Thursday 9th october,2003 11333العدد الخميس 13 ,شعبان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

«التايم» الأمريكية وافتقاد الموضوعية «التايم» الأمريكية وافتقاد الموضوعية
د. محمد سالم(*)

طالعتنا مجلة «التايم» الأمريكية مؤخراً بمقال مطول عن المملكة تضمن موضوع المناهج، وأن الكتب المدرسية السعودية مشحونة بفقرات لا تكتفي فقط بتمجيد الإسلام، بل تندد بالمشركين، وجاء في كتاب للصف الثامن أن الله لعن اليهود والنصارى وحول بعضهم إلى خنازير، وتضيف «التايم» أن السفير الأمريكي «جوردن» الذي طلب الاطلاع على منهج العام الدراسي الجديد قال: «مازلنا قلقين بشأن المناهج!!». ولاشك أن سوء فهم الإسلام في الغرب بعامة وأمريكا بخاصة يرجع أساساً إلى تشويه متعمد للإسلام منذ قرون طويلة، فالحملات الضارية ضد الإسلام اليوم ليست وليدة ظروف جديدة طارئة، وإنما هي نتيجة ترسبات قديمة ترسخت في العقلية الغربية، بل والأمريكية منذ الحروب الصليبية، لقد ترسخ في العقلية الغربية والأمريكية خاصة أن الإسلام دين عدواني متعصب..! ولا تزال حتى يومنا هذا تُدرس للأطفال في المدارس الأمريكية معلومات خاطئة عن الإسلام والمسلمين.. ومن هنا فلا نعجب إذا وجدنا الحملات الإعلامية (الموجهة) ضد الإسلام والمسلمين في أمريكا تنشط بين الحين والحين. فهي حملات مغرضة وتعبِّر عن سوء فهم للإسلام، ومدى تأصيل ما ورثوه في هذا الصدد من أوهام ترسخت في أذهانهم. والثابت والذي لا يشوبه شك هو أنه لا يمكن لتعليمنا الإسلامي أن يؤدي إلى كراهية الأديان السابقة عليه لأننا أصحاب ديانة سمحة، فالقرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه باعتباره تنزيل العزيز الرحيم يقول: {)آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ)} [البقرة: 285] ، ويقول أيضاً: {(قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) } [آل عمران: 84] ، فهذا جانب أساسي في العقيدة الإسلامية التي يتكامل فيها الإيمان بالرسالات السماوية، ويعجب المرء عندما يجد أن الأديان الأخرى وبخاصة الأديان الوضعية تعامل من جانب الأمريكان معاملة منصفة، والإسلام وحده من بين كل الأديان في العالم هو الذي يُهاجم ويُساء إليه، وهو وحده الذي يُرمى بكل النقائص بالرغم من أن الله سبحانه وتعالى ارتضاه ديناً للبشرية جمعاء لكل الأجناس والأمم التي تعيش على كوكب الأرض.. ومن هذا يقول الحق تبارك وتعالى لنبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم: {ومّا أّرًسّلًنّاكّ إلاَّ رّحًمّةْ لٌَلًعّالّمٌينّ} [الأنبياء: 107] وتستند مناهج التربية الإسلامية إلى حقيقة بيولوجية أساسية يقررها القرآن الكريم، ألا وهي أن كل الشعوب والقبائل البشرية ينتمون إلى أب واحد وأم واحدة، حيث يقول : {(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)} [الحجرات: 13] . وأتساءل هنا: هل قامت مجلة «التايم» الأمريكية بدراسة منهجية لتحليل مضمون الكتب السعودية للوصول إلى الحكم الذي يقول إنها تحض على كراهية الآخر؟ وما رأى «التايم» في التعليم الديني الإسرائيلي المتطرف الذي يدعو إلى العنف وابادة وقتل الشيوخ والنساء والأطفال من العرب المسلمين، بل والبقر والحمير والشجر كما ورد في «التوراة» المحرفة عن «يشوع بن نون» المقرر على تلاميذ المرحلة الابتدائية في إسرائيل؟ وما رأي مجلة «التايم» الأمريكية في كتاب (القدس: يهوذا والسامرة) المقرر على طلاب المرحلة المتوسطة وألفه رنا هبرون وقامت بنشره دار «عام عوفيد» والذي يبث مشاعر الكراهية للعرب والتحذير منهم؟! وما رأي «التايم» الأمريكية في كتاب تاريخ علاقة اليهود بالشعوب الأخرى في جزئه الثالث منذ الثورة الفرنسية وحتى قيام دولة إسرائيل، والمقرر على طلاب الصف السادس الابتدائي في المدارس الإسرائيلية، وقام بتأليفه «يعقوب كاتس» استاذ التاريخ بالجامعة العبرية في القدس «وموشيد هرشكو» المعلم بمعهد المعلمين الديني، ونشرته دار «دفير» للنشر في تل أبيب .. والذي يزرع في نفوس طلابه الكراهية تجاه الأغيار؟! وما رأي مجلة «التايم» الأمريكية فيما رصدته اللجنة العربية لمكافحة التمييز (COA) من صورة نمطية سلبية موجودة داخل مناهج التعليم الأمريكية عن العرب والمسلمين؟ حيث تصف هذه الصورة العرب جميعاً بأنهم «راكبو جمال»، «عبيد للرمال» و«بدو» وأنهم «محاربون»، «متطرفون» و«إرهابيون مغتصبون».....الخ وأن الرجل العربي «شيخ بترول» يريد شراء أمريكا، وغير متعلم، وفاسد.. الخ. كنا نريد دراسات علمية «أكثر موضوعية» و«أكثر نزاهة»، كنا نريد «أمانة علمية» فيما تورده «التايم» من معلومات وآراء... وأخيراً أقول «للتايم» الأمريكية: إن الإسلام كدين ليس تيارا فكريا أو ظاهرة وقتية، إنه دين له جذوره الضاربة في أعماق الكيان الإسلامي وأصوله راسخة لا يمكن ان ينال منه، فآياته من عند الله، لا يمتد إليها تحريف أو تبديل قال تعالى {إنَّا نّحًنٍ نّزَّلًنّا الذَكًرّ وّإنَّا لّهٍ لّحّافٌظٍونّ} [الحجر: 9] وأنه أرسل نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم للناس كافة حيث قال: {وّمّا أّرًسّلًنّاكّ إلاَّ كّافَّةْ لٌَلنَّاسٌ بّشٌيرْا وّنّذٌيرْا} [سبأ: 28]. وأن نظامنا التعليمي قاعدته العامة قول الله تبارك وتعالى: {(قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ)} [آل عمران: 64] .

*أستاذ المناهج وطرق التدريس/جامعة الملك سعود

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved