثانوية ليس لديه التزام في بعض النواحي المعينة.. فعندما يخرج هذا الشخص إلى سوق العمل قد تكون المؤسسات التعليمية بوجود الصلة وحلقة التغذية المرتجعة بما يمكننا من معرفة ما هي الاحتياجات الحقيقية فبالتالي قد تكون في بعض الأحيان أو ينظر لها أن العملية التعليمية لا تواكب احتياجات سوق العمل من التخصصات المناسبة وقد يكون ذلك حقيقة.. وأعزو السبب إلى ان سرعتنا في معرفة احتياجات السوق متدنية بسبب عدم وجود الآلية التي تقول لك أوقف هذه التخصصات وأبحث عن تخصصات أخرى وهناك تحد آخر. في الوقت الحالي وهو أكثر صعوبة.. لأن سوف العمل يتغير في الوقت الحاضر بسرعة أكثر بكثير من أي وقت مضى، وافترض أنك جئت إلى قطاع التعليم وطلبت منهم أن يواكبوا ما هو مطلوب في سوق العمل الآن.. وعندما يأتي الوقت لاخراج هذه المخرجات يكون انقضت فترة طويلة نسبياً حتى لو تكلمنا عن أربع أو خمس سنوات وهذا ليس بالأمر الواقع.. وعندما يأتي الوقت لاخراج هذا العنصر البشري إلى سوق العمل تجد أن متطلبات السوق تغيرت والاختصاصات تغيرت والعملية حساسة ولا أدعي بشكل من الأشكال بأنه يجب أن نقبل بالحلول التي هي موجودة الآن بل يجب أن نسعى لايجاد الحلول ولكن يجب أن نعرف أبعاد مشكلتنا.
- د. عبدالوهاب أبو داهش: معلومات المهارات لم تكن واردة في ذهنية الذين ألفوا المناهج في وزارة المعارف «التربية والتعليم» لا في السابق ولا الحاضر وكل مناهجهم كيف يمكن أن تلقن الطالب المواد الدراسية تلقيناً فقط.. حتى الرياضيات والمواد العلمية.. وحتى الآن لا توجد في ذهنية مسؤولي وزارة التربية والتعليم والشيء الذي أود ايضاحه وأنا هنا أختلف مع الدكتور خالد هي عملية تسارع سوق العمل واختلاف احتياجاته عن مخرجات التعليم.. نحن لا نتوقع يا سيدي أن التعليم يهيئ الفرد للعمل من اليوم الأول أو الثاني بعد انتهاء العملية التعليمية.. بل نحتاج إلى مرحلة انتقالية.. لأننا لا يمكن أن نربط سرعة عملية التعليم مع سرعة وتغيرات سوق العمل بالصورة التي أوجزتها الآن.
الاقتصاد وتقنية المعلومات
* المحرر: هناك تساؤل يقودنا إليه واقع العصر الذي نعيشه، وهو أين نحن من معطيات التقنية الحديثة وتقنية المعلومات في أعمالنا واتصالاتنا الحياتية اليومية وكيف لنا أن نتعامل معها؟
- د. فهد السلطان: نحن الآن دخلنا في منظومة اقتصادية عالمية.. حيث دخلنا منظومة الاقتصاد الخليجي، ثم عندما توسع الدائرة نقول دخلنا في المنظومة الاقتصادية العربية - السوق العربية المشتركة الحرة وهي التي سوف تفعل 100% في عام 2005م ثم الدخول إلى الدائرة الأكبر وهي دائرة الاقتصاد السعودي الخليجي العربي والدائرة الأكبر التي سندخلها في عام 2004م وهي دائرة منظمة التجارة العالمية، بمعنى آخر أننا نعمل من خلال منطلقات ومعطيات وقوانين عالمية أكثر من أنها محلية، وهذا أمر واقع يجب أن نضعه كمعطى ليس لنا الخيار فيه فإذا ما وضعنا في الاعتبار هذا المعطى فإن الأمر يتطلب منا اللعب الاقتصادي بالآليات العالمية وفي مقدمتها استخدام وتوظيف التقنية بالتجارة الالكترونية والحكومة الالكترونية وغيرها من المعطيات وأعتقد أنه ليس لنا أي خيار في هذا.. وللأسف الشديد لدينا المعرفة بهذه المعطيات لكننا لا نعمل الشيء الكثير ونحتاج حسب تقديري ولكي نكون عمليين غير منظرين.. نحتاج إلى تجسير الفجوة بين المعلومات.. والفعل.. وأنا أعتقد أنه في كثير من منتدياتنا وأمنيتي أن نصل كما قلت في بداية اللقاء أن نصل من خلال هذا المنتدى أو غيره إلى ايجاد وسيلة اتصال والربط بين العلم والعمل.. ولو جئت لأصغر رجل أعمال لاقنعك أكثر من زملائنا أساتذة الجامعات بأهمية التجارة الالكترونية وأهمية الاتصال عن بعد وأهمية التسويق عن طريق الانترنت.. وأهمية تقليص حجم الورق في مجال العمل أو العمل بدون ورق نهائياً كما يحدث في كثير من الدول الآن، ورأيت مؤخراً في الكويت جهازاً متكاملاً يعمل بدون أوراق. وكذلك في دبي عندما عقد مؤخراً مؤتمر صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.. منذ أن دخلنا من المطار إلى أن خرجنا وهم يعملون بالحكومة الالكترونية.. السؤال القائم الآن هو أننا نعرف كل شيء لكننا لا نلتزم والمسألة ليست جلداً للذات ولا أتكلم عن الحكومة أو عن أي جهة أخرى أنا أتحدث هنا عن مجتمع.. والمسألة ليست في ماذا؟ ولكنها في كيف؟ كلنا نعرف المشكلة ولكننا شطار في التنظير وغداً ستجدون أن جميع المتحدثين في المنتدى بل كل الحضور يعرفون كل المشاكل لكن السؤال هو كيف نحقق هذه الأمور؟ متى نعمل بالحكومة الالكترونية؟ ومتى تبدأ الحكومة الالكترونية ومتى تبدأ هذا العمل ومتى نعمل بالتجارة الالكترونية؟ هذا سؤالي.. وأتمنى أن نكون واقعيين في أطروحاتنا لأننا شبعنا من التنظير.. وكلنا ما شاء الله أصبحنا منظرين.
* د. سالم القحطاني: فيما يتعلق بجانب الاتصال وما ذكره الدكتور فهد كلنا نعرف ماذا وكيف.. أنا أقول نحن بحاجة إلى من يوقظ المجتمع من تسلط البيروقراطية.. ولذلك إن لم يتم تخليص هذه المعرفة من تسلط الأجهزة البيروقراطية والأجهزة التي كثيراً من أنظمتها وربما هي في مجملها أعراف وليست أنظمة ولو ترجع إلى كثير من التعاميم والتطبيقات الموجودة في كثير من المؤسسات البيروقراطية تجد أن ليس لها أصل.. بل هي مجرد عرف تعارفوا عليه وطبقوه. وحتى نستطيع أن نستفيد من هذه الاتصالات وتقنية الانترنت وتستخدم المعارف الموجودة لدينا.. وبالمناسبة المملكة أكبر دولة عربية لديها عدد أجهزة حاسب وكثافة استخدام الانترنت في المرتبة الثانية بعد مصر فنحن ليس لدينا مشكلة إلا أننا نحتاج إلى من يخلصنا من الأجهزة البيروقراطية.
د. عبدالوهاب أبو داهش: الثورة التكنولوجية والمعلوماتية ظهرت في الوقت الذي كانت المملكة تبني سياسات اصلاحية قوية سواء على المستوى الاقتصادي وحتى المستوى السياسي. والمشكلة الكبيرة التي واجهتنا في التعامل مع تقنيات الاتصالات الحديثة بأنها خضعت للقرار السياسي في عملية كيف نحمي، كيف لا ندخل الانترنت.. حتى أننا من الدول المتأخرة في ادخال خدمة الهاتف الجوال.. كل هذا مرده الخوف على خصوصيتنا.. فكان هناك اشكالية كبيرة جداً بين عملية الإصلاح الاقتصادي والاصلاح السياسي وتحرير السوق وبين الثورة التكنولوجية التي أتت إلى العالم مجاناً.. وليس للدول من دور سوى تنظيم عملية التعامل معها.
د. خالد طاهر: أنا أتفق مع الدكتور فهد فيما قاله عندما يسأل عن كيف نستطيع سد الفجوة ما بين مشاكلنا وكيف نستطيع أن نحلها أن أقول يا اخوة مرة أخرى نحن في معادلة صعبة وهي حلقة مفرغة لا نستطيع أن نرتبط بهذه الاصلاحات حتى نبدأ ولا نستطيع أن نبدأ إذا انتظرنا هذه الاصلاحات في المنظومة كاملة. وفي تصوري أن تُكسر هذه الحلقة عن طريق المبادرات.. يجب أن تكون هناك مبادرات شخصية أو جهات معينة.. اجعل من نفسك قدوة حسنة، صعبة؟ أي نعم صعبة ولكنها ليست مستحيلة ونحن في ديننا وفي ثقافتنا أساس تعلمنا القدوة الحسنة.. ونحن بين رغبتنا فيما هو متاح من تقنيات وما هو متاح حولنا من امكانيات مختلفة وأيضاً كيف نحافظ على ثوابتنا وهذه ليست معادلة سهلة.
التخصيص
* هناك مفصل لا يقل أهمية في العملية الاقتصادية وهو التخصيص كيف ننظر له وماذا ننتظر من عملية التخصيص وإلى أين وصلنا في هذا الطريق؟
- د. فهد السلطان: أنا أعتقد أن عصرنا الحاضر يتطلب أن يتم تخصيص كل عمل أو مشروع أو برنامج ذا طابع تجاري أو اقتصادي وأن تقتصر أعمال الجهاز العام على المنافع العامة والأمور الأساسية في الدولة.. في ظني أنها معطيات العصر الحديث.. ولكي نكون أن الدولة بدأت مشروعا كبيرا للتخصيص بدأه سمو الأمير عبدالله.. والذي كانت تعمل عليه مارجريت تاتشر في منتصف الثمانينيات وريجان في بداية الثمانينيات بدأناه نحن بقوة في بداية التسعينيات.. وأنا أعتقد أنها بداية جيدة.. لكن.. ولكي نفعل هذا الأمر في ظني أن ذلك يتطلب قيام أو تأسيس جهة معنية مختصة بالتخصيص. وأنا قدر لي أن أعمل مع البنك الدولي في هذا الموضوع لمدة طويلة كما قدر لي أن أرأس برنامج التخصيص عندما كنت في وزارة البلديات.. ووجدت أن من أجمل التجارب العالمية التي لفتت نظري تلك الدول التي وضعت جهات مختصة للتخصيص مثل فنزويلا التي أنشأت وزارة للتخصيص وهناك دول وضعت هيئات للتخصيص وأنا في تقديري أن التخصيص يحتاج وبمفهومه العلمي وأعني أنك حين تخصص برنامجاً تخصصه بمفهوم ميكانيزم السوق من حيث منافسة السوق وليس تخصيصه بنقله من القطاع العام إلى القطاع الخاص.. مثل طريقة تخصيص شركة الاتصالات وهي شركة واحدة انتقلت من جهاز حكومي عام إلى مؤسسة خاصة..وأعتقد أننا إذا أردنا أن نخصص أي مشروع يجب أن نخضع لآلية السوق والمنافسة بمعنى أن يطرح بمفهومه المهني للتخصيص ولهذا لا بد أن تكون هناك وزارة أو جهة أو هيئة مستقلة معنية بالتخصيص، تعني بمسار البرنامج كما أراد ا لأمير عبدالله والاطمئنان من أن آلية التخصيص تسير بشكل مهني وليس فقط نقل المشروع من الحكومة إلى القطاع الخاص.
د. سالم القحطاني: أقدر وأثمن تروي المسؤولين في الدولة في موضوع التخصيص لسببين رئيسيين: أولاً نظرتي للتخصيص أرى أن التاريخ يعيد نفسه.. وكلنا نذكر أن الاقطاع كان مسيطراً على كل شيء في أوروبا ثم جاءت ثورة العمال وبدأ التأميم وتحويلها إلى الدولة ثم جاءت الدعوة للتخصيص.. فإن لم يكن هناك تنظيم دقيق وحماية للمستهلك أن نلقى في يوم من الأيام ونطلب من الدولة تلك الشركات.. وأنا هنا اتفق مع الدكتور بأنه لابد أن يكون هناك جهة معينة لحماية المواطن والمتسهلك.. ولذلك أقول لا بد أن يتم التخصيص وفق ضوابط ومعايير لحماية المواطنين.
د. عبدالوهاب أبو داهش: أنا اعترض على فكرة انشاء هيئة أو جهة عامة للتخصيص.. هذا يجعل الشفافية والاجراءات غير واضحة بحيث أنه لا يمكن تعيين وزير للتخصيص ويناقش تخصيص كل القطاعات فيصبح هذا الوزير محملا بقضايا وأمور قد يصعب عليه التنفيذ بالشكل والصورة المطلوبة، لكن أنا مع اقامة هيئات تنظيمية مستقلة لكل قطاع مثل هيئة تنظيم الكهرباء وهيئة الاتصالات. هذه الهيئات يجب أن تكون مستقلة عن التأثيرات السياسية وتأثيرات القطاع الخاص وتكون هذه الهيئات مسؤولة أمام الرأي العام والجمهور والقطاع الخاص وأمام الدولة.
التوقع والمأمول
* المحرر: أخيراً.. ما هو التوقع والمأمول من عقد مثل هذه المنتديات في المملكة؟
- د. فهد السلطان: أنا أتأمل أن تكون الشفافية والمصارحة بين القطاعات المختلفة وبين القطاع الخاص والقطاع العام ويكون فيه وضوح في الرؤيا ثم وهو الأهم في نظري ألا ينتهي بشعارات وإنما بآليات عمل.
د. خالد طاهر: من المؤمل أن تستمر هذه المنتديات لأن سرعة التغيير تقتضي السرعة في التشخيص وايجاد الحلول والمؤمل أيضاً أن تكون هناك أمانة من الفئة التي أختيرت على سبيل المثال للمشاركة في وضع هذا المنتدى، هذه الأمانة تحمل الأمانة.. يعني تتابع التنفيذ وتحمل الأمانة للمجموعة التي تليها بحيث تسلم لها هذا العلم وتطلع على ما أنجز وتكمل المسيرة.
د. سالم القحطاني: المفروض أن نركز على التطبيق وليس التنظير.. يعني أن تتحدث عما يمكن تطبيقه وما لا يمكن تطبيقه ثم إنه من المفروض أن تكون هناك توصية وأن تؤخذ عن طريق المنظمين أو اللجنة المنظمة وتوضع في يد ولي الأمر.. ولا يتم ارسالها عبر المسارات البيروقراطية وإلا لن تصل وأن يكون هناك فعلاً توصيات بمن سيتولى تنظيم المنتدى في السنوات القادمة للأخذ بملاحظات التجربة السابقة وحتى لا يقعون في بعض الأخطاء.. وأخيراً ان يتم استقطاب بعض الشخصيات العالمية التي حققت نجاحات في تنمية اقتصاديات بلادها.. ولعل خير مثال على ذلك دعوة رئيس وزراء ماليزيا مهاتير محمد في (رؤية 20/20) وكانت مشاركته جيدة لأنه تكلم عن بلد ناجح وعن تجربة ناجحة.. أعتقد أن دعوة مثل هذه الشخصيات اضافة للمؤتمر..
د. عبدالوهاب أبو داهش: أتمنى أن يتحقق كل ما ذكرناه في هذه الندوة.. وأتمنى للجميع دوام التوفيق والنجاح.. والمهم هو الاستمرار مهما كانت المعوقات المهم أن نصمم على المسير تجاه التحسين والتطوير..

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved